تخبّط إسرائيلي واضح تمر به، بكافة سياساتها وإجراءاتها وردات الفعل التي تقوم بها، فمن غير المعقول والمقبول أن يقوم أحد أفراد شرطتها باعتراض طريق السفير الأردني في تل أبيب لدى دخوله إلى المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف، ومن غير المنطق أن يُعاد التذكير على الأذن الإسرائيلية أن إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية هي الجهة القانونية صاحبة الاختصاص الحصري بإدارة كافة شؤون المسجد الأقصى وتنظيم الدخول اليه، فهذا الأمر أصبح من المسلّمات، لكن من الواضح أن إسرائيل تحتاج بين الحين والآخر انعاشا للذاكرة، بهذا الشأن وغيره من التفاصيل التي تتناساها .

ما حدث أمس من اعتراض طريق السفير الأردني في تل أبيب من أحد أفراد شرطة الاحتلال الإسرائيلي، يعكس كثيرا من بشاعة السياسات الاحتلالية الإسرائيلية، التي باتت تتجاوز القوانين والمواثيق وحتى الحقائق التي يجب أن تكون ملموسة على أرض الواقع ومطبّقة، وألا تحتاج للتذكير بها بين فترة وأخرى، وعلى إسرائيل أن تعمل على تعميم ذلك على حكومتها وشعبها وشرطتها، وأن تعمل بشكل حثيث أن يحفظها كل إسرائيلي على اختلاف موقعه عن ظهر قلب.

الأردن بطبيعة الحال لم يقف مكتوف الأيدي أمام ما حدث، إذ استدعت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين السفير الإسرائيلي، أمس إلى مقرها، وتم إبلاغه برسالة احتجاجٍ شديدة اللهجة لنقلها على الفور لحكومته، أكدت إدانة الحكومة الأردنية لكافة الإجراءات الهادفة للتدخل غير المقبول في شؤون المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف، ومن جديد التذكير بأن إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية هي الجهة القانونية صاحبة الاختصاص الحصري بإدارة كافة شؤون المسجد الأقصى المبارك / الحرم القدسي الشريف وتنظيم الدخول إليه.

فهو الموقف الأردني الواضح والمحسوم من المسجد الأقصى، ولا يحق لإسرائيل أي إجراء خارج هذا الإطار القانوني الواضح، وعليها كما أكدت وزارة الخارجية أمس الامتثال بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، لالتزاماتها وفقاً للقانون الدولي ولا سيما القانون الدولي الإنساني، بشأن مدينة القدس المحتلة ومقدساتها وخاصة المسجد الأقصى المبارك / الحرم القدسي الشريف، فما إسرائيل إلاّ قوة قائمة بالاحتلال، عليها أن تدرك ذلك وتلتزم به، وكل ما تقوم به بخلاف ذلك مدان ومستنكر، وغير معترف به، ومرفوض، وهذا ما على إسرائيل أن تنفذه على أرض الواقع، وعليها أن تدرك أن في كثرة التذكير بالأمور المحسومة جانبا يؤكد أن فيما تقوم به لا يأتي في صالحها مطلقا.

على إسرائيل أن تقرأ تفاصيل المشهد بصورة واقعية تجعلها تلتزم بالقوانين والتشريعات، ولا يحق لها مطلقا القيام بأي خطوة من شأنها المساس بحرمة الأماكن المقدسة، وأن تدرك أنه لا يحق لها القيام بما يمكن أن يغير من الوضع التاريخي والقانوني القائم في الأماكن المقدسة، وعليها أن تدرك وتنفّذ أنه لا يحق لها المساس بصلاحيات إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية، وأي تجاوز لذلك، فهي بذلك تتعدى خطوطا حمراء لا يستهان بعواقبها، ولن تترك الأمور دون أخذ مواقف أردنية حاسمة بهذا الشأن.

خطوط الأردن الحمراء واضحة، ومن يتجاوزها كما قال جلالة الملك قبل أيام في مقابلته لقناة سي إن إن «لدينا خطوط حمراء، وإذا ما أراد أحد تجاوز هذه الخطوط الحمراء، فسنتعامل مع ذلك»، نعم، هذا هو الأردن، بوضوح ولغة واضحة، بحسم وحزم، لن يسمح بتجاوز خطوطه الحمراء، لإسرائيل وغيرها ممن يتجاوز الخطوط الحمراء.. هذا هو الأردن.

(الدستور)