هناك حديث يدور عن أن النية بأمانة عمان تتجه لإعادة النظر ببعض الرسوم والضرائب التي تقوم الأمانة بفرضها وجبايتها من المكلفين ، وهذا أمر بات ضروريا إن كان الهدف منه رفع الجور عن المكلفين والتخفيف عليهم، بعد أن لامس الجميع الظلم الذي لحق بالمكلفين وعلى مدار سنوات طويلة.

وكي لا نذهب بالتعميم بالكلام، أود هنا أن أطرح نقطة محددة يمكن القياس عليها على العديد من بنود الأنظمة والتعليمات التي تطبقها الأمانة في عملية فرض وجباية الضرائب.

ورد بالدليل الإرشادي الصادر عن أمانة العاصمة، والمتعلق بضريبة الأبنية والأراضي (المسقفات )، وبالصفحة الثامنة منه والمعنونة " بآلية احتساب الضريبة "، وتحت عنوان فرعي بنفس الصفحة " تخمين ضريبة المباني " ، وتضمن هذا العنوان بندين.

الأول جاء به " المباني التي يشغلها ماليكيها أو أصولهم أو فروعهم " وهذه لا خلاف عليها والجميع راضي ومتفق عليها.

أما البند الثاني والذي جاء به " المباني المؤجرة أو المعدة للإيجار " وهنا أيضاً لا خلاف على آلية أحتساب الضريبة على المباني المؤجرة بالرغم من ارتفاع قيمة الضريبة.

أما تلك العقارات "المعدة للإيجار"، والمقصود بها العقارات الفارغة وغير مشغولة بالساكنين، والتي يتم فرض ضريبة عليها بنفس قيمة العقارات المؤجرة، فهذه بها ظلم بائن على المالكين. فكيف لمالك عقار فارغ أن يدفع ضريبة مسقفات وكأن العقار مؤجر وهو لم يقبض فلس واحد كعوائد إيجار.

صحيح أن التعليمات أتاحت لمالك العقار الفارغ أن يتقدم بطلب اعفاء 50 % من قيمة ضريبة الأبنة والمسقفات " الاعفاء لا يشمل ضريبة المعارف ومساهمة الصرف الصحي" ،أي أن الاعفاء على مجموع الضريبة هو 33% وليس 50% ، وبرغم هذا الاعفاء يبقى مجموع الضرائب مرتفع جداً ، وتطبيق هذه الضريبة بهذا الشكل يعادل أن تقوم ضريبة الدخل بفرض ضريبة على دخل افتراضي غير محقق.

الأصل هنا أن تكون قيمة ضريبة المسقفات على المبنى الفارغ معادلة لقيمة الضريبة على المبنى الذي يسكنه مالكه، وفي حال تم تأجير المبنى يتم احتساب الضريبة وفق آلية احتساب المباني المؤجرة، على أن تكون هناك مرونة باحتساب هذه الضريبة، فشروط منح اعفاء الـ 50% للمباني الفارغة صارمة ومعقدة، حيث يتوجب التبليغ للأمانة بأن المبنى " المعد للإيجار " فارغ ، والاعفاء هنا لا يمنح إلا في حال كان المبنى فارغ لمدة عام كامل ابتداء من الشهر الأول من كل عام "بداية السنة المالية " إلى نهاية الشهر الأخير من العام نفسه، وعلى المالك في نهاية العام أن يقدم كشف فواتير الكهرباء للمبنى بحيث لا تزيد قيمة الفاتورة عن أي شهر من العام المنصرم عن المقطوعية، وفي حال وجود فاتورة شهرية واحدة فقط تزيد قيمتها عن المقطوعية لا يتم منح الاعفاء، وهذا أمر منافي لأي منطق عقلاني. وهنا أشير الى واقعة حصلت مع أحد المالكين، حيث انتهى عقد إيجار عقاره في شهر كانون الأول من عام 2020، وقام بتثبيت إنهاء عقد الإيجار هذا بدوائر الأمانة بشهر كانون الثاني من العام 2021، وبطبيعة الحال قام مالك العقار بعمل صيانة للعقار بعد خروج المستأجر، وهذا ما أدى لاستجرار طاقة كهربائية كانت ضرورية لتنفيذ عمليات الصيانة، وعندما قام المالك بنهاية العام بتقديم كشف فواتير الكهرباء، تبين أن قيمة فاتورة شهر كانون الثاني من العام 2021 كانت تزيد عن المقطوعية بسبب أعمال الصيانة مما أدى إلى حرمانه من اعفاء الـ 50% ، علماً بأنه تقدم باستدعاء يشرح به أسباب زيادة فاتورة الكهرباء بهذا الشهر، وأرفق باستدعائه وثيقة إنهاء عقد الإيجار الصادرة عن أمانةالعاصمة تثبت أن العقار كان فارغا بهذا الشهر.

مما تقد يتبين لنا صرامة التعليمات وعدم الأخذ بالأسباب مهما كانت وجيهة، وعليه نقول إنه لا بد أن يكون هناك مرونة بتنفيذ التعليمات، والمرونة هنا تقتضي أن يتم احتساب ضريبة المسقفات على المباني المؤجرة عن الفترة الفعلية التي يكون بها العقار مؤجر شهراً بشهر، وليس ضريبة عمياء تفرض بشكل مطلق وسنوي حتى لو تم تأجير العقار لمدة شهر واحد بالسنة.

إن تطبيق المرونة باحتساب ضريبة المسقفات على المباني المؤجرة، سيشجع المالكين على تسجيل عقود الإيجار بأمانة العاصمة، وكذلك سيفعلوا عند انتهاء العقد، وهذا ما سيعود على الأمانة والمالك وحتى المستأجر بالفائدة.