عمون - من إبراهيم السواعير - يرى رئيس الوزراء الأسبق الدكتور عبدالرؤوف الروابدة أن الأردن لم يعرف الحزبية يوماً، قائلا: "ما عرفناه في بلادنا هو الفكر الإيديولوجي الذي لا يمكن أن نسميه حزباً؛ موضّحاً أنّ العقائد، يمينيّها ويساريّها، لا يمكن أن تكون أحزاباً، لأن الأصل في الأحزاب أنّها مجموعة من الناس ذات فكر مشترك تعمل للمشاركة في الحكم أو التأثير عليه، ولكن بأسلوب سلمي عبر صندوق الانتقال"

وتساءل: "هل عرفت أحزابنا الإيديولوجية ذلك في يوم؟!".

وقال الروابدة، في تعليقه المقتضب على مفردات وردت في كلمات المتحدثين خلال رعايته حفل إشهار الدكتور فيصل غرايبة لكتابه "جوانب أخرى للحقيقة الواحدة" بدائرة المكتبة الوطنية أمس الأحد، إنّ وصولنا في ما مضى إلى الحزبية كان بسبب إعجابنا بأستاذنا، فإن كان بعثياً (تبعثنّا)، وإن كان شيوعيّاً (تشرعنا)، وإن كان إخوانياً (تأخونّا)،.. مرجئاً الحديث عن القوميين السوريين، ومهتماً بالحزبيّة اليوم وممارستها: فكراً وطروحات وعلى مستوى التطبيق.

كما اعترف الروابدة، في حديثه عن العلاقة بين السلطة والمثقف، قائلاً: "أكلتني السياسة وأضعفت دور المثقف ولم تبق لي إلا اللغة العربية"، مؤكّداً أنّ للحقيقة جوانب أخرى، كما ورد في كتاب الدكتور الغرايبة، وأنّ ذلك كان له أثره عليه، طارحاً الفرق بين السياسي من جهة والأكاديمي أو المثقف أو الحزبي، مؤكّداً أنّ كلّ هؤلاء إنّما يقولون ما يؤمنون به، فيصنعون بذلك ضمير الأمّة، حتى إذا ما وصلت يوماً إلى قوّتها استطاعت أن تستعيد حقّها، في حين أنّ السياسي هو ذلك الذي يتعامل مع موازين القوى داخل المجتمع، وفي الإقليم والعالم، فلا يقول إلا ما يستطيع تطبيقه، على قناعة السياسي بأنّ ما قاله المثقف صحيح بل هو الأساس، ولذلك فنحن بحاجة إلى كليهما، المثقف الذي يصنع ضمير الأمة والسياسي الصادق الذي يحافظ على الأمّة حيّةً حتى يستطيع المثقف بناء ضميرها.

من جانب آخر، أكّد الروابدة أنّ "الإدارة" هي الوعاء، أو الأداة القادرة على نقل فكر السلطة إلى المجتمع، محذّراً من عدم قدرة الإدارة على القيام بدورها المأمول وطرح السلطة من المبادرات والفكر ما لا يصل إلى القاعدة الشعبية بسبب فشل الإدارة.

وقال الروابدة إنّ الإصلاح الإداري هو إصلاح سياسي في الوقت نفسه، لأنّه هو الذي يتيح أن يصل رأي ذوي الفكر إلى السلطة، ولذوي السلطة أن يصل قرارهم إلى الميدان ليكون قابلاً للتطبيق.