يظن بعض السياسيين أن موضوع الأخلاق شيء شخصي يترك للأفراد تقديره التزاماً أو تركاً !!! لقد توسع الناس في مفهوم الحرية الشخصية حتى وصلوا إلى الاعتداء على حقوق الآخرين بل المجتمع كله ، نعم المسألة تربوية لكن هذا لا يعني تركها ولا يعني عدم العناية بها ، نقبل الاختيارات في حدود الدين والعرف والقانون وحقوق الآخرين، أما أن يفعل كل واحد ما يشاء فهذا يعني التجاوز على حقوق الغير!!

إن المجتمع والدولة تدفع ضريبة يومية للانهيار الأخلاقي حيث يزداد عدد المرتشين واللصوص والفاسدين وعند ذلك تدفع الدولة والمجتمع ضريبة هذا الانحراف الأخلاقي حيث يقل الانتاج بعدم قيام هؤلاء بالعمل المنتج، كما ان هذا المنحرف يأكل أموال الناس الخاصة والعامة بالباطل ويشجع غيره على هذا العمل المشين ، وإذا قبض عليه فإن الدولة ستودعه السجن وهناك لابد من إطعامه ورعايته والصرف عليه وكل هذا على حساب الموازنة العامة للدولة.

إننا في الأردن كنا نسمي الوزارة ( وزارة المعارف ) ثم غيرناها إلى وزارة التربية والتعليم ،فلماذا من الناحية التطبيقية تراجعت التربية ؟ لماذا صرنا نسمع عن القتل البشع في كل يوم وفي كل مدينة ؟ لماذا تحولت جامعاتنا إلى ساحات داحس والغبراء من أجل حفنة لم تأت للعلم ولا لطلبه ؟! لماذا نسند الأمر إلى غيرأهله ؟ هل المحسوبية التي يلعنها الجميع موجودة عند الجميع ؟ وهل الشللية لا تزال ذات قوة ضاربة ؟ ومع كل هذا نتحدث عن الشفافية !! ( لم تقولون ما لا تفعلون).

على الدولة والمجتمع الوعي التام بأن الأخلاق ليس موضوعاً ترفياً بل هو تربوي اقتصادي اجتماعي سياسي !! من قال إن سيئ الأخلاق محصن من بيع الوطن وأسراره ؟ حدثني مسؤول مطلع عن شخص وعائلته أنه يوم شعر أن البلد في خطر قبل أربعين سنة حزم حقائبه وغادر حتى زالت الغمة ثم رجع ليبدأ الخطابة عن الوطن والوطنية والانتماء!!!!!! وسمعت مسؤولاً يلعن الفساد والمفسدين وهو غارق فيه حتى شحمة أذنيه !!!!

إننا بحاجة لمراجعة الذات لنعود من جديد إلى التربية والأخلاق فالتطور التكنولوجي لا يقتضي الانهيار الأخلاقي بل على العكس فالتطور الحقيقي يتطلب وجود أناس متحضرين أخلاقيين ولا أدل على ذلك من دولة وثنية كاليابان التي تعتبر الأخلاق هي السلم الحقيقي للتطور. (الدستور)