أن يصل الجشع، وأن تغيب اﻹنسانية عن قلوب وعقول فئة من الطامعين بعرض زائل من الحياة الدنيا، لتصل إلى "لقمة المواطن" الذي يكد ليل نهار ليوفرها ﻷسرته فتصبح سما زعافا يسري في بطونهم، تسلب منهم العافية والصحة، التي نردد بالسؤال عنها بعد تحية السﻻم، فيصيبهم المرض، ويلحق بهم أشد أنواع اﻷذى ؛ فذلك أمر - وبهذا الحجم عشرات الأطنان بل مئات من الدجاج الفاسد - يصعب على عقولنا تصوره وتصديقه؛ وبخاصة ونحن نردد الحديث النبوي الشريف:" ﻻ يؤمن أحدكم حتى يحب ﻷخيه ما يحب لنفسه".

لم نكن نعلم وﻻ نتصور في بلدنا الغالي أن تكون قضية الدجاج الفاسد التي تفجرت اﻷسبوع الماضي بهذا الحجم وبهذه القسوة وعدم الرحمة بحق الوطن والمواطن اﻷردني الفقير والمعوز؛ عندما تم اكتشاف عشرات اﻷطنان منها في لواء المزار الجنوبي بمحافظة الكرك لتمتد وتشمل عددا من المحافظات كمعان وعمان ومحافظان أخرى.

وإن كنا نشيد باﻹجراءت القانونية الرسمية التي تمت لمحاسبة المتسببين بالقضية، وبخاصة من قبل النائب العام التي تؤكد اﻻنحياز للوطن والمواطن، وبحيادية جهازنا القضائي الذي هو موضع اعتزازنا وفخارنا؛ فإننا نحمل في الوقت نفسه الحكومة مسؤولية هذا اﻷمر. وندعو أيضا إلى تحميل أصحاب الشركات والمطاعم المعنية هذه المسؤولية وعدم إلقائها فقط على عاتق السائقين ومندوبي المبيعات، وعدم اﻹصغاء ﻻدعاءات هذه الشركات بأن بيع الدجاج الفاسد كان بقصد استخدامه سمادا، وعدم تصديق إدعاءات المطاعم التي ثبت تورطها بأنها قامت بشراء هذا الدجاج من الشركات المعنية في الفترة المحددة؛ أي أن المسؤولية اﻷساسية إنما تقع على عاتق هذه الشركات والمطاعم.

إنني أدعو الى عقوبات رادعة بحق متداولي الغذاء الفاسد، وأتطلع الى ذاك اليوم الذي نرى فيه وﻻ نسمع عن حاﻻت مرضية بالتسمم الغذائي الذي يعد الغذاء الفاسد من أكبر أسبابه، إضافة الى ما يشكله من كلف اقتصادية على موازنة الدولة لعﻻج اﻷمراض الناتجة عن هذا الغذاء الفاسد.

حمى الله اﻷردن وأهله عزيزا معافى في ظل قيادتنا الهاشمية الحكيمة.