صباح اليوم تم توقيفي من قبل دورية سير على الطريق الصحراوي الواصل بين المفرق والزرقاء... وكانت رخصة السيارة ليست بحوزتي اذ كنت قد تركتها لدى شخص استخدم السيارة ... فقامت الدورية بتحرير مخالفة لي ..
بالطبع كنت قد قلت لمحرر المخالفة اعلم اني مخالف حسب نص القانون... لكن هذه مخالفة ليست خطرة حسب علمي... ورغم ذلك تبقى مخالفة .وبدوري اعتذرت عن المخالفة .

في الاثناء والى ان انهى تحرير المخالفة وتحرير سند وصل مالي بقيمتها تراكمت جملة من المخالفات اكبر من المخالفة التي ارتكبتها بكثير..

الاولى : انه تم تحرير مخالفة عدم اظهار رخصة المركبة دون التأكد - كما لاحظت - من ان السيارة تعود لي وفيما اذا كان هناك تعميم يفيد بسرقتها ام لا. بمعنى اني شعرت بحدود تقديري انه يمكن مخالفة سيارة مسروقة.

الثانية : تم تحرير المخالفة بدون التأكد ايضا فيما اذا كانت الرخصة منتهية ام لا ...

وهذه الاجراءات كان يمكن التأكد منها ببساطة من خلال الاجهزة المتوفرة لدى الدورية وبسرعة هائلة وعندها كنت ساجد مبرر للمخالفة اكبر قيمتها المادية، ففي اقلها اني كلفت موظفا عاما بالقيام بسلسلة اجراءات اساسية تحقق الغاية من وراء اعتبار عدم اظهار رخصة اقتناء المركبة.

وفي الواقع، بعد ان دققت في النقطتين السابقتين وبطريقة الاجراءات التي تمت، شعرت انها مخالفة مهمة نتيجة لما يترتب على عدم ابراز رخصة اقتناء المركبة من تبعات.

الثالثة وهي الاخطر: اثناء انتظاري عند الدورية قام احد افراد الدورية بتوقيف سيارة مدنية تبين انها كانت تقل افراد من الامن العام... فكان الاجراء بان سمح لها ان تنطلق بدون حتى ان يلقي نظرة واحدة على رخص السيارة والسائق. واضن ان المشهد تكرر مع السيارة التي تلتها.

عندها قلت لمسؤول الدورية كيف يمكن ان نفسر هذا السلوك ألا ترى انكم ارتكبتم مخالفة اكبر من مخالفتي... ألا تعتقد ان مثل هذا المشهد يكرس فكرة بالغة الخطورة، الا وهي عدم الثقة في امكانية تطبيق القانون على الجميع حتى يبقى القانون في موقع الاحترام ...

ثم الا ترى ان مثل هذا السلوك يجعل الاخر مثلي يحتج على مخالفته ويدفعه للتعامل بطريقة غير لائقة مع من يقومون بتطبيق القانون.وانه رغم مخالفته للقانون الا انه يرى انه مظلوم، وان ذلك يؤثر سلبا على صورتكم وعلى صورة القانون بل انه يقوض مركزية القانون ووظيفته في الحياة العامة... ثم ألا تعتقد ان البعض يرى انه قد تمت مخالفته قصدا عندما سمح للأخر ان ينطلق بدون تدقيق...وانه يمكن ان يفسر هذا التصرف بألف طريقة، وقد سمعنا ربطا مؤلما عند الناس ..

فالبعض كان يقول لاني من هنا او هناك تمت مخالفتي، رغم ان من قام بهذا السلوك لم يتصرف بهذا الوحي ... ثم إلا تعتقد انه لا يجوز التصرف بهذه الطريقة مع المواطنين والتعامل معهم وكأنهم لا يرون ولا يفهمون ما يدور حولهم..

تألمت كثيرا من هذا المشهد الذي يتكرر للأسف .. وكثيرا ما سمعنا من ناس عن مثل هذه التصرفات التي يعتقد من قام بها انه تصرف بوحي الزمالة او القرابة او المعرفة، وهو لا يدري انه يرتكب مخالفة كبيرة بحق القانون. القانون والإنصاف في تطبيقه الذي يشكل احد اهم ركائز الاستقرار وبعث هيبة الدولة ومصدر احترام الانظمة والقوانين المختلفة. وان تراكم مثل هذه المشاهدات البسيطة تلحق ابلغ الاذى بالقانون وبالثقة في تطبيقه بشكل منصف في مجالات اخرى، هذه الثقة التي تجعل من القانون في مكانة علوية ومقبولا من قبل الجميع.

ثم إلا ترون على سبيل المثال لو ان مراقبي الابنية في البلديات تصرفوا بمثل هذا المنطق، منطق الزمالة لانتشرت مخالفات التنظيم والأبنية وعمت العشوائيات والفوضى. إلا ترون لو ان منطق كهذا عم كافة مؤسسات الدولة لتحول كل شيئ الى فوضى.

اقول تطبيق القانون بطريقة منصفة وواضحة امر حيوي واهم من اي شيء سواه اذا كنا نريد فعلا ان نبني بلدنا على اسس راسخة وإذا كنا نريد ان نعظم من فكرة احترام القانون.

ولعدة اعتبارات قمت اولا بالاتصال بإدارة السير على الرقم 194 وأعلمتهم بما حدث والثانية اني كتبت ما حصل ليعلم الجميع خطورة مثل هذه المخالفة وبأنها رغم كونها تصرف فردي وقد يكون صادرا بحسن نية إلا ان ذلك لا يعني انها ليست مهمة ولا تترك اثارا سلبية، وانه ينبغي ان يوجه ويحاسب من قام بها. وانه ينبغي علينا ايضا القيام بدورنا في الدفاع عن مركزية القانون في حياتنا فهذا جزء اصيل من مهمتنا كمواطنين ننشد الصالح العام.

هذه بالقطع مشاهدة وليست نهجا لجهاز ادارة السير، نأمل ان يتم التعامل معها بجدية، ويبقى القول اننا نقدر دور كل العاملين في ادارة السير ونقدر جهودهم الكبيرة التي يقومون بها ضمن ادائهم لواجبهم الوظيفي، وان الاشارة لمثل هذه التجاوزات انما هي من اجل الصالح العام وللتذكير بان اكثر صور التعامل المباشر ما بين المواطنين والقانون تكمن في قانون السير وتطبيقه.