facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




شكراً لكم .. وبالشكر تدوم النعم


د. م. منذر حدادين
14-03-2022 02:09 AM

أزجي الشكر الجزيل والعرفان لوكالة الولايات المتحدة للإنماء الدولي لدورها المركزي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا منذ أن كانت تسمى ب "النقطة الرابعة" ترجمة للكلمة Point IV فيما ورد من تشريع بتشكيلها والإفصاح عن دورها في المساهمة في تنمية الأقطار الصديقة المحتاجة في العالم. وقد كنت طيلة خدمتي الحكومية أضمر للوكالة الشعور بالشكر والامتنان إذ قادت المساهمات التنموية للأردن بعيد انتهاء مشاكل 1970 الأمنية برصدها 10 ملايين دولار عام 1972 لتمديد قناة الملك عبدالله مسافة 18 كم وإرواء 36,500 دونماً من أراضي طواحين السكر وداميا والشقاق وأراضي غور كبد. وكان قوام وجودها في السفارة الأميركية مقابل فندق الأردن أنذاك موظفٌ أميركي (أوبري إليوت) وآخر أردني (عايد صويص). وقد حظي تطوير وادي الأردن بين أعوام 1972 و 1987 بكافة المساعدات الرأسمالية من الوكالة للأردن وبمعظم المساعدات الفنية.

وكانت مبادرة الوكالة في الدخول لدعم المشاريع في الأردن ذات أثر سحري على باقي المؤسسات التمويلية، إذ هرع إلى دعم مشاريع وادي الأردن رهطٌ من مؤسسات التمويل الغربية بدءاً ببرنامج المساعدات الألمانية من رأسمالية (بنك التعمير الألماني) وفنية (مؤسسة العمل التعاوني) وبعض مؤسسات البنك الدولي (مؤسسة التمويل الدولي) وحكومة المملكة المتحدة وحكومة هولندا وبرنامج المساعدات الرأسمالية الياباني (OECF)  والمساعدات الفنية، والحكومة الإيطالية. وكان للصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية عصا السبق مع صندوق أبو ظبي للإنماء الاقتصادي العربي في تمويل بناء سد الملك طلال وتمديد قناة الملك عبدالله مسافة 8 كم وإضافة حوالي 12 ألأف دونمٍ للأراضي المروية. كما هرع للمساعدة في تمويل مشاريعنا الصندوق السعودي للتنمية والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي.

كانت وكالة الولايات المتحدة للإنماء تجري التقييم الاقتصادي والاجتماعي لكل مشروع كنا نقدم طلباً لتمويله، وأضافت التقييم البيئي لاحقاً، وذلك بموجب الإجراءات المبينة في دليل عمل الوكالة (Handbook 11)، وكانت تقدم دعماً للخزينة إضافة إلى بعض المساعدات العسكرية. وتتم موافقتها على التمويل بعد أن يجتاز المشروع هذه التقييمات بنجاح. وقد كان برنامج تطوير وادي الأردن ناجحاً بكل المقاييس.

أما في هذه الأيام فقد طفق مسؤولو الوكالة في عمان وبعض ديبلوماسييها وكذلك رسميون من الوكالة مقرهم واشنطت يعبرون عن دعم الوكالة لمشروعين لفائدة الأردن قبل أن نعرف نحن المواطنين مدى الجدوى الاقتصادية والفنية لأي منهما. وأقصد بأحدهما مشروع إعلان النوايا وأعضاؤه الأردن والأمارات العربية المتحدة وإسرائيل، وبثانيهما مشروع "الناقل الوطني للمياه" الأردني، وأقول الأردني لأن نفس العنوان احتله المشروع الإسرائيلي الذي ينقل مياه نهر الأردن من الطابغة في شاطئ طبريا الشمالي الغربي إلى النقب والذي تم تنفيذه على مراحل آخرها غطت المدة بين 1962 و نهاية المشروع عام 1964 وهذه المرحلة الأخيرة مولتها الولايات المتحدة تحت غطاء منح مالية للإقراض الزراعي الإسرائيلي لكنها كانت تستعمل لإنهاء بناء الناقل الوطني للمياه الإسرائيلي.

ولاحظت أن المواقف المعلنة للمسؤولين الأميركان، من رسميي الوكالة ومن ديبلوماسيين، كانت سابقة لما نعرفه عن الوكالة من تمحيص للمشاريع قبل دعمها، وقلت في نفسي إن ذلك نابع من حرصهم على دعم المشاريع الأردنية فلهم استمرار الشكر والامتنان. وقد ورد في إعلان النوايا ضرورة تمحيص المشروع للتأكد من جدواه. أما المشروع الثاني فلا نعرف عن جدواه شيئاً لكن ربما عرف عنها أصدقاؤنا الداعمون.

وأنا أدعي بأن أيهما أبعد من قدرة المستهلك الأردني للمياه على مواجهة أكلافها، ولا أتطرق للمشروع الأول أو إلى ضرورته ففي الأردن ما يكفيه من موارد الطاقة وموارد المياه ما يغنيه عن الاعتماد عل مصادر خارج حدوده لتأمينها. وأكتفي بالتطرق إلى المشروع الثاني، أي الناقل الوطني للمياه.

وأدعي أن تنفيذه أو التشجيع على تنفيذه يقع في دائرة الأمور الواجب اجتنابها. إذ سيجلب هذا المشروع على المستهلك عبئاً يرزح تحته ولا يستطيع حمله، مما سيؤدي إلى المطالبة بدعم الخزينة لسلعة استهلاكية وهي قبل هذا الدعم الذي سيستجد مثقلةٌ بخدمة الديون وبتقديم الدعم لشؤون عدة، ويجب أن تنأى بنفسها عن الاستدانة لتمويل الاستهلاك. ولتوضيح ذلك نقول إن المستهلك يجب ألا يطلب منه أن يدفع كلفةً للمياه المنزلية أكثر من 2.5% من نصيبه من الدخل القومي السنوي. فإذا كان معدل نصيب الفرد هذه السنة 3500 ديناراً (وربما كان هذا تقدير متفائل) فإن نصيب المستهلك من كلفة المياه (وفيها الصرف الصحي) 87.5 ديناراً. أما معدل حاجته السنوية فتناهز 90 متراً مكعباً كمعدل لكافة السكان، أي أن قدرة تحمل المستهلك هي حوالي دينار للمتر المكعب في المعدل الذي تحدده هيكلة تعرفة المياه بين المستهلكين. وأقدر كلفة إيصال المياه المحلاة من مياه خليج العقبة تصل إلى ثلاثة دنانير للمتر المكعب بما في ذلك الفواقد في النقل والتوزيع وربما أكثر. أي أن على الخزينة أن تدعم المستهلك بواقع 2 دينار للمتر المكعب أو ربما أكثر. فإذا كان استهلاك المياه المحلاه بواقع 200 مليون متر مكعب سنوياً يكون نصيب الخزينة من دعمها 400 مليون دينار سنوياً أو أكثر يضاف إلى الدعم الحالي لاستهلاك المياه تبينه عجوزات صندوق سلطة المياه وشركاتها.

وعليه فإننا لا نستطيع مواجهة كلفة خدمة المياه المحلاة من البحر الأحمر إلا إذا تضاعف دخلنا من المرات يجعل 2.5% منه كافياً لمواجهة أكلاف المياه والصرف الصحي. وهذا يتطلب نمواً إقتصادياً متسارعاً كما يتطلب تقليص كلفة الطاقة المستعملة للتحلية والضخ. وقد وردت الأنباء من كاليفورنيا قبل شهرين ونيف أن مختبر البحث في توليد الطاقة  بالاندماج النووي قد نجح في توليد شعلة نووية هناك. ثم نقلت ال BBC خبراً مماثلاً من مختبر مشابه قرب لندن استمر اللهب النووي فيه 5 ثواني. وأول الغيث قطرُ. ويقول العارفون أن سيحل موعد استيلاد طاقة كهذه تجارياً في مطلع النصف الثاني من هذا القرن. فما الحل البديل إذن عن أي من المشروعين كي نجتنب مزيداً من الارتهان إلى مزيد من الاستدانة، ويقول المثل الأميركي (There is no free lunch) أي لا وجود لغداءٍ مجاني. وفي المثل العربي الدارج قولنا: "ما في إشي ببلاش غير العمى والطراش".

وهنا أكرر ما كنت قد قلته على شاشة تلفزيون المملكة منذ حوالي شهرين، وهو يقيني أن طبقة الصخر الرملي الممتدة تحت شعاب ووهاد وبوادي بلدنا مليئة فراغاتها بالمياه غير المتجددة ومن نوعيات جيدة وهي تحت ضغط إرتوازي. وتدل البيانات التي تفحصتها أن معدل سماكة الطبقة يناهز 1024 متراً. فإذا أعتبرنا المساحة تحت البوادي فقط وهي 67 الف كيلوكتر مربع، يكون حجم طبقة الصخر الرملي حوالي 68 ألف كيلومتر مكعب، ولو كان معدل حجم الفراغات بين حبيبات طبقة الصخر الرملي بحدود 25% (وهي تتراوح بين 15% و 37%) يكون حجم الفراغات (وهي مشبعة بالمياه) زهاء 17 ألف كيلومتر مكعب!!!

وبلدنا ذو اقتصاد متوسط داني تبلغ حاجة الفرد منا للمياه 1700 متر مكعب سنوياً بما في ذلك إنتاج الغذاء بكمية تكفي لتوفير 2800 كالوري في اليوم. فتكون المياه المخزونة تحت بوادينا تكفي ل 10 بلايين نسمة.سنة. فإذا كان عدد السكان عشرة ملايين نسمة تكفيهم تلك المياه الف سنة، وتنزل المدة إلى 500 سنه لو ازداد عدد السكان إلى 20 مليوناً.

أما الخاصية الجاذبة لمياه طبقة الصخر الرملي فهي أنها مضغوطة بسبب ميولها بين الجنوب والشمال والشرق، ويبلغ معدل ضغطها كما تبيّن من 33 بئراً تم حفرها زهاء 700 متر عمودي، وحيث أن معدل العمق هو 1000 متر فإن عمود الضخ ينخفض إلى 300 مترٍ فقط.

ووصل إلي قبل عشرة أيام فيديو يتحدث فيه علماء عن المياه الجوفية العميقة تحت أراضي محافظة الأنبار في غرب العراق معتمدين على صور التقطتها مراكب وكالة ناسا الفضائية. وكان محتوى مادته مشابهاً لما أقوله عن البوادي الأردنية وتجاورها محافظة الأنبار العراقية وبوادي القصيم في شمالي نجد، وكلها توجد فيها طبقة الصخر الرملي ومياهها ارتوازية أي ذات ضغوط ذاتية ترفعها مئات الأمتار. وأورد هنا الرابط للاطلاع على الفيديو المشار إليه والاستماع إلى العلماء يقدمون عرضاً عن هذه المياه العميقة:

https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=5218482431516733&id=100000650830287

فإذا كانت هذه البوادر مفرحة، نأمل من وكالة الولايات المتحدة للإنماء الدولي أن تبادر بدورها إلى مساعدة الأردن في تقييم هذا البديل الذي أقترحه، وهو الاعتماد على المياه الجوفية العميقة لتزويد احتياجاتنا للمياه المنزلية لمدة السنين الثلاثين القادمة نتحول بعدها إلى تحلية مياه البحر وضخها إلى أماكن الاستهلاك إذ يكون الناتج المحلي الإجمالي قد تحسن بالتنمية المتسارعة وتحسن نصيب الفرد من الدخل القومي ما يساعده على مواجهة كلفة تزويد المياه وستكون طاقة الاندماج النووي في متناول الاستعمالات التجارية وذلك ما سيجعل أكلافها في متناول اليد. وسيحتاج تقييم الوكالة لهذا البديل إلى حفر أبار عميقة بكلفة ليست بزهيدة، إلا أن ذلك ليس ببعيد على عزم الوكالة. فهي قد ساعدتنا بقروض سهلة لاستقصاء طاقة المياه الجوفية المتجددة في أخدود وادي الأردن ما أدى إلى تفجر المياه في وادي العرب عند الشونة الشمالية ثم في وادي الشق البارد (المخيبة) عام 1982. وبإمكان الوكالة إسناد تقييم نتائج الحفر إلى مستشار مهني مؤهل لا تتجاذبه الأهواء السياسية.

وكيفما استقر خيار الوكالة على البديل المناسب فإن شكرنا لها وللقائمين عليها لا ينقطع، وسيزداد كثافة وتقديراً، ومرد ذلك دعمُها السنوي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في بلدنا منذ 1952 وما تزال.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :