مطيع حماد...حابس علي......علاوي جراد......مسيب سلمان...وغيرهم.. نماذج لالاف الرجال الذين لا زالو موضع تقدير واعجاب وتقليد للذين تتلمذوا على ايديهم او عملوا تحت امرتهم....لا يظهر اسم العائلة في اسم اي من هؤلاء الرجال......فقد دخلوا في سلك الجيش ليتغيروا ويغيروا......فهم ومن اليوم الاول سيسيرون في درب لا مكان فيه الا للعمل الجاد المخلص
في صفوف الجيش يتنافس الجميع على تحقيق المعرفة ...والتحلي بالانضباط...واتقان المهارات الادارية والقتالية........اسماء العائلات لا تقدم ولا تؤخر.....فمؤسسة الجيش مثل التعليم "في تلك الايام" اخذت على عاتقها صهر الجميع في بوتقة الوطن لا فضل لاحد على اخر الا بالعمل........
انا لا اعرف مطيع حماد شخصيا....ولم اقابله الا في شتاء العام الماضي....عندما التقينا صدفة على دعوة عشاء في منزل احد الاصدقاء المشتركين.........امضيت جل الوقت في ذلك المساء....وانا اتأمل ملامح الرجل السبعيني الذي بدا لي وكانه يستعد لطابور التفتيش الصباحي.....يتهيأ لرد تحية رئيس اركان فرقته او ضابط الميدان الذي تقدم باتجاهه في خطوات عسكرية تنتظم على وقع الحذاء الذي يذرع اسطح الميدان.
هيء الي ان السرايا اصطفت بانتظار ايماءاته لهم تعبيرا عن الرضا وايذانا بمباشرة العمل اليومي الذي سينتظم كما انتظم في كل يوم واسبوع وشهر منذ تأسيس هذه التشكيلات التي تقتات على العز والحب والكبرياء.
.على وجه مطيع حماد تركت شمس الاردن بصماتها فصارت وجناته من لون شيحان والشراة والحمة وام الرصاص معا، ولا زال الرجل صاحب الملامح الواضحة والصوت الحازم والحس العميق بالكرامة يشعر ويفكر ويتحدث عن فرقته ورفاقه وجنوده وكأنه لم يغادرهم....
مطيع بدا لي مثل مقاتلي الجيش الامبراطوري الياباني......يتحدث عن رؤساءه ومرؤسيه بمحبة ورومانسية ورفاقية عالية لم تفسدها التجارة والشللية والدورات والبعثات والمياومات والتنفيعات.
تذكرت وانا ارقب الرجل القصص التي كان يرويها ضابط الصف الذي كان احد مرتبات قيادة الفرقة التي قادها مطيع حماد في سبعينيات القرن الماضي.......بالنسبة لقريبي عوض كان مطيع حماد قائدا اسطوريا يضفي الهيبة على الجبال والوديان التي ينتشر فيها جنود فرقته. كان بمقدور القائد الذي تفيض روحه حبا وعنفوانا وانتماء ان يشيع في نفوس عشرات الضباط والاف العسكر من المعاني ما يكفي لجعلهم يتحملون حرارة صيف الاغوار وبرودة جبال عجلون ويجدون في اجازة تحسب بالساعات متسعا للقيام بواجباتهم الاسرية مساحات للفرح والاحتفاء بمظاهر الحياة والخلود.
وكما مطيع حماد يذكر حابس علي ذياب جيدا كل الوحدات التي كان فيها مقاتلا وقائدا....وكل المهام التي تدافع ورفاقه على ادائها بكل مشاعر الاقدام التي تعلموها من تنشئة الاباء وجاءت الجندية لتصقلها وتدمجها في معاييرها الفذة.
كان الشباب يتسابقون على تمثل قيم الجندية وتطبيق المعاني التي لا يختلف اثنان على سموها.........
لقد وجهت الغريزة والفطرة ومعاني الرجولة التي زينتها قيمنا قبل ان ينال منها اقتصاد السوق سلوك القادة والافراد الذين تركوا اثارا حملها لنا من عاصرهم......فسلوكهم كان ابويا عندما تكون الحاجة الى ابوتهم....وقياديا في كل المواقف........ونبيلا ....شريفا.....نزيها ......يتسابقون على العطاء والايثار
هكذا كانت الشخصيات التي اسست لنا الارث العسكري الذي لا زال عصيا على الاستنزاف......علاوي جراد......ومسيب سلمان.....وصالح شويعر...محمود حماد.....عبدالحافظ مرعي.......هكذا كانت الاسماء للرجال..........قبل ان يتم تجنيد العشيرة.