facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




السيروتونين في عصر عدم اليقين


أ.د. هيثم العقيلي المقابلة
26-11-2022 11:58 AM

استكمل هذه السلسلة من المقالات الهادفة لفهم افضل للذات عسى ان تكون عونا للناس على تخطي هذه المرحلة العصيبة من عدم اليقين عالميا و ما يرافقها من أحداث تساهم في القلق و التوتر و فقدان الأمل.

أتحدث اليوم عن الناقل العصبي السيروتونين والذي ارتبط في اذهان الكثير بالسعادة مع أن دوره اهم من ذلك بكثير ودوره بالسعادة مساعد وغير مباشر.

السيروتونين هو المركب الكيميائي الدماغي المسؤول عن الثقة بالنفس وعن ضبط المزاج (عدم تقلبات المزاج)، كما انه المركب الكيميائي المرتبط بالقيمة الذاتية بما فيها القيمة الاجتماعية والقيمة الوظيفية، وبالتالي مرتبط بالتعاون مع الفريق وغيابه مسؤول عن العدوانية الهدامة.

نبدأ بسيناريو للتوضيح مؤسسة فيها موظفين، كلما ارتفع الشخص في السلم الاداري ازداد السيروتونين بالتالي يزداد ثقته بنفسه و بالتالي يميل الى الهدوء والرضى والحكمة، وهذا يدفع لزيادة السيروتونين وزيادة الثقة بالنفس وتنمية الشخصية القيادية، لكن لنفترض ان نفس الشخص تقاعد فجأه فإن ذلك يؤدي لانحدار حاد في السيروتونين ويتبع ذلك نقص بالثقة الذاتية والقيمة الادارية و الاجتماعية ويميل الشخص لتراجع بالاهتمام بالذات خصوصا المظهر الخارجي ويبدأ بالميل للعدوانية حتى وان كانت خفية على شكل انتقاد لمؤسسته السابقة التي كان يمتدحها قبل اسابيع.

كل ذلك ارتبط بالسيروتونين، لنفترض ان نفس الشخص اعيد تعيينه في منصب آخر مساوي للقيمة الادارية او الاجتماعية لعمله السابق سيعود السيروتونين للارتفاع وترتفع معه القيمة الذاتية والاهتمام بالذات والانخراط مع الفريق، نلاحظ ان الارتباط بين القيمة الذاتية المرتبطة بالقيمة الاجتماعية او الوظيفية و السيروتونين بالاتجاهين فكل منهما يدفع باتجاه رفع او تقليل الاخرى.

الاشخاص الذين يمتازون بالزهد الحقيقي بالقيمة الاجتماعية او المالية او الوظيفية يمتازون بارتفاع السيروتونين و الذي يعطي القيمة الذاتية بدون الحاجة للمؤثرات المادية و غالبا ما يستمد ذلك من قناعات دينية او قيميه او ثقافية، وهذا هو مبدأ الفلسفة الرواقية التي نشأت في الحضارة الإغريقية وقامت على تقبل ما لا يمكننا السيطرة عليه او تغييره والتركيز على ما يمكن السيطرة عليه وتغييره او تحسينه مثل ردة الفعل على الحدث وليس الحدث نفسه، ان اتقان ذلك واتقان التمييز بين شقي الفلسفة الرواقية هو الطريق لتحقيق الذات وفي هذه الحالات فان ارتفاع السيروتونين وما يتبع ذلك من الهدوء و الرضى و الحكمة و القوة الذاتية و استقرار المزاج هو الطريق الذي اختطه الرواد الذين غيروا احداث التاريخ.

ذكرنا ارتفاع السيروتونين وتراجعه في حال الوضع الاجتماعي و الوظيفي العالي وفقدانه و لكن ماذا عن المجموعات التي تقبع في درجات ادنى في ذلك السلم؛ هؤلاء ينقسمون الى نوعين الباحث عن ارتفاع القيمة بالعمل المفيد للمجموعة او المجتمع او المؤسسة و هؤلاء يرتفع معهم السيروتونين بشكل تدريجي و بالتالي تزداد الثقة بالنفس والرضا ويدفعهم للتفاني اكثر لصالح الفريق فتزداد اهميتهم في السلم، وهذه تعطي دفقات جديدة من السيروتونين، بالمقابل فإن النوع الثاني يبحث عن الاهمية و الارتقاء في السلم بطرق الصدفة و القفز فان حدث ذلك تحولوا الى مجموعات متلازمة "داينينغ كروجر" المدمرة لاي مؤسسة و تتفانى في التقليل او استبعاد القدوات و الكفاءات و فقدان الثقة بالمعايير بما ينتهي بدمار الهيكل على رؤوس الجميع أما الباحثين عن الاهمية بالصدفة او القفز و لا يتحقق لهم ذلك فان مستوى السيروتونين ينحدر بسرعة فيؤدي الى العدوانية و المزاج السيئ و قد يؤدي لاستبعادهم من المجموعات او انخراطهم في الادمان نتيجة ارتفاع الدوبامين المصاحب لتردي مستوى السيروتونين.

نرى تذبذب السيروتونين وتأثيره في تربية الابناء فالابن المفضل سواء لادائه الدراسي او الرياضي يتزايد عنده السيروتونين و يكتسب مع الزمن الثقة بالذات و الشخصية القيادية و بالمقابل نجد الابن الذي لا يجد التقدير او الاهتمام الكافي و عادة ما يكون الابن الاوسط فاقد للثقة و المسؤولية و الشخصية القيادية، في حين ان الابن الحاصل على الاهتمام و التقدير دون قدرات و غالبا ما يكون الابن الاصغر يميل الى شخصية دايننغ كروجر او الى اللهو و التبذير حسب مستوى السيروتونين الذي تم بناءه عبر السنوات.

التنمر و كذلك التحرش باشكاله سواءا في المدارس او في المجتمع هو عملية هدم لمستوى السيروتونين و بالتالي الثقة و القيمة الذاتية فينتج شخصية قلقة متوترة هشة.

كل ما سبق يمكن اعادة برمجته لرفع السيروتونين و استعادة الثقة بالذات و لكنها عملية بطيئة تحتاج رغبة و انضباط و بالتالي البرمجة الصحيحة منذ الطفولة اسهل و اكثر استدامة.

موضوع السيروتونين وارتباطه بالسلطة سواء على مستوى العائلة او العشيرة او المجموعة او المؤسسة مهم جدا والكثير من الامراض الاجتماعية و عدم الاستقرار في المجتمعات ناجم عن تذبذب مستواه نتيجة ادارة تلك المجتمعات، وليس ادل من ذلك من الطامحين الى الارتقاء في السلم الاجتماعي الذين يتم استبعادهم وبالتالي تتخطفهم مجموعات الاجرام او الارهاب او غيرها و التي تعطيهم دفقات من السيروتونين و ارتقاء في سلم تلك المجموعات من خلال افعال ضارة بالذات و المجتمع، لذلك لا بد من تصنيف ليسهل التعامل مع كل مجموعة داخل المجتمع او الدولة او العائلة وهي كما ذكرت في الامثلة السابقة، وقد يكون الاخطر هم مجموعات الشباب التي تبحث عن مكان داخل السلم الاجتماعي او الوظيفي فيتم استبعاد القادرين لصالح فئات دايننيغ كروجر فينتج مجموعات من الشباب الحانق و التي يعاني منها الجميع في تفاصيل الحياة اليومية بل و الاخطر ان تخطفتهم مجموعات الاجرام او الادمان او الارهاب.

لاستكمال عمل السيروتونين لا بد من الحديث عن الهزيمة النفسية و الهزيمة الاجتماعية و المرتبطة بنزول حاد للسيروتونين نتيجة فقدان الاهمية للفرد في المجتمع الذي له اهمية ذاتية له سواءا كان العائلة او مجموعة الاصدقاء او العشيرة او التخصص او الوظيفية او غيرها و تنبع اهمية الهزيمة النفسية او الاجتماعية نتيجة ارتباطها بالالم الجسدي و الالم النفسي، فكثير من الاعراض التي يشكو منها الاطفال و كبار العمر و المتقاعدين و فاقدي الوظائف وفاقدي الامل بالوظائف مرتبط بالنقص الحاد للسيروتونين نتيجة الهزيمة في المجتمع الاهم للفرد و تبرز هذه الاعراض على شكل الام عضلات و مفاصل و ضيق و الشعور بالدوار و قائمة لا تنتهي من الاعراض مع فحوص مخبرية و شعاعية طبيعية كلها نتيجة الهزيمة النفسية الاجتماعية.

وهكذا نرى كم من الجرائم التي ترتكب بحق الاطفال عند التقليل من اهميتهم او مقارنتهم بغيرهم و كم من الجرائم الاجتماعية ترتكب بحق الفتاة في مجتمعاتنا اذا قبلنا او بررنا التحرش، وبالتالي نحرم الفتيات من السلاح النفسي الاقوى و هو الثقة بالنفس وكم من الاباء و الامهات الذي يتألمون لان اهميتهم اختفت فجأة في الاسرة ولم يعد الأبناء بحاجتهم، وكم من الجرائم ترتكب بحق الذات عندما ترتبط قيمتها بمتغير مادي كالمنصب او المال، وليس ادل على ذلك من تزاحم الناس على صاحب المنصب في كل مناسبة ليجد نفسة منفردا مهزوما بعد ايام من فقدان المنصب لا يعبأ به أحد لتبدأ الاعراض و الامراض بالظهور.

في نهاية السلسلة سأكتب الرأي العلمي لتجنب ذلك، ولكنني استكمل السلسلة بالمقال القادم عن الاوكسيتوسين وهو الناقل الكيميائي المسؤول عن الحب سواء حب الذات او حب العائلة او حب الآخر وتقبله.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :