facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




سريالية


م. أشرف غسان مقطش
31-03-2019 12:00 PM

اليوم عيد ميلادي الأربعون. وأريد أن أحتفل بهذه المناسبة معك عزيزي القارئ.

ومن طقوس الإحتفال بأعياد الميلاد إلقاء الكلمات. وكلمتي في هذا الإحتفال سألقيها في أحضان هذا المقال.

أكبر إنجاز حققته في الأربعين عاما التي مضت هو أنني جعلت من الكتاب خير جليس لي في كل زمان ومكان!

وأفضل شيء فعلته في أربعة عقود خلت أنني جعلت نفسي تدمن رائحة ورق الكتب!

وأقصى طموحاتي فيما تبقى لي من عمر أن أدخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية كصاحب أكبر مكتبة بيتية نوعا وكما، بشرط جزائي: أن أكون مطلعا على هذه الكتب! كيف لا والحكمة تقول: بيت بلا مكتبة كجسد بلا روح!

وإذا من هدية تغمرني فرحا وتمطرني سعادة في عيد ميلادي أكثر من أي هدية أخرى، فالكتاب الهدية إياها.

القراءة، وأعني بها قراءة الكتاب لا غير، هي أجمل طقس صباحي مارسته في يوم عطلة خلال الأربعين عاما التي أطفئ شموعها اليوم.

تجدني في ذاك الصباح أعد مشروبي المفضل: شاي "كرك"، وبجانبه كعك. أضع هاتفي النقال وضعية الصمت، أنزع عن أذني معينة السمع خاصتي، فأنا عندي صمم جزئي، وأمسك بيدي كتابا، وأبدأ رحلتي بغطسة كعك في الشاي كرك وبصفحة من الكتاب، وأنطلق في سماء أفكار الكتاب، محلقا على أجنحة كلماته!

هل من كلمات أصف بها شعوري وأنا أمارس هذا الطقس مثلا لا حصرا بقراءة قصائد لنزار قباني منتقاة من المجموعة الكاملة لأعماله الشعرية؟

حسنا، لعلني لا أغالي إذا ما قلت بأنني أدخل الفردوس مع نزار قباني بشدة جمال صوره الفنية، وفانتازية كلماته على إيقاع دقة أوتار حروفها، ونزارية معانيها، وبروعة موسيقاه الوزنية.

إذا كنت قد نجحت في إقناعكم بالقراءة من الكتاب صباح يوم عطلة بدلا من القراءة من الهاتف النقال، خذوا بعين الإعتبار أنه ليس شرطا أن يكون مشروبكم في هذا الطقس الصباحي شاي "كرك" وأن يكون هناك كعك، ذلك يعود إليكم، والخيارات عديدة أمامكم: فنجان قهوة مع قطعة شوكولاتة، أو فنجان من النسكافيه مع قطعة دوناتس، أو كأس شاي سادى مع قطعة بسكويت، لكن الشرط الأساسي في هذا الطقس أن يكون هناك شيء تحبون قراءته: ديوان شعر لشاعر مفضل لديكم، أو رواية، أو سيرة ذاتية، أو كتاب علمي عن أي شي تهتمون به، أو حتى جريدة، المهم أن يكون هناك شيء تقرأونه تبدأون فيه صباح العطلة، وإقرأوا من أي صفحة من الكتاب، ليس شرطا من بدايته، المهم أن تقرأوا ولو دقائق مع أي شي تحبون أن تشربونه وتأكلونه.

وشتان ما بين القراءة من الكتاب والقراءة من الهاتف النقال! فالأجواء التي يوفرها الكتاب بالنسبة لي أحلى وأروع، على الأقل، للكتاب منظر، ولورقه رائحة، يكفي الطريقة التي تمسك بها الكتاب فيها من الوقار والهيبة ما ليس في الطريقة التي تمسك بها الهاتف النقال، والأهم من ذلك كله أن الكتاب ذو مصداقية أعلى نسبيا، والكتاب أكثر دقة في المعلومة والتاريخ، وأقرب لي للمؤلف من الهاتف النقال، أشعر أنني برفقة المؤلف، أروح وأجيء معه بدون مقاطعة من أحد، أما الهاتف النقال فما أغناه بمقاطعة قد تأتي من إشعار فيسبوكي أو إنستغرامي أو تويتري أو رسالة على الخاص أو مكالمة من أحد ما.

والربا الحلال في حياتي الأربعينية سنينها، فصة قصيرة أقصها عليكم سريعا: جاءني أحدهم ذات يوم يسألني مبلغا من المال على أن يعيده لي بتاريخ محدد. وافقت لكنني إشترطت عليه أن يسدد المبلغ مع فائدة. صعق وذهل من شرطي اللئيم هذا، فسألني والصدمة بادية على وجهه: كم الفائدة؟ قلت له: الفائدة أن تقرأ الكتاب الفلاني!

وأغرب حالة تسول قمت بها في أربعينية عمري أنني طلبت من صديقاتي وأصدقائي من خلال منشور لي على جداريتي الفيسبوكية أن يتصدقوا علي بأي كتاب يملكونه لم يرغبوه بعد!

القراءة من الكتاب، مشروع إستثماري، أكدت دراسة جدواه الإقتصادية أن هامش الربح فيه رقم لم تصل إليه الرياضيات بعد!

خلاصة تجربة أربعة عقود قيدها العمر في سجل الأحوال الشخصية هي نصيحة لكم، لحياة أفضل، لعمر أجمل، لأوقات خالية من الفراغ، خاوية من الضجر والملل: إحتضنوا الكتب، داعبوا أوراقها، إختلوا بأفكارها، واستنشقوا هواء المعرفة في حدائق كلماتها، فالجسد بلا هواء فان، والروح بلا معرفة متلاشية.





  • 1 وديعه سماعين 03-04-2019 | 03:19 PM

    السيد مقطش عملاق بافكاره ..عملاق باراءه ..وعملاق بعطاءه . الله يباركك ويزيدك نعمه وقوه وعطاء...وكل سنه وانت بالف خير يا رب.


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :