facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الاقتصاد العالمي .. بين فكي التضخم والركود


أ. د. عبدالسلام النابلسي
15-06-2022 01:08 PM

بات في حكم المؤكد توجه الاقتصاد العالمي نحو مرحلة الركود التضخمي، بعد ما أن أفلتت زمام الأمور عن السيطرة النقدية والمالية للحكومات من جهة وارتفاع كلف الانتاج والنقل والخدمات اللوجستية من جهة أخرى، في ظل تراجع عجلة الإنتاج والقيود التي فرضتها الدول على نفسها أو نتيجة للعقوبات وحكماً بسبب الحرب الدائرة في شرق القارة الاوروبية، كل هذه الأحداث تأتي متزامنة في نفس الوقت التي تسعى فيه الدول لإعادة تأمين مخزوناتها من السلع والغذاء الذي تراجع أثناء الجائحة بسبب تراجع الإمدادات والنقص الحاد في الشحن البحري الذي تسبب بمشاكل كبيرو في سلاسل التوريد.

إجتهدت حكومات الدول المتقدمة لتحفيز النمو الاقتصادي في بلدانها اثناء الجائحة من خلال خفض معدلات الفائدة إلى ما يقارب الـ0%، الأمر الذي تسبب بتوسيع الفجوة في الثروة، أو اللامساواة. في المقابل ومع ارتفاع معدلات التضخّم والمستويات المنخفضة لمعدّلات الفائدة، فإن العالم متّجه نحو معدّلات فائدة حقيقيّة سالبة.

إن معدلات الفائدة الحقيقيّة هي معدل الفائدة الموجود يُطرح منه معدل التضخم. ففي حال كان معدّل التضخم أكبر من الفائدة في السّوق، تصبح معدّلات الفائدة الحقيقيّة أقل من 0%. إن هذا الأمر يُعدّ مؤشراً غير صحّي بالنسبة إلى الأسواق الماليّة لأن الفائدة هي أداة يتم من خلالها احتساب المخاطر. لذا في البيئة الحاليّة، هذه الأداة غير فعّالة. وهذا الأمر يشكّل ضغوطاً على النظام المالي، وأن أي خلل يحدث سيؤدي إلى أضرار كبيرة.

وللتخفيف من أثر الجائحة توجه البنك الفدرالي الأمريكي لخلق كميات هائلة من الأموال، وطباعة نحو تريليوني دولار وضخّها في السوق الامريكي وكذلك هو الحال في القارة العجوز فقد تم تقديم الدعم المالي المباشر للمواطنين في محاولة من الحكومات للتخفيف على المواطنين من وطأة الاغلاقات التي خلقتها الجائحة ولتخفيف الاثر النفسي على المواطنين في نفس الوقت . وهذا ما نستطيع تسميته (بالمال السهل) أي توافر الأموال في الأسواق من دون كلفة تقريباً (مع معدلات فائدة قريبة من 0%). هذه الأموال لم تُترجم كلها إلى طلب في الأسواق بشكل فوري. فبسبب الجائحة والإقفالات التي تلتها كانت فرص الاستهلاك أقل.

وبشكل واضح، ازدادت بشكل قياسي معدلات الادّخار لدى الأسر الأميركية خلال الجائحة. كما أن جزءاً كبيراً من الأموال التي ضُخّت في السوق اتجهت إلى الأسواق المالية ما انعكس ازدهاراً في أسواق الأسهم وفي أسواق العملات المشفّرة ولكن سرعان ما تبخرت هذه الاموال في اسواق العملات المشفّرة .

ومع تقدّم الوقت وانحسار الاغلاقات التي تسببت بها الجائحة، بدأت الأموال التي دخلت إلى حسابات ادّخار الأسر في الأسواق الماليّة بالتسرّب إلى الأسواق الفعليّة، ما زاد الطلب بشكل كبير، في مقابل تراجع في العرض. أدّى ذلك إلى ازدياد معدلات التضخّم في النصف الثاني من عام 2021.
ومنذ أن بدأت الحرب الروسيّة الأوكرانيّة، التي أثّرت بشكل كبير على الأسواق. فمن ناحية ارتفعت أسعار النفط والغاز نتيجة للعقوبات على روسيا (أكبر مصدّر للغاز وثالث أكبر مصدّر للنفط). كما تعرّضت سلاسل إنتاج وتوريد المواد الغذائيّة لضربة قاسية بسبب اغلاقات الموانئ في أوكرانيا وتراجع كميات التصدير من روسيا حيث أن روسيا وأوكرانيا مصادر أساسية لهذه المواد. وثانياً، وبسبب حالة الترقب للأحداث، بدأت الدول بالحدّ من تصدير المواد التي تنتجها تحسّباً لحاجاتها المستقبليّة لها. كل هذه الأمور ساهمت في انخفاض العرض في السّوق، وأدّت إلى زيادة الأسعار وبالتالي ارتفاع معدلات التضخّم.

تزامن معدّلات التضخّم المرتفعة مع معدلات الفائدة المنخفضة، هو سبب كافي لخلق كارثة اقتصادية ، فبوجود معدل تضخّم مرتفع ومعدّلات فائدة منخفضة، يعني أننا نعيش في بيئة فيها معدلات حقيقيّة سلبيّة، وهو ما يؤشّر إلى أزمة كبيرة قادمة.

بإعتقادي الشخصي ، فإن البنك الفدرالي الامريكي سيقدم على خطوات جريئة من خلال رفع مستمر لأسعار الفائدة في محاولة لن تجدي الكثير من النفع لاحتواء الأزمة بشكل تام ، ولكن لتقليص الفجوة بين التضخم التاريخي الذي نشاهده اليوم وأسعار الفائدة، وسيتخذ الاتحاد الأوروبي والدول التي ترتبط عملاتها بالدولار الامريكي تباعاً نفس القرارات ، مما سيؤدي الى ارتفاع مستمر في مؤشر أسعار المستهلكين وتؤاجع الاستثمارات وبالتالي تراجع في النمو الاقتصادي .

أمد الحرب قد يطول ، وكلما زادت العقوبات على الاتحاد الروسي، فإن أول من سيتأثر بها هي الدول التي فرضتها وهنا أعني الاتحاد الأوروبي وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركيّة، ولنكون أكثر دقة ، فإن التضخم في القارة العجوز سيكون تاريخياً، وستشهد أوروبا ركودا وتضخماً غير معهود .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :