في ذات يوم لاهب من ايام معسكر الزرقاء، كان السرور يغمرني، فيوم الخميس هو يوم الإجازة الأسبوعية من التدريب الشاق في معسكر الفرقة الثالثة القابع في نهاية طريق على زاويته الأولى كتيبة الدبابات ١٤ الملكية مسرح حكايتي.
ارتديت "التكميل" وخرجت بانتظار "الكونتنتال" التي ستقلني الى مجمع الزرقاء، ولأن الحلو لا يكتمل فالشاحنة ستتأخر حسب "وكيل القوة" الذي وزع الإجازات.

لكن وجود الإجازة في جيبي كان كفيلا بدفعي لمغادرة المعسكر سيرا فالمسافة ليست بعيدة حسب صديقي رائد "شو أربعة خمسة كيلو؟"
وبينما نحن سائرون كاد "كوع" رفيقي أن يخترق خاصرتي وهو يهمس "وك شوف الأمير عبد الله طالع إجازة زينا !".

في تلك اللحظة أدركت أن رفيق الطريق لا يعلم أن سمو الأمير هو قائد الدبابات "أربعطعش"، وأنه يتبادل حديثا تخللته الضحكات مع "غفير الباب".
هنا عزمت أن أقطع الشارع وأتوجه إلى الأمير لمصافحة تلك الكف التي لم تقيدها حراسة فهي في أكثر الأماكن أمانا بين رفاق السلاح.

وما أن هممت بخطوتي الأولى حتى علا هدير "روفر" قائد الفرقة، وملأ غبار الزرقاء الذي تعرفون المكان، أمر عادي أن يمر "القايد" وأمر عادي لمن لا يعرف العسكرية الأردنية أن يتأهب الأمير لأداء التحية للعميد، لكن الغريب أن هذا المرور المفاجئ جمد قدمي لأداء التحية الواجبة، وأجل تلك المصافحة تسع سنوات لتتحقق بعيدا عن لهيب الزرقاء.

وفي ردهات أحد فنادق واشنطن، تحققت الأمنية حيث كان يقف نفس الأمير بذات التواضع وذات الهيبة التي لم يغيرها اللباس المدني البسيط بساطة "الفوتيك"؛ لأقول ببساطة الأردنيين "قوك سيدي".