facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




إستهلاك وتناقض


علي الزعتري
28-08-2021 12:05 PM

موجةٌ لا يمكن تجاهلها إلا بجهد في المواقع المنتشرة بهواتفنا وهى الإعلانات. بالطبع، متابعة هذه المواقع كما صرنا نعلم تؤقلم الإعلانات حسبما تختار من مواضيع، وهي خاصيةٌ فيها الكثير من الحذر لقدرتها متابعة الأهواء و الرغبات حسنت أم خذلت على نطاق المواقع المرتبطة ببعضها. عموماً، الإعلان عبر الهاتف أو في الشارع فيه جاذبية و العرض صارَ كثيراً و ربما فاق الطلب. ولا نعلم إن كان المعلنون يعتاشون فعلا على بيعهم و يستمرون مستندين على جدوى ما يعلنون و حاجة السوق أم أنهم مغامرون ضربا في الودع فإن أصابت فأهلا و إن لا فرمي الودع مرات و مرات لعلها تصيب، لكنها ظاهرةٌ تحتاج بعض الدراسة العلمية والتنظيم. و من ما يُعلن عنه ما هو مستفزٌ كالذي يعرض على الراغب بإنزال الوزن بنظام وجباتٍ صحية لمدة شهر تصله بالبيت مقابل مبلغ شهري مرتفع. هكذا بلا جُهد أو قليلِ تعب تستهلك طعاماً صحياً كما أعلنوا و بالمقابل الذي قد يفوق راتب عمل شهر لموظف. سألتمس العذر للمُعلن و الطالب فالأول يريد عملاً و الثاني يريد حلاًّ لكن المقابل هو كلفةٌ تكفي لعائلة و بالنسبة لي فيه ظلم. لا أقول أن الإعلان أخطأ في مهمته التسويق و البيع وما دام هناك من يشتري فقد نجح في المهمة.

إنما في بلدنا المديون واعتمادنا على الإستيراد يستمر الاستيراد و الإعلان عن البضائع بتنوعها و منها مثلا السيارات الفخمة الضخمة و رباعية الدفع تحديداً والتي للأغلبية المالكة لها لا تتسلق الكثبان ولا تناور الصخور و تحتاج الكثير من الوقود. معظمها يسير على الشوارع المستوية بالسائق لوحده و قليلها ما يُستخدم للعمل الذي صُممت له. لستُ مُستثنيا سيارتي القديمة و لكنها خدمتني في سفر طويل و تحميلٍ ثقيلٍ فأجد لها بعض العذر وإن صرت أشكو من ارتفاع سعر بنزينها. و لا أقول أن قيادتها ليست ممتعةً لكن ببلدان تعيش ما نعيشه من ظروف اقتناء السيارات الكبيرة المستهلكة للوقود للرفاهية المطلقة و لغير ما صُنِعت له تكلفة مرهقة خاصة عندما لا تملك مقومات عملها الأصلية. المثير في الموضوع هو أن كثيرا من الذين يحتاجون هذه السيارات للعمل لا يستطيعون مجاراة تكاليفها و الذين لا يحتاجونها لما صممت له هم القادرين عليها. وعادة ما تلجأ الحكومات لمنع الاستيراد أو لزيادة الضرائب لتقنين خروج الأموال و تخفيض الاستهلاك لكن المتابع يجد وفرة مثيرة من هذه السيارات تناقض كل من يقول بالوضع الاقتصادي السيئ. هل الدافع هو كثرة المال أم الحاجة للتفاخر أم شراهة الاستهلاك؟ مسألة تحتاج نظرة ضمن التوجه الذي نراه ونعيشه من قسوة البطالة وقلة العمل.

بنفس النسق الاستهلاكي انتشار المقاهي و المطاعم بمختلف مستوياتها من التي على قارعة الطريق إلى المكلفة بالجلسات والإعلان الجذاب و أنواع ما تبيع. إنتشارٌ تظنه عدوى بين المستثمرين العارفين الصنعة و الجاهلين خفاياها لفتح مقاه و مطاعم جديدة ووباء عطشٌ و جوع للأكل والشرب بأنواعه وأشكاله من الناس. هل هي كُلَفٌ محسوبةٌ مقدورٌ عليها أم مهدورةٌ لا ندري، لكن الواضح أن دراسات الجدوى لمشاريع الإطعام مطلوبةٌ وأن توجيه المستثمر ليس عيباً. و ينطبق هذا على محال بيع المنظفات وأدوات المنزل و البقالة و التي تنتشر ثم تُقفل بعد الخسارة لِتَشَبُّعِ السوق منها.

الملاحظ في المجتمع أن النمط السائد هو ترويج عادة الاستهلاك للثمالة و بكل ما يخطر على البال من المستهلكات التي يمكن تسويقها لكل مقبل على الشراء. قد نتقبل هذا ببلدان الدخول المرتفعة و الإنتاج الغزير والاستهلاك المتواصل. لكن هنا في الأردن تبدو الحاجة الأكثر إلحاحاً هي في قطاعات الإنتاج من زراعة و صناعة بتقنيات بيئية مستدامة الأثر و تطوير مفهوم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لتجويد أعمالها و توجيهها ليس فقط للسوق المحلي بكفاءة و لكن للتصدير المنافس و بمبدأ تشغيل المواطن، وأرقام دائرة الإحصاءات العامة واضحة بهذا المجال.

إن استمرار استيراد مستهلكات ليست عملية ذات قيمة إنتاجية، و استثمار أموال غالبا ما تكون قروضا بمهن متكررة حتى التشبع و من ثم الخسارة لن يؤدي إلا لترسيخ التناقض الاقتصادي والمجتمعي وهو ما يجب تداركه.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :