قبل أيام قليلة تم إرسال مسودة قانون ضريبة الدخل الجديد إلى مجلس النواب الذي قام بدوره بتحويله إلى اللجنة الاقتصادية لدراسته ليصار لاحقاً إلى إقراره تمهيداً لتنفيذه ، وبين مؤيد ومعارض للقانون يقف المواطن الأردني بإنتظار ما ستسفر عنه جلسات المناقشة ليتعرف بما لا يحمل الشك عن مقدار العبء الضريبي الجديد للعام الجديد !

تضمنت أبرز التعديلات على قانون الضريبة نص المادة رقم (11) من القانون المؤقت رقم (28) لسنة (2009) والذي طبق للسنوات 2010 وحتى تاريخه حيث كان معدل الضريبة على الشخص الطبيعي والمعنوي لا يتجاوز (14%) مع وجود بعض الاستثناءات لبعض القطاعات التي وصلت فيها النسبة المئوية إلى (30%) لقطاع المصارف !!

تضمنت مسودة مشروع قانون ضريبة الدخل الجديد التي تم دفعها إلى مجلس الأمة فرض ضريبة دخل على البنوك بنسبة (20 %) لأول 100 ألف دينار وما زاد على ذلك يخضع لنسبة (35%) !! كما تضمنت فرض ضريبة دخل على شركات التأمين والتأجير التمويلي والصرافة والتعدين والاتصالات لأول 100 ألف دينار بنسبة (20%) وعلى ما تلا ذلك من دخل بنسبة ضريبة (25%).

بناء على ما سبق بات واضحاً للعيان بأن الشركات التجارية والصناعية سوف يرتفع عبئها الضريبي من (14%) إلى (20%) !! كما أن العبء الضريبي على المصارف سوف يرتفع من (30%) إلى (35%) حيث أن ال100 ألف المشار إليها بالتعديل لا تشكل أي فرق ضريبي إذا ما أخذنا بعين الإعتبار أن أرباح المصارف عادة ما تكون في ملايين الدنانير ، وعليه فإن تطبيق المادة رقم (111) من الدستور الأردني التي نادت بالتصاعدية جاءت على إستحياء ودون أن يكون لها أي أثر فعلي في تطبيق التصاعدية !! أما قطاع الإتصالات والتأمين فيبدو أنه سيكون أقل القطاعات ضرراً في مسودة هذا القانون فقد إرتفع العبء الضريبي من (24%) إلى (25%) مع الأخذ بعين الإعتبار ال100 ألف دينار الأولى والتي تخضع لنسبة ال(20%) !!

تدرك الحكومة وخبراء الإقتصاد على أن الشركات لن تفرط بأي حال من الأحوال في أي هامش ربح خصوصاً في ظل هذه الظروف الاقتصادية الحرجة ، كما يدرك الكثيرون على ان الضريبة تمثل جزءاً من الكلفة التي سوف تتحملها أي منشأة صناعية كانت أم تجارية وعليه وأنه وفي حالة إقرار مسودة القانون فإن من المتوقع أن ترتفع أسعار الكثير من المنتجات والخدمات بواقع (6%) مما يعني إرتفاع معدل المستوى المعيشي وإرتفاع التضخم وإنخفاض الطلب !!

إن إصرار البعض على النظر إلى الاقتصاد من زاوية واحدة وهي زاوية التحصيل والنظر إلى القوانين الاقتصادية بمعزل عن بعضها البعض قد يؤدي إلى إنكماش الاقتصاد الوطني الذي عانى خلال السنوات الماضية من العديد من الصدمات إلا أن التحويلات الخارجية من المغتربين الأردنيين وبعض الخطط الاقتصادية الخجولة ساهمت في صمود الاقتصاد الأردني وتحقيق بعض النتائج الإيجابية.

إن دعم المشاريع المتوسطة والصغيرة وقطاع التعليم والصحة والسياحة وتحقيق مفهوم الإستثمار الأمثل وتحفيز دور القطاع الخاص يقضي بأن تكون قوانينا الإقتصادية أوضح رؤية للمستقبل وأن لا تنحصر الرؤيا في زاوية على حساب كثير من الزوايا !! فقانون ضريبي تحصيلي وقانون إستثماري خجول لن يكون لهم دور في دفع عجلة النمو الإقتصادي !

ختاماً يتعين على الحكومة ومجلس الأمة أن يواجهوا الحقائق الإقتصادية والإجتماعية بنظرة أكثر شمولية، فالفقر والبطالة والدين العام ومعدلات النمو الاقتصادي والتصدير وتنمية المحافظات والمعدلات الضريبية والحوافز الإستثمارية والنمو السكاني والناتج المحلي ومخرجات التعليم العالي والمساعدات الخارجية وغيرها من الأمور يجب أن يتم النظر إليها بشكل شمولي مترابط وليس بمعزل عن بعضها البعض فقانون الاستثمار وقانون ضريبة الدخل وقانون الجمارك وقانون الموازنة وغيرها من القوانين الاقتصادية إذا لم تنعكس في نتائجها على الوطن والمواطن فإنه وفي حكم المؤكد كان ينتابها القصور !