facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الضرورات الحتمية لتدريس "الفلسفة" في مدارسنا ..


فيصل تايه
12-08-2022 11:20 PM

أقرت لجنة الانسانيات في "مجلس التربية والتعليم" ، الاطار العام للدراسات الاجتماعية ، والذي يتضمن استحداث مادة الفلسفة في منهاج صفي الحادي عشر والثاني عشر "التوجيهي" بكتاب مستقل ، إلى جانب تدريس مناهج فلسفية متنوعة عبر جميع المواد الدراسية في المرحلة الأساسية ، ليدخل القرار الجديد حيز التنفيذ في العام الدراسي ٢٠٢٤ / ٢٠٢٥ ضمن الإطار العام للدراسات الاجتماعية، بعد الانتهاء من وضع المناهج المخصًصة للفلسفة ، ضمن خطة معينة.

وفي هذا الاطار يتساءل الكثيرون : لماذا علينا أن نُدرِّس الفلسفة في مدارسنا ؟ لكن يبدو ان هذا الاهتمام المتجدد بالفلسفة أمرًا جيدًا بالتأكيد ، لكن من المهم أن نتفهم لماذا يتوجب على المختصين في التعليم ومجلس التربية التعليم اعادة ادراج مادة الفلسفة لتدرس للطلاب ، وكذلك فمن المهم أيضًا أن نعرف كيف سنقوم بتدريسها دون إثقال كاهل الطلاب بمادة إلزامية أخرى يتم تدريسها لتصبح مقررا دراسياً رسمياً ، وهل تتضمن مشاريع الإصلاح التربوي تحديث وتطوير المهارات التقنية والإبداعية للطلاب من خلال التفكير النقدي وحل المشكلات ؟ .

لقد كانت مادة "الفلسفة" إحدى المواد المهمة في مرحلة التعليم الثانوي في الاردن ، وهذا يدعونا الى إعادة إدراج مادة "الفلسفة" لتحقيق التوجهات التي من شأنها الإسهام في خلق الوعي ورفعه وتعزيز التفكير الناقد بجانب الجهود الحالية المبذولة في الاتجاه العلمي لخلق منظومة تعليمية متكاملة ، فالعودة لتعليم الفلسفة يعتبر أحد أهم الاتجاهات التربوية المعاصرة ، لذلك فالضرورة تتطلب العمل على منهج يثري معرفة الطالب بالتراث الفلسفي الإنساني وبالصراع الفكري ليستطيع التجاوب معهما بشكل صحيح فنحن لا نعيش بمعزل عن هذا الكون الواسع الرحب .

انا ونحن نعيش القرن الحادي والعشرين قرن التحديات المتسارعة والعولمة وإلغاء الحدود المكانية والزمانية وما نتج من ذلك من ظهور لأنماط حديثة من المهارات التي تحتاجها الأجيال للحياة والعمل ، فقد باتت الحاجة لتدريس مادة الفلسفة ضرورة حتمية ، خاصة بعد التحولات التي تبعها تجذير وترسيخ ثقافة العمل السياسي والحزبي في المناهج والخطط الدراسية المقبلة ، ما يدعو الحاجة الى تفهم قضايا العصر بكل ما يحويه من تجاذبات وتحديات ، ولأننا في عالم يتسم بالزخم المعرفي والتقدم التكنولوجي، فإن ذلك يفرض مراجعة شاملة للمناهج وطرق التدريس لتلائم التغيرات وتساعد في بناء جيل المستقبل القادر على مواجهة التطور والتحديات في كل المجالات .

ان حاجة ابنائنا الطلبة الى ثقافة فلسفة الحياة ، يدعونا الى تأمل سلوكهم العام ، ذلك ان الفلسفة بمنطقها الوجودي ضد العنف والأصولية والوصاية والأحكام الإطلاقية ، لذلك فنحن بحاجة ماسة لتربية الأجيال على العقل النقدي والسجالي ، اضافة الى أن الفلسفة ضرورة إنسانية لأنها تضفي على الإنسان إشباع حاجاته المعرفية حول ذاته والعالم ، خاصة ونحن امام كثافة المعرفة الفلسفية في عصرنا والتي تحتاج الى مناهج تربط معارفها بوقائع حية ، وهذا يستوجب ضرورة ايجاد محتوى للمادة يستوعب قضايا عصر هذا المجتمع ويعطي أفقا لذلك، اضافة الى الحاجة لتكييف المنهج وفق مستوى المتعلم ، مع تبسيط الخطاب الفلسفي وربطه باليومي وهذا يحتاج إلى برنامج مكثف موجه لتدريب المعلمين ، وهذا ما تجتاحه الثقافة الرقمية والتكنولوجية المعاصرة التي اصبحت الشغل الشاغل في الوجود الإنساني .

لا بد ان نعي ان العديد من الدول المتقدمة وخلال تجربتها في تدريس مادة الفلسفة ، استنتجت تغيرات في سلوك طلبتها علاوة على تحسن ثقة الطلاب بأنفسهم ، فعندما تكون قدراتهم المنطقية قوية سيكون بإمكانهم رؤية التناقضات في الأفعال الإنسانية وتحدي المبادئ الأخلاقية العقائدية البحتة ، كما ويمكن أن يساعد التفكير الناقد الطلاب على التفاعل مع الظروف الاجتماعية السلبية ، فممارسة الطالب للتفكير الفلسفي له مردود واضح في تحصيله الأكاديمي وعلاقاته الاجتماعية، وتتطور لديه الكثير من مهارات التواصل الفعالة ، كما وتوصلت الكثير من الدراسات الى إن الفلسفة تؤدي إلى تحسن كبير في القدرات الرياضية والقراءة ، ناهيك عن الفوائد الأخلاقية ، لذلك فان دمج الفلسفة في المنهج سيؤثر بشكل مباشر على التطور الأخلاقي للطلاب ووعيهم وتعلمهم وتفكيرهم المستقل .

يجب التأكيد ان تدريس الفلسفة والتفكير الناقد أحد الأركان المهمة لبناء قدرات الطلبة على امتلاك أسس التفكير السليم، والقدرة على اتقان بناء الحجة ليقدم كل واحد منهم نفسه بشكل مناسب للآخرين ، ضمن قواعد التفكير المنظم والناقد، ليكون قادراً على تقييم المواقف المختلفة التي يتعرض لها في الحياة، وتصويب الأفكار، وصولاً إلى استنتاجات صحيحة مدعومة بالأدلة بخصوص تلك المواقف ، عندما تقدم له منهجيات التفكير المناسبة التي تساعد على إدراك الاختلاف بين الخيارات المتاحة وكيفية الحكم ، ذلك فان للفلسفة كما نعلم لها دوراً مهما في بناء الفهم المناسب بالقضايا الأخلاقية بشكل عام ، وأخلاقيات التعامل مع الآخرين وأخلاقيات الحوار ، لينتقل الطالب من تحصيل المعرفة الفلسفية إلى أن تصبح الفلسفة نشاطاً وفعلاً حقيقياً ومعيشاً، وتوظيفها في مناقشات عقلانية لمشكلات ومسائل حياتية جدلية بما يشكل مدخلاً ثرياً للتفكير والسلوك وانفتاحاً على العلوم كافةً .

وأخيراً ، فان ما نريده بالفعل أن نشجع قدرات الطلاب الفطرية على تحديد الحقيقة والتمييز بين الخير والشر ، وهذا يحتاج الى تأسيس نظام تعليمي متكامل يتبنى الفلسفة من مراحل مبكرة ، ذلك لتعويد الطلبة وهم تلاميذ صغار على التفكير النقدي الحُرِّ والمستقل، ضمن أساليب تعليمية مناسبة تستند للقصة والحوار والفن والدراما، ويتم اختيارها ميدانياً في بعض الأحيان، وتصلح أن تطبَّق من قبل جميع المعلمين .
ودمتم سالمين
مع تحياتي





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :