خلال اكثر من ربع قرن سيطرت جماعه الاخوان المسلمين على نقابه المهندسين سيطره كامله واصبحت مركز ثقل لهم ودليل قوتهم . وفي هذا العام تغير الحال بحال . وحتى نستوعب ما حدث واسبابه لابد من العوده للأساسيات . فقد كان يتنازع على انتخابات هذه النقابه على الاغلب قائمتين وهما القائمه البيضاء والتي تمثل جماعه الاخوان المسلمين والتيار الاسلامي والقائمه الخضراء والتي كانت تضم نسيجاً متناقضاً اكثر منه متفق من مختلف الاتجاهات السياسيه من قوميه او يساريه او ممثله لتنظيمات فلسطينيه او مستقلين .

وكانت في كل انتخابات تجري اتفاقات وكولسات علنيه وأخرى من تحت الطاوله . وكانت تعقد تحالفات تنهار عند وصول كل ناخب لصندوق الاقتراع . ولكون اصحاب التيار الاسلامي جسم واحد ورأس واحده على عكس القائمه الاخرى التي كانت تتكون من عده اجسام ورؤوس فقد كانت النتائج دائماً تصب في صالح التيار الاسلامي ولم يكن ينجج من القائمه الأخرى الى بمقدار ما يوافق عليه اصحاب الاتجاه الاسلامي .

ولهذا فقد سيطروا هم على امور النقابه في الاعوام الماضيه وانفردوا فيها الى ان جائت انتخابات العام الحالي وجائت بنتائج مغايره وشكلت ضربه قاسيه لاصحاب التيار الاسلامي افقدتهم الرشد والعقل .

اما لماذا حصل ذلك فله عده اسباب . فمن ناحيه الاسلاميون فيبدوا انهم ومن خلال ثقتهم بأنتصاراتهم السابقه والتي وصلت الى مرحله الغرور ومرحله الثقه الزائده بالنفس لم يدركوا المتغيرات التي جرت على الارض . فلم يدركوا اهميه وتأثير الخلافات والانقسامات الداخليه التي حصلت بين صفوفهم والتي لا يزالون يصرون على انها هامشيه وليست ذات وزن وقيمه . بل انهم وقبل الانتخابات بأيام قاموا بعمليه تغيير في قياده حزبهم جبهه العمل الاسلامي بأزاحه زكي بني ارشيد عن رآسته والذي كان معروفاً سابقاً انه من كبار صقور جماعه الاخوان المسلمين الا انه وبعد الافراج عنه من سجنه وعودته لرآسه الحزب تبنى نظريه المقاربه بين اجنحه حركه الاخوان المسلمين ومحاوله اعاده اللحمه اليها ويبدوا ان ذلك لم يعجب باقي صقور هذه الحركه فعملوا على تغييره وتعين محمد عواد الزيود مكانه دون ان يدركوا مدى تأثير ذلك على وضعهم وعلى انتخابات ام النقابات القادمه والتي ولا بد وان تجعل بعض اعضاء الحركه من انصاره ان يمتنعوا عن التصويت اذ لم يصوتوا لصالح القائمه المنافسه لهم . ولم يكتفوا بذلك بل فقدوا الكثير من الاسلاميين المستقليين نتيجه تهميشهم لهم واعتبارهم في الجيب الى درجه دفعت شخص من قيمه ووزن ليث شبيلات ان يقف ضدهم ان يدعم القائمه المنافسه لهم . كما ان اصرارهم على ترشيح النقيب الاسبق للنقابه المهندس عبدالله عبيدات دون الأخذ بالاعتبار معارضه قسم من اعضائهم لهذا الاختيار كان له دوره بهذه النتيجه .

اما من الناحيه الاخرى فقد استوعبت القوى المعارضه للاسلاميين درسها . وهي التي تمثل تحالف المستقلين واليساريين والقوميين واعدت للانتخابات بشكل جيد وتناست خلافاتها وابتعدت عنها وتم اختيار المهندس احمد سماره الزعبي للترشح لمنصب النقيب والمهندس فوزي مسعد لمنصب نائب النقيب وكليهما يتمتعان بالسمعه الجيده ولديهما قاعده شعبيه واسعه كما ترشح عن هذه القائمه اربعه مرشحين لعضويه مجلس النقابه والتي اطلق عليها أسم ( نمو )وجعلوا شعارها التغيير . وبذلك تمكنوا من جمع كل انصار التغيير بغض النظر عن اتجاهاتهم وارتباطاتهم حولهم مما ادى وعند اجراء الانتخابات الى تحقيق فوز كاسح على قائمه الاتجاه الاسلامي ونجاح مرشحهم لمنصب النقيب ولمنصب مساعد النقيب ونجاح جميع مرشحيها للمكاتب الهندسيه التي ترشحوا لها وعددهم اربعه بالاضافه الى فوزهم في وقت سابق برآسه هيئه المكاتب والشركات الهندسيه تاركين اربعه مقاعد للقائمه البيضاء من أصل أحد عشر مقعداً .

واثناء فرز الأصوات وظهور بواكير النتائج التي كانت تشير الى تقدم قائمه نمو على قائمه الإسلاميين فقد البعض منهم أعصابه من هول المفاجئة وشده الضربه . فألأخوان المسلمون الذين اعتادوا على النجاح بهذه النقابة هالهم ان يجدوا أنفسهم يخسروها وهذا يفسر التعليقات الحاده التي كتبها النائب الاخواني سعود ابو محفوظ على صفحته على الفيسبوك وكال بها الشتائم لزملائه المهندسين من قائمه نمو ومن انتخبوهم والذي وصفهم ببقايا اليسار والعلمانيين والليبراليين وأبناء الطوائف وفصائل حركه فتح القدامي والجدد وفروع القوميين والناصريين البعثيين والماسون والمستعربين واللادينيين والمثيليين ، وبدعم من الحكومه بكل اجهزتها بما يجوز وما لا يجوز . أي كل الناس باستثناء الاخوان المسلمين وهذا يدل كم هم إقصائيون وكم هم يرفضون الآخر وكيف ان الديمقراطيه عندهم هي باتجاه واحد الذي يوصلهم للسلطه والتي يجب بعد ذلك ان تبقى حكراً عليهم وان نزعها منهم بطريقه ديمقراطية هو امر مرفوض . وان من يقومون بذلك يستحقون ابشع انواع الشتم والنقد لأنهم تجرؤ وفعلو هذا الفعل المشين .

هذا ولم ترد قائمه نمو على الهجوم. وإنما أعلنت وعلى لسان النقيب الجديد احمد سلامه الزعبي عن انتهاء عهد قائمه نمو وبدايه عهد القياده الجديده للنقابه والتي سوف تعمل من اجل مصلحه وخدمه جميع أعضائها . وإنما تصدى لهم عضو مجلس النواب الأسبق والقيادي الاسلامي المعارض الشرس ليث شبيلات منتقداً ما قاله ابو محفوظ وما احتواه كلامه من شتائم اتهامات ومطالباً جماعه الاخوان المسلمين بالكف عن هذا النهج .

هذا وكل الامر يتعلق بنقابه فكيف لو كان الامر يتعلق بحكم او رآسه وما هي ردود الفعل عندهم فيما اذا وصلوا اليها ثم فقدوها ؟ .

أنني اذ ابارك لقائمه نمو هذا النجاح لأرجو ان تتحول وعودهم الى وقائع وحقائق على الارض وان تعمل على تحقيق مصالح جميع أعضاء النقابه بغض النظر عن توجهاتهم ومواقعهم وانتمائاتهم وحمايتهم وتحقيق مطالبهم وان لا تركن لنجاحها هذا ، فلا زال داخل البيت يعج ببقايا النقابه السابقه التي خصصت التعينات والمناصب في النقابه لأعضائها وانصارها كما انه لازالت الاغلبيه في بعض المكاتب والشعب النقابيه مسيطر عليها من قبل الاسلاميون ولا يزال في مجلس النقابه اربعه منهم وكلهم سيكونون عيوناً على أعضاء النقابه الجدد يرصدون لهم كل حركه وكل كلمه من الممكن ان تستخدم ضدهم مستقبلاً . كما يجب على مجلس النقابه الجديد ان يفتح أوراق النقابه وان يدقق فيها وفي ملفات الفساد المزعوم وخاصه في أموال صندوق التقاعد والتبرعات التي ذهبت منه لنصره مناضلين مسلمين في اماكن مختلفه من العالم على حساب أموال تقاعد المهندسين .

ولفتح ملف الاستثمارات الماليه التي قامت بها ادارات النقابه السابقه والاتهامات التي كانت توجه اليها حول شبهات فساد ورشوه واسعار مرتفعه ثمن اراضي لا تصلح للبناء عليها مقابل عمولات . وان تفتح ملف التعينات في النقابه ومدى عدالتها واستحقاق المعينين لها الامر الذي كان محل نقاش واتهامات طوال السنوات السابقه كانت تتخللها إصدار بيانات والقيام بأعمال اعتصام من قبل المعارضين لمجالس النقابه السابقه وانكار هذه المجالس لهذه الاتهامات مع عدم السماح لأي سلطه في ان تدقق في حساباتها حتى لو كان ديوان المحاسبه . وذلك بهدف وضع النقاط على الحروف وأما ادانه هذه الإدارات لما قامت به اذا ثبت عليها ذلك او أعطائها صك برائه ينهي هذه الجدالات التي شغلت النقابه لوقت طويل وتبيض صفحتها امام أعضاء النقابه الى الأبد .