facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




أمل بورشك تثني على "ضفاف الحنين"


06-12-2020 05:03 PM

عمون - صدر عن دار يافا العلمية للنشر والتوزيع للأديبة البحرينية الدكتورة جميلة الوطني مجموعة قصصية بعنوان "ضفاف الحنين".

تقديم أمل بورشك.

تفردت الدكتورة جميلة ببصمة كتابية قد تحاكي من وجهة نظري عبقرية أسلوب جبران خليل جبران، ولكنها تختلف عنه بالجدة والحداثة بما يتناسب وقضايا الألفية الثالثة.
لقد تحدت الكاتبة القاصة د جميلة الوطني كل الصعوبات التي تتعلق بكتابة القصة، فاختزلت الأحداث والأفكار في قصصها الشيقة ضمن هدف محدد وواضح وهو: معاناة المهجرين والمغتربين: مع حرصها على تقديم الشخصيات بأسلوب مريح وشيق للقراءة والقراء، ومن ثم الولوج في بؤرة الصراع الداخلي والخارجي للشخصيات، وضبط تسلسل تطور الأحداث المفاجئة: في مساحة نصية صغيرة لا تتعدى الثلاث صفحات في أقصر قصة لها، وإثنان وعشرون صفحة في أطول قصة لها، في مجموعتها القصصية المميزة، وهذا ليس بالأمر اليسير أو السهل، مع حرصها على جاذبية أسلوبها ودقة حرفها والتنوع في عناوينها ذات البعد الدلالي وبقالب أدبي وفني بديع.

كما تكمن أهمية قصصها في تفرد أساليبها الحوارية والاستنباطية، عندما تقحمك في انعطافات تؤدي بك إلى خاتمة أعمق من البدايات، والتي يتخللها تحليل نفسي بفلسفة نظريات الحداثة المعاصرة، فهي تثير فضول القارئ وشغفه لمعرفة تفاصيل الأحداث المستقبلية، من خلال إثارة تساؤلات تطرحها ولتجد إجاباتها ما بين السطور والتي قد تفضي بك إلى واقع تخال أنك جزء منه فتندمج معه، عندما تستحضر ذكريات الطفولة الماضية وعلاقة المرء بعائلته ووطنه.

فالمشاهد تزخر بالدلالات الإنسانية الفردية والجماعية ذات البعد الاجتماعي، وفي كل قصة رسالة تبثها عبر التشكيل الأدبي، بالتوازي مع حساسية التعبير الفني، والحفاظ على جوهر الموضوع ومراعاة أسس القصة القصيرة:مثل: -

- إضاءات لجمل قصيرة ذات معنى عميق.
- وحرصها على القفلة الجيدة والتي تشير إلى دلالات المهجر والغربة.
- تعميق الحس الوطني عند سرد معاناة الإنسانية بشكل عام.
- تميز الحوار الداخلي بالنسق السردي.
- الإيجاز والتكثيف.

كما أتقنت الكاتبة شروط كتابة القصة بأنواعها المختلفة و بحرصها على تغير الشخصيات الرئيسية والثانوية لتأثرها بالبيئة الخارجية، ودخولها في صراع نفسي، مثيرة التشويق لدى القارئ لمعرفة النهايات والتي كانت تفتح آفاقا جديدة، وحرصها على الصدق في نقل ووصف العناصر والمحتويات والتفصيلات المقنعة للقارئ، ومع الالتزام بكتابة الأحداث بطريقة مختصرة عند سردها السلوكيات القهرية الناتجة عن الغربة والتهجير.

الغلاف:
تميزت صورة الغلاف بلوحة فنية معبرة لجموع غفيرة من الناس تبدو خلف التلال مبتعدة عن بيوتها،يتقدمها عائلة ممتدة تشتمل على كل الأعمار من الطفولة والشباب والرجال والمسنين من الجنسين ،والذين يرمزون إلى التعاضد والتماسك . وتتدرج ألوان الصورة من الأصفر والأخضر مع ظهور اللون الأحمر في وردات حمراء يتطلع طفل للامساك بها في ميسرة الصورة، مع أن السماء مليئة بدخان قاتم اللون ومتصاعد خلف وأعلى الشخصيات المرسومة والتي تشير إلى الهوية العربية بما يرتدونه،مع طغيان اللون الأبيض في أغطية الرأس للنساء والرجال مما يدل على صفاء النوايا والسلام الداخلي لهم، بالرغم من تلون كل ما حولهم.
لقد أهدت الكاتبة بإيجاز إلى كل الأوطان والشعوب في الغربة والمهجر حروفها الحساسة لعلها تكون بلسما وضمادة لما يعانون من نتائج معايشة الغربة.

وهنا بعض الاقتباسات التي لن تغني عن قراءة القصص بتمعن:-
لقد بدأت الدكتورة جميلة الوطني المقدمة واصفة الهجرة بما يلي:"الهجرة قبح وعمل شيطاني لجلاد ظالم...، يستحل ظلمات داخل النفس المغتربة في الشتات، يمكن للمهاجر أن يجلس على حافة جبل البقاء ولكنه يقع، وإن كان تحت سهل أخضر... وكل ذلك يعني الفناء...".

بكل تواضع أعتقد من وجهة نظري أن الدكتورة جميلة الوطني تتبنى فلسفة خاصة ومعاصرة لتكون “جبرانية الألفية الثالثة "، وذلك لعمق معانيها الموجزة، وقوة تعابيرها وحسها المرهف، بما يتوافق والزمن المعاصر المتسم بالتسارع اللامحدود، لقد تمكن حرفها من سرد الواقع المؤلم،حتى تخال أنها المغتربة أو المهجرة، لدقة وصفها ووقوفها على أدق تفاصيل التفاصيل الخارجية للواقع المعاش، والداخلية للنفس البشرية.

العناوين:
تنقلك القاصة الدكتورة جميلة الوطني من عنوان إلى آخر، لا علاقة له إلا بالهدف المحدد وبإطار زماني ومكاني محكم، ولكنك تعايش أحداثه من ذكريات الطفولة لتنقلك إلى عالم أحلام الشباب التي مررت بها..حتى تقترب من نهايات امرأة عانت ما عانت ممن حولها للحصول على حقوقها، أو رجل تسلح بالعلم والخلق ووضع كل ذلك جانبا ليبحث عن أي عمل يقتات منه، بحيادية تنصف حقوق الجنس دون تحيز لطرف دون الأخر.

كما تميزت الكاتبة بحوار النفس بين الشخوص وبصدق المضمون، والجمل الإخبارية لإحباطات ألمت بالوطن فهي لها من اسمها نصيب، فترى الجمال يحل أينما حلت ويبرز نداء الحس الوطني الذي تحمله معها بالمهجر والغربة وعلى كافة مساحات الوطن الشاسعة.

الصور الفنية:
تمتلك الكاتبة حدقة حساسة تصور من خلالها المشهد بكافة تفاصيله، وتتقن خلجات النفس والمباغتة إلى أن تقودك إلى نهاية ترميك في البحر الذي تغنت به، فلا تجدها إلا أن قادتك إلى عنوان أعمق وأكثر إيلاما وأشد حرقة مما سردت...لتقف أمام جموع من الناس تعاني ولكن حُكمت بالصمت بقوة الطغيان ووصلت إلى حيث لا ينفع النداء ولا الكلمات ولكن الصبر هو ملاذها الوحيد.

"ومن ثم تجمل قصصها بالأمل عند وصفها الغربة المطرزة بأشعار تخاطب الفؤاد المذعور:

للصدفة محطات
أولها روح
تشهق ضوءً
للفؤاد المذعور
ليهطل مطر هطولًا
وارفًا
تخضر الصحاري
ويزهر الإطراء بنفسجًا
فتطرز الروح بالألق
فيصبح عطرها زعفران
وترابها الشهد..."

وإلى مشهد آخر في قصة قيثارة المخيم، التي لم تغيب حضورها عما يعانيه المارون في تجربة التخييم والتعليم العادية... " إنها رحلة صيد واستجمام في الهواء الطلق بعيدًا عن الرفاهية المعتادة طول مدة الدراسة "ومقارنتها برحلة النزوح من مناطق الاحتلال وترك المنازل...إلى أن ينتهي مصير طفلة ذكية في الدخول إلى عالم انفصام الشخصية، وهذه من المواضيع التي قلما تناولها القاصون بهذا الأسلوب العلمي والسرد المؤلم عندما يتغلغل في شرايين الصدمة للأم والأب والتوقف عند التعامل مع هذه الحالات الصعبة مع كل ما يحيط بهم من تحديات، "فوضع اللاجئين قد يؤدي إصابة أي منهم بمرض نفسي وجسدي، لتختم القصة"في وطنها الصغير:القيثارة وأوتارها التي ارتطمت بأوتاد الخيمة"، فتناثرت أحلامها وافتضحت سوءات الحرب.

وعند الانتقال إلى قصة بعنوان لاعبة الجمباز، تطرح الكاتبة تساؤلات.... هل سيبقى أهل الأرض عبيدًا للشرائع الفاسدة؟؟؟ محدقين في التراب... أم ستحررهم الأيام ليحيوا بالروح وللروح ناظرين نحو الشمس تاركين لظلالهم امتلاك الأرض؟؟
تسرد بتساؤلات قوية عن حقوق الناس في أوطانها وبأسلوب شيق يثير ملكة التفكير لدى القارئ.

لقد أضافت الكاتبة نوعًا مميزًا من كتابة القصة المنوعة وبلغة منقحة وحروفها مشكلة بالحركات ومرصعة بأشعار نثرية، تناسب كل القراء من كافة المستويات، فأثرت المكتبة العربية بحسها الوطني، بإضافتها قويا يتطلع لإعادة الحقوق لأصحابها بشكل عام.

التوصيات:
يا حبذا أن يترجم هذا العمل الأدبي الرفيع المستوى لسموه بالإنسانية، ولاتسامه بالإيجازوالصدق البلاغي في المضامين.
وكتابة المزيد من هذه القصص لتعمم على المؤسسات التعليمية لمناسبتها لكافة الأعمار وغزارتها بالقيم الايجابية باتجاه أفراد العائلة أو الوطن أو أي مكان يتسم بالغربة.
مع تمنياتي لها بالتوفيق،





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :