facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الفصل بين العلم وفن الادارة


د.زهير طاهات
25-07-2020 08:55 AM

راهن كثير منّا على نجاح الحكومات، التي تُشَكَّلُ من التكنوقراط، باعتبار أن أعضاءها من ذوي الاختصاص والكفاءات، والقدرات الخلّاقة، الذين يمتلكون المعارف المتعددة، بعيدا عن الانتماءات السياسية، أو الدينية، أو العرقية، أو المناطقية. وقد حاول بعض رؤوساء الحكومات الاردنية السابقين، تشكيل مثل هذه الحكومات، ولكنه أخفق في ذلك، إلى درجة أنّهُ اجرى تعديله الوزاري، قبل أن ينال الثقة من مجلس الامة .
ويدلُّ ذلك على أنَّ الادارة التي تعتمد على العلم وتتجاهل فن الادارة، يمكن أن تفشل فشلا ذريعا، ولا تحقق نجاحا مُهِمَّاً باعتمادها على الكفاءات العلمية فقط، وذلك لافتقارها الى الفن الاداري الذي يستند الى المعرفة والمهارات اللازمة لإدارة دفة الحكم.
وقد واجه مثل هذه الحكومات أو الإدارات في مختلف المؤسسات كثيراً من المشكلات والازمات الادارية، بسبب تجاهلها "نظرية السمات الشخصية للقادة الإداريين"، وأدى ذلك إلى انهيارها، سواء كانت تلك المؤسسات، اكاديميةً، اوإعلاميةً اوثقافيةً أو غيرها.
وبالرغم من أنَّ أولئك القادة قد يكونون من الاداريين والمتخصصين في علم الادارة، وربما من الحاصلين على شهادات علميةٍ عليا، إلا أن المسألة ليست مرتبطة بذلك فقط، ولكنها مسألةٌ ترتبطُ بالخبرة العملية والقدرات الفنية والمهارات الانسانية التي يفتقر اليها بعض الاداريين .
والشواهد على ذلك كثيرة، فقد يدير المؤسسة طبيب او محامي وينجح اكثر من المتخصصين في المجالات كافة.
وهناك شواهد على الذين فشلوا في ادارة الحياة الثقافية، وبعضهم من الادباء، والمفكرين، والشعراء، وفي إدارة المؤسسات الاعلامية، ومؤسسات التعليم العالي والجامعات.
ومن جانب آخر نجد أنّ هناك عدداً من غير المتخصصين الذين أداروا مؤسسات التعليم العالي وغيرها ، من الاطباء، وسجّلوا تقدماً كبيراً، ونجاحاً يشهد له القاصي والداني، وكان يطلق على عصرهم العصر الذهبي بسبب ما حققوهُ من إنجازات، لم يحققها غيرهم ممن جاء بعدهم، وعلى سبيل المثال لا الحصر القادةمن اصحاب المعالي والدولۃ : عبد السلام المجالي، كامل العجلوني، عدنان بدران.
وهناك شواهد ابداعية في الادارة من غير المتخصصين من أمثال:
دولۃ الدكتور عبد الرؤوف الروابده، حين تسلم حقيبة التربية، وبعدها الاشغال العامة، وسعيد دروزه الذي تسلم حقيبة وزارة الصحة، وطبيب الاعصاب والدماغ الدكتور وليد المعاني، الذي تسلم حقيبة التعليم العالي.
وكان هؤلاء اكثر القادة نجاحاً وابتكاراً من الذين يمتلكون شهادات عليا في الادارة؛ لان سماتهم وقدراتهم الشخصية والفنية الابداعية، قد ساعدت على تحقيق نجاحات كبيرة، كما انهم كانوا من القادة الذين نهضوا بالمؤسسات التي اداروها، ووصلوا بها الى مراكز متقدمة، وجعلوها ترسو على برّ الأمان، وكل ذلك كان بفضل قدراتهم الابداعية وسماتهم الشخصية، وإخلاصهم واستقامتهم وحكمتهم، واتزانهم وفصاحة لسانهم وبيانهم، وطموحهم النبيل وذكائهم، وهذا ما تؤكده نظرية السمات الشخصية للقادة الاداريين؛ لذا يسمى عصرهم بالعصر الذهبي، فقد كان الذكاء من ابرز سماتهم الشخصية القيادية الناجحة، حيث استطاعوا ان يديروا و يقودوا موسساتهم بمهنية وحرفية، ويحافظوا على استقرارها، وقدرتها في مواجهة الازمات، لكننا، وعلى الشاطىء الإخر، نجد، وللأسف، من الاداريين من يبرز مواهبه في خلق الازمات، بسبب انفعالاتهم وتخبطهم باتخاذ القرارات.

لقد امتاز كثير من القادة الأردنيين بالحكمة، وهي من المقومات الفطرية حسب نظريات الادارة ، ويؤكد ذوو الاختصاص بالادارة بانه وإضافةً للعلم فإن بعض القادة يولدون ولادةً؛ لأن سمة القيادة يودعها الله في النفس البشرية، وتغذيها العلوم والمعارف والخبرات والتجارب، وعادة ما تكون قرارت هؤلاء الأفراد، مؤطرة بالحق، والعدل، والخير؛ فالقائد الحكيم تكون اقواله واعماله وتصرفاته مستندةً الى مبادىء الاخلاق العامة، ويكون صادقاً اميناً ومخلصاً وفيا .

وعلى صعيد آخر في الجانب الاجتماعي، نجد هناك شيوخَ عشائر من القادة الاجتماعيين، ممن يمتلكون قدرات شخصية، وفنية في الادارة، قد استطاعوا من خلالها ادارة قبيلتهم، وحل أعقد الازمات والمشكلات الاجتماعية، وتصدّر المجالس العامة في اداراتهم الاجتماعية، لامتلاكهم فن الادارة النابع من سماتهم الشخصية، رغم ان هؤلاء لم يدرسوا في الجامعات، أو حتى أن بعضهم لم يدرس في المدارس، في حين ان هناك اساتذةَ في الإدارة ممن احتلوا مناصبَ اداريةً قد فشلوا فشلاً كبيرا ، حتى على مستوى الادارة الصفية ، والاسرية، ولم يحققوا ادنى مهارات الاتصال الاداري.

ويوكد الواقع العملي، أن الاكاديمين والمتخصصين، حتى لو نجحوا في تدريس " الادارة " في الجامعات كعلمٍ متكامل بعد نيلهم اعلى الشهادات العليا، لكنّ ذلك ليس شرطا يجعل منهم مديرين ناجحين، كما هو حال بعض الاكاديميين والاعلاميين، او الأدباء او الشعراء.

وهكذا فإنّ الادارة الناجحة هي اساس تطور أي منظمة وأي مجتمع من المجتمعات. وقد سبقتنا كل الامم بفضل الادارة الحكيمة في جمع كل الطاقات الابداعية وتوظيفها في التقدم والبناء. وتظلُّ الادارة العامة علماً تطبيقياً غير تجريدي، لأنها تعتمد اساسا على المهارات الذاتية والقدرات والمواهب الشخصية، اضافة الى العلم والاسس والمبادىء والقواعد .
لذلك من يتولى وظيفة ادارية، وإن كان ممن حصل على شهادات في علوم الإدارة، فقد لا يكون هذا دليلاً قاطعاً على حسن ادارته، وقدرته في تصريف الامور الادارية في مؤسسته، إذْ ينبغي عليه ان يضيف لهذه العلوم والمعارف والاسس والمبادىء، مهاراتٍ وقدراتٍ وحسّاً فنياً، ومن لا تتجسد فيه نظرية السمات الشخصية والفنية للقادة الاداريين، فإنّ من المحتمل أن يفشل في اداء مهامه فشلا ذريعاً، لأن علم الادارة وفنّها هي بمثابة الروح للجسد، وكما يقول المثل " منين اجيب احساس لِلّي ما بحس "، بمعنى من أين لي ان أُحقق النجاح اذا كان لدي العلم وافتقر الى فنّ تطبيقه.

وهنا اود التاكيد على أنّ الادارة كفن مهاري ينبع من نظرية السمات الشخصية للقادة الاداريين المتمثلة بالذكاء من حيث الكفاءة والاشراف والمبادأة والثقة بالنفس.
وللاسف فإنّ بعض الاشخاص قد امتهن فن التمثيل واللعب على الحبال التي توصله الى المنصب الذي يطمح اليه، سواء كان في القطاعين العام أوالخاص.
ومفهوم الطموح حسب نظرية السمات الشخصية عند البعض يعني ان يحقق الإداري طموحه على حساب الاخرين من خلال النظرية الميكافيلية، والعمل على تشويه سمعة بعض القادة بادعاءات باطلة من اجل تحقيق مآربه الشخصية .
وهؤلاء للاسف هم من الوصوليين الذين ينطلقون من منطلق أنّ الغاية تبرر الوسيلة، وقد شكّلَ هؤلاء الإدارييون حالة خاصة، وتسلل بعضهم الى وسائل الاعلام، بادعاءاتهم الباطلة، وتزييفهم الحقائق، حتى اعتلوا المنصّات الاعلامية باساليب عدة منها:
الردح، واغتيال الشخصية، والتخفي خلف كلمة الحق التي يراد بها باطلا، وكل ذلك لتحقيق اجنداتهم وغاياتهم الشخصية، وقد أعمتهم الوصولية عن طريق الحق وجادة الصواب.
وعندما يتمكن مثل هؤلاء الوصوليين من النجاح في تحقيق غاياتهم، يتحولون فورا الى دكتاتوريين متسلطين ، مستهترين بكل الآراء التي تخالفهم، ونادرا ما يستخدمون اسلوبا ايجابيا في تشجيع المرؤوسين الذين ضللوهم بشعاراتهم البرّاقة.
والملاحَظ أنّ لدى هؤلاء الإداريين مهاراتٍ فينةً سريعة في ان يغيّروا مواقعهم، بحيث يتحولون من المعارضة الى الموالاة اذا تسلم أحدهم المنصب، وعندما يغادره، نجد أنّهُ يتحول الى المعارضة، ومن مناصر للمظلوم الى ظالم، ويعمل على تأسيس مجتمعٍ من الكراهية ويغرس الكره والحقد في الناس (المرؤوسين). وهؤلاء هم أول مَنْ يجنون على أنفسهم وعلى غيرهم، ويتسبّبون في جَعْلِ الاخرين يكرهونهم، ويخسرون بذلك مصداقيتهم وتسقط شعاراتهم الزائفة، وتتطاير كراسيهم التي يجلسون عليها.
لكن السؤال الذي يبقى معلقا:
هل سيعودون الى المسرح ويقومون بالأدوار السابقة بالادعاء بالشرف، والنبل، ام أنّ اقنعتهم سقطتْ إلى الأبد؟

إنّ الإدارة عندما تكون فنّاً وعلماً، فإنها تؤدي إلى النجاح والتفوّق لأنها تجمع هنا بين الروح والجسد، وتجعل المؤسسات تمضي قدما نحو تحقيق الاهداف بسهولة ويسر، وترتقي نحو معارج التقدم والازدهار، مما ينعكس على المجتمع والدولة لتصبح في مصاف الدول المتقدمة، وبهذا نكون قد حققنا كل معايير النجاح الاداري، أي أن الادارة العلمية المتخصصة بحاجة الى المهارات الفنية المتمثلة بالخبرة وبمهارةِ الذكاء في ممارسة المدير عمله، وتعامله مع العنصر البشري لتحفيزه على تحقيق الأهداف التنظيمية، فليس كل من درس علم الإدارة قادراً على تطبيقه، وفن الإدارة هو القدرة على تطبيق الإدارة في المجالات المختلفة، وقد لمسنا أنّ كثيراً من المؤسسات قد نجح مديروها دون أن يدرسوا علم الادارة، وأن النجاح هنا يُعزى إلى خبرة الإداري ومهاراته الفنية الإدارية التي اكتسبها خلال حياته.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :