facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




بيت صفيح .. *ناهض الوشاح

15-02-2014 02:25 AM

أيّ أمنية تطلبها أماني من قدر تركها تفتح عينيها على عتبات المخيم.وسيّجت طفولتها يد الموت تفقد والدها وهي ما زالت تحبو على أرض قلقة وسقفُ صفيح يستر فراشا باليا ..صندوق خشبي يضم ملابسهم ... وقليل من الأغطية التي قرظتها الجرذان ..

تتلو الحرمان في قلبها .. وتنسج من ظلمة الليل طريق مسدود... فقر تتلوه أصابعها تنغمس في المتبقي من صحن طعام تركه الجيران لها ولأمها الضريرة .

مفرطٌ هو الفقر حين يُولد معك ... يتغذى من رحيق طفولتك .. من وهج عينيك .. من انحناء روحك يصحبك أمام كل العيون التي تراك .. وربما يواسيك إلى مثواك الأخير .

زقاق تتوسطه مزاريب الماء الآسن ... خربشات تغزو جدران الزقاق ... منها المقروء ومنها اللامرئي ...
خارطة فلسطين معلقة بريشة رسام مبتدئ ... عائدون مكتوب من تحت الخارطة ... تلتفت إلى ناحية جدار آخر ... نموت وتحيا فلسطين .

طفولة مهترئة تركض خلف قط يطارد ظله ... امرأة تتأبط طفلتها تمتص إصبعها بدل ثدي أمها .
موجع ذلك المستقبل تنظر إليه أماني دون أمل ... دون أب يحملها بين ذراعيه ليذهب بها إلى السوق ... يشتري لها ملابس جديدة أو حتى لُعبة صغيرة تُهدهدها قبل نومها وتُشركها أحلامها.
تذرفنا الأيام على مهل ... وتجذبنا السنون نحو مصير نُدركه بعد الوصول إليه .

تذرف الأم دمعهتا .. وتضم إليها ابنتها ... لا تحزني إن الله مع المنكسرة قلوبهم.
تكبر أماني ويصغر المخيم ... الباب يطرقه رجال المواسم ... يحملون في جيوبهم المال وفي عيونهم الأمل .. وفي أيديهم أكياس الطعام يوزّعونها حسب كل أسرة محتاجة ... وحسب مواصفات الشكل إن كان لباسه مزريا أو معالم وجهه تدل على أنه لم يتناول الطعام منذ مدة ... أيهم أكثر فقرا يحصل على طعام أكثر .
***

مكبلة هي الاحلام كما يدي أماني تداعب قطا يبحث عن بقايا طعام تركته الأيدي الفارغة على عتبات البيوت ... يمد لسانه يلعق المتبقي في زوايا العظم وينظر بعينيه إلى أصابع رقيقة تداعب جلده ... ليتني كنت مثلك !
لا فرح ينتظرني لا حزن يبكيني .. لا شيء يهمني. قامت من مكانها وذهبت صوب امرأة تنادي من خلف الباب ... إن كان الإنسان لا يفهمنا فكيف بهذا الحيوان .
***
قال الناس لي إن لديك بنتا وانا أبحث عن عروس لابني ... هزت أم أماني رأسها ... وارتسمت البسمة على شفتيها ...
تم الأمر سريعا .. قليل من النساء .. وبضع رجال .. وزُفت أماني إلى كارم !
رحلت من بيت صفيح إلى بيت صفيح آخر ... ليت الأقدار تتغير .. هيهات حين تتفتح عيونك على صراخ أطفال .. وعلى أصوات نساء يتحدثن فيما بينهن .. وعلى رائحة النفايات تملأ الجو .. لن تتغير الامور حتى لو أعلنت لمن حولك إنك ميت بروحك حي بجسدك ..

هو الهوان ما تجده حين تسكن في القاع . ولن تمطر السماء لؤلؤا مادامت الارض منتهانا .
***

دخلت أماني الى بيت زوجها .. فراش على الارض ... أدوية بجانب الفراش .. كرسي لا يحتمل الجلوس عليه ... مرآة مشروخة تستند على قطعة خشب . اغمضت عينيها لعل ما تراه ليس حقيقة ... ولكن أنّا يكون حلما.. .. هي الحقيقة تُسقط على راسها كل ثقل الحياة .

بدّلت ملابسها بحيث أنها رأت البدلات البيضاء على بنات سنها ..لمستها .. أسدلت عينيها على حلم راود جفنيها للحظات .. ولكنها الآن تجلس بجانب كارم كما كانت تجلس بجانب أمها .. حاولت التكلم معه بما أنه لم ينطق بكلمة منذ أن أحضرته أمه وزوّجته إياها .. تكلمت قطعت ظلام الصمت بسكين الخوف والتردد .. ولكن كارم لم ينطق ببنت شفه .. حيث أشار بأصابعه أنه لا يستطيع الكلام ... !

هو البحر لن يحتمل صراخي .. هي السماء تضيق ذرعا بمأساتي .. هو الوجع حين يمتزج بالفقر سصبح شيئا مخيفا .. يُشرع بالتهامك .

***
ثقيل هو الزمن ... نجتره ببطء .. نبصر فيه عذابات الآخرين دون أن ندرك سبب هذا العذاب ..!
يأتي الصباح بنسمات باردة .. أوراق الشجر تسقط على الارض .. والأغصان تترنح من فوقها العصافير تغادر أعشاشها ...

نادت جارة على أم أماني .. لتبارك لها زواج ابنتها .. لم يجبها أحد .. طرقت الباب .. لا أحد هناك .. فراغ يجتاح المكان... ولج الخوف قلب المرأة فنادت على الجيران .. كسروا الباب ... لا أحد هنا ... سوى جسد يغطّيه الصمت ...!

أبواق السيارات .. صراخ الأطفال .. الماء يتفجّر من أنابيب أنهكها طول الزمن وقلة الاهتمام
دخلت أم كارم على ابنها تحمل له إفطار الصباح.. مسدت شعره ... ابتسم في وجهها .. حركت يديها بإشارات فهم منها أن يوقظ أماني. مد يده على كتفها .. هزّها .. لكنها لم تستيقظ حاول قلبها فكان الصمت يطبق على جسدها .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :