facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




المناعة المجتمعية في الأمراض المعدية


د.سعد الخرابشة
06-05-2020 11:48 PM

تعرف المناعة المجتمعية بأنها المناعة التي تتكون لدى أعلى نسبة من السكان ضد مسبب عدوى معين نتيجة إما الإصابة بالعدوى طبيعيا أو نتيجة إعطاء المطاعيم أو الأمصال لنسبة عالية من السكان صناعيا وتكون هذه المناعة المتشكلة لدى هولاء السكان كفيلة بمنع حدوث وباء لمرض معين أو إحتواء ذلك الوباء. فعندما تصبح غالبية السكان محصنين مناعيا ضد مرض معدي فإن ذلك سيؤدي إلى توفير حماية غير مباشرة للأشخاص غير المحصنين ضد هذا المرض في المجتمع. فعلى سبيل المثال، إذا كان 80% من السكان قد تولدت لديهم مناعة ضد فيروس أو مسبب عدوى آخر فإن أربعة أ شخاص من بين كل خمسة أشخاص في المجتمع سيكونون محميين من الإصابة بالعدوى عند مخالطتهم لشخص مصاب بهذه العدوى ولن يكونوا سببا في نشر العدوى للآخرين بينما يمكن إصابة شخص واحد بالعدوى من بين الخمسة أشخاص ويمكنه نقل هذه العدوى للآخرين، وفي هذه الحالة سيكون انتشار العدوى في المجتمع بطيئا وتحت السيطرة.
تعتمد نسبة المناعة المجتمعية المرغوب تحقيقها في المجتمع على نوع الميكروب المسبب للعدوى وقدرته الإعدائية وفي معظم الأحيان فإن المجتمع يحتاج إلى نسبة مناعة طبيعية أو صناعية تتراوح بين 70% إلى 90% من السكان حتى تتحقق لديه ما يسمى بالمناعة المجتمعية أو مناعة القطيع. فعلى سبيل الأمثلة، أمراض معدية كالحصبة وشلل الأطفال والنكاف والجدري المائي والتي كانت شائعة بين الأطفال في السابق أصبحت نادرة الحدوث حاليا في معظم دول العالم بسبب استخدام المطاعيم الفعالة ضدها على نطاق واسع والتي أنتجت مناعة مجتمعيية عالية لدى السكان بحيث أدت هذه المناعة إلى انحسار هذة الأمراض والسيطرة عليها لا بل واستئصال بعضها ومنع حدوث اوبئة للبعض الآخر. وعندما تنخفض نسبة التغطية بالمطاعيم لبعض هذه الأمراض فإن المناعة المجتمعية تنخفض تلقائيا مما يؤدي إلى إعادة انتشار العدوى في المجتمع.
وفيما يخص الأمراض المعدية التي لا يتوفر لها مطاعيم فإن تشكل المناعة المجتمعية لدى السكان يتوقف على المناعة الطبيعية التي تتولد نتيجة إصابة الأفراد بعدوى لمرض معين وبعد شفائهم من هذا المرض يتكون لديهم أجسام مضادة بكمية كافية وبصورة طبيعية(ليست ناجمة عن إعطاء المطعوم) وتعتمد نسبة هذه المناعة على نسبة الأفراد الذين أصيبوا بالعدوى وتم شفاؤهم،فكلما كانت نسبتهم أكبر كلما كانت نسبة المناعة المجتمعية أكبر وكلما كانت حماية السكان واحتواء الوباء أو منع حدوثه أكبر. وربما ينطبق ذلك على مرض فيروس الكورونا المستجد 19 والذي نشهد انتشاره في العالم هذه الأيام.
فيما يتعلق بمرض فيروس الكورونا المستجد 19، وفي ضوء عدم توفر مطعوم ضد هذا المرض في العالم حتى تاريخه فإن تشكل مناعة مجتمعية صناعية(ناتجة عن تطعيم السكان) يعتبر أمرا غير متاح حاليا ، وما يعول عليه حاليا هو تولد مناعة مجتمعية بنسب محدودة في بعض المجتمعات العالمية وخاصة في البلدان التي تعرضت لموجات عالية من انتشار المرض بين مجتمعاتها كالصين والولايات المتحدة الأمريكية ومعظم دول أوروبا الغربية. أما البلدان التي كان الإنتشار بها خفيفا كالأردن وبعض الدول في المنطقة العربية مثلا فلا يتوقع أن يكون قد تكون لديها مثل هذه المناعة حيث شكلت إجراءات الحظر والتباعد الجسدي الصارمة عائقا أمام انتشار العدوى بين السكان وبالتالي حدت من تكون المناعة المجتمعية. إنني لا أدعو في هذا المقام إلى تبني وجهة النظر التي تدعو إلى تخفيف إجراءات الحظر والعودة للحياة الطبيعية وترك العدوى تنتشر في المجتمع بغية تكون مناعة مجتمعية بنسبة عالية يمكن أن تكون كفيلة باحتواء الوباء لأن في ذلك مجازفة صحية خطيرة تتعلق بحياة الناس وتؤدي إلى وفيات كثيرة بالإضافة إلى إغراق النظام الصحي بأعداد كبيرة من الإصابات تفوق طاقته الإستيعابية مما قد يؤدي إلى انهياره، وقد شهدنا ذلك جليا في بعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية والتي تتمتع بأنظمة صحية متطورة.
خلاصة القول أن ترك الفرصة لتشكل مناعة مجتمعية طبيعية(ناجمة عن الإصابة بالعدوى) لمرض معدي معين يجب أن تأخذ بعين الإعتبار خطورة انتشار هذا المرض على الصحة العامة من حيث شدة المرض أو فوعة الميكروب المسبب له وعلى قدرة النظام الصحي في استيعاب معالجة الحالات المرضية. وفي حالة مرض فيروس الكورونا المستجد19 والذي نشهده حاليا فالأمل معقود على الإستمرار بتطبيق الإجراءات الوقائية المتبعة حاليا من خلال التباعد الجسدي والنظافة الشخصية وتجنب الإزدحامات البشرية وإجراء المزيد من التحريات الوبائية والمخبرية وعزل الحالات المرضية والمشتبه بها وتتبع المخالطين لتلك الحالات إضافة لإحكام عمليات الحجر الصحي على الأشخاص القادمين من بلدان موبؤة. والأمل لا زال معقودا على انتاج مطعوم فعال لهذا المرض في المدى القريب أو المتوسط يمكننا من بناء مناعة مجتمعية صناعية فاعلة توقف انتشار هذه الجائحة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :