facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




تفاحة الخيانة


م. أشرف غسان مقطش
09-04-2022 02:37 PM

في مثل هذا اليوم، قبل عشرين عاما إلا عاما، وقعنا نحن بنو يعرب في قبضة الظلمة الظلماء، وسقطت أقنعتنا، فرأينا وجوهنا، في مرايا الشقاق والنفاق..

في مثل هذا اليوم، قبل عشرين عاما إلا عاما، تعرَّت خطيئتنا الأصلية من التحريف الحضاري والتزييف الثقافي وسقط آدمنا العربي من فراديس الراشدية والأموية والعباسية والفاطمية بتفاحة حوائية قضمت منها خيانتنا لأنفسنا!

في مثل هذا اليوم، قبل عشرين عاما إلا عاما، سقطت نُخُل العروبة في شبه الجزيرة وذوت أغضان الأرز في لبنان واصفرت أوراق الزيتون في تونس الخضراء وغمرنا طوفان الذل والهوان وكشفنا عوراتنا لأبنائنا وأحفادنا!

في مثل هذا اليوم، قبل عشرين عاما إلا عاما، اسودت أنهار الأدب العربي واضمحلت بحور الشعر العربي وخرّت القصيدة العربية لأصنام البرغماتية في السياسة والأخلاق!

فقد كانت لنا رسالة في ظرف من كرامة! أرسلناها على جناح الزاجل إلى هامل مشعل الحرية في أقصى غرب الأرض حيث مقر الأمم المتكالبة على نفطنا وغازنا ولم يقرأها أحد!

ولا واحد خطر على باله أن يفتح الظرف، لا من شرق الأرض ولا من غربها، ولا من شمالها ولا من جنوبها، فأبجدية العنوان المرسل إليه كانت مخطوطة بالعربيزية!

لئن فهموا بل أيقنوا أننا متفرنجون لا نحترم لغتنا ولا نعتز بتراثنا ولا نقدر قدرنا منذ سومر وآشور وعمون وموآب وآدوم وسبأ وحمير والفينيقية والفرعونية والأمازيغية والقرطاجية..

ألقوا الرسالة في أقرب منهل للصرف الصحي في منهاتن، حيث فضلات كل الأمم المتكالبة على ميراث الحسن البصري وابن سينا وابن النفيس والفارابي والغزالي، تطمر ظرف كرامتنا!

بغداد يا بغداد، يا سحابة الرشيد بين الخافقين!

في مثل هذا اليوم، قبل عشرين عاما إلا عاما، جسورك انهارت على صدورنا وأضلاعنا تكسرت على ضفتي دجلة!

واليوم يا بغداد يا سحابة صواريخ تسعة وثلاثين...

نحن العرب مبعثرون!، مشتتون، منشطرون على ذواتنا، محتارون في طريق الخلاص، مترددون بين تهافت الفلاسفة وتهافت التهافت، متأرجحون بين الحلاج والصفا، متذبذبون بين علمانية العميد الأعمى وإسلامية البنا البصير، ناسين أو متناسين أن خطيئتنا الأصلية، كانت منذ الفتنة الكبرى وما زالت، أننا كنا وما زلنا، نتعالى في بناء أبراج المؤسسات ونتسافل في بناء سراديب الإنسان العربي!

نبني المؤسسات على أس العلمانية حينا، وعلى أساس الإسلامية طورا، وعلى أسس الوسطية بين الإشتراكية والرأسمالية تارة وما شئتم فقولوا ولا تستحوا إن بقي لكم ذرة حياء يا بني عدنان وغسان!

أما الإنسان فكنا وما زلنا، نستعبده ونسترققه، وفنون الذل أبدعناها وابتدعناها، في حفر سراديبه تحت الأرض، فيما الصيني يحط بمسباره على المريخ!

وحين يسمعوننا متائية الخليفة الفاروق:

متى استعبدتم الناس...

نقاطعهم: منذ الفتنة الكبرى!

فبدلا من أن نحرر الإنسان بالدين، بالدين استعبدناه!

وبدلا من أن نرقِّي الإنسان بالعلم، بالعلم استرققناه!

وبدلا من أن نُنْهِض الإنسان بالفلسفة، بالفلسفة استقغدناه، في حفرة "من تفلسف تزندق"!

وكنا وما زلنا نأكل من نفس التفاحة الحوائية يا بغداد:

تفاحة الخيانة!

خوانون نحن يا بغداد

منذ رفعنا قميص عثمان في وجوه بعضنا بعضا!

بغداد يا بغداد

يا دمعة التاريخ...

في مثل هذا اليوم، قبل عشرين عاما إلا عاما، على وقع سقوطك المدوي دخلت غرفة نومي في بيتنا في عنجرة وأقفلت الباب الخشبي طقَّتين وأسدلت الستائر على نافذتَي غرفتي وحين تيقنت أني وحدي لا يراني أحد ولا أرى أحدا أجهشت بالبكاء!





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :