يقال والعهدة على الراوي : إن شيخ قبيلة ما تسكن أرض الوطن العربي الكبير ، كان يقوم بزيارات دورية تفقدية لمناطق وجهات تتبع قبيلته ، وكان الكثير من الأتباع والأقارب يقدمون له الهدايا تقربا واحتراما ، وكان يتفحص كل هدية فور تقديمها له ، وسرعان ما يحدد أهمية وقيمة الهدية ، فكان يحتفظ بالهدايا الثمينة كالخواتم الذهبية والخناجر المطعمة بالأحجار الكريمة بحزامه ، أما الهدايا الرخيصة فكان يطلب من خادمه أن يضعها في خرج حصانه بقوله : " حط بالخرج " . وسرعان ما عرفت القصة ، وذهب القول : " حط بالخرج " مثلا لعدم الاعتماد على أمر قليل الأهمية أو عديم القيمة ، أو لا طائل تحته ، فلا ُيعّول عليه .
كم نسمع عبر المحطات التلفزيونية الفضائية ، وعبر الإذاعات ، ونقرأ على صفحات الجرائد ، من تصريحات رسمية وشبه الرسمية ؟ من قريب ، ومن بعيد ؟ ومن الوطن ، ومن الجوار ؟ كم نسمع من معلومات وبيانات ؟ وكم نجد التناقض الصريح بينها ؟ وكم نسمع تصريحا لا يفهم منه شيئا ؟ كم من تصريح ناري الكلمات لا يحقق غاية أو فائدة ؟ كم من بيان ينسخ بيانا آخر لم يجف مداده بعد ؟ وكم من أوامر وتعليمات وإرشادات وتوجيهات لم تلقى أذنا صاغية من أحد ، ولم تنفذها بعض الجهات لسبب أو لآخر ؟ .
لو خصص كل منا خرجا لوضع ما يستحق به ، ووضعنا كل غث فيه ، ومن الخطب الجوفاء ، وكلمات ضاع الوقت بسماعها ، وتصريحات ووعود مستحيلة المنال ، سيطفح الخرج بما فيه خلال أيام ، ولن يكفي خرج أو أكثر لوضع المزيد من بضاعة " حط بالخرج " .
أقترح إما شق الخرج من أسفله لضمان عدم امتلائه ، أو استبداله بحاوية ضخمة تفرغ محتوياتها على فترات متقاربة .

haniazizi@yahoo.com