استنادا لتحليلات أقرب للصحة بتقدير دقيق لسير الأحداث الدائرة عبر قراءة معلوماتية لطبيعة التصورات الراهنة، فان الاستنتاجات الموضوعية تشير الى أنه لا يجوز فصل ما يحدث من معارك ومجسات استخبارية بعضها عن البعض، كما لا يجوز بناء قرار ذاتي دون الإحاطة الموضوعية لمجريات الاحداث كونها تأتي على التوالي المرابط ولا تقوم على التوازي المتقطع.

فلا يجوز مثلا فصل ما يحدث في العراق او في سوريا واليمن عن حرب غزة وإرهاب الدولة الذي يمارس في القدس والضفة المرتبط بشكل عضوي بتصفية القضية أو تسويتها بالوسائل العسكرية، لان عملية سير الأحداث والبناء عليها جاءت عبر متوالية عملياتية تشير الى وجود مرجعيات إقليمية ودولية تقف وتخطط وترسم لما يجرى من أحداث.

فهنالك محور فارسي روسي واضح، كما هنالك مركز اسرائيلي امريكي بائن، وهو ما يعني بالمحصلة أن صاحب القرار في المنطقة موسكو وواشنطن، وكل ما دون ذلك هو مجرد تفاصيل تقف عند هذه الحيثية او تريد التعمق من حيث تلك، لكن في مجملها تبقى أدوات ووسائل يمكن استثمارها او استغلال توقها لتحقيق حاله، ليتم توظيفها بالاطار المراد ترسيمه او تجاه الهدف المراد بيانه ،وهنا يستوجب سؤال مركزى يحتم علينا اعلانه متى ستقوم دول المشرق العربي ببناء قوة جيوسياسية مع انها محط استهداف من هذا التوجه ومحط استقطاب من ذاك ؟ ومتى يتم الاصغاء لصوت الاردن والملك عبدالله بضرورة إيجاد تحالف شرق عربي قادر على الردع وعامل للدفاع عن مكانته وقضاياه؟ في ظل هذه المعطيات الصعبة التي باتت تشكل تهديد حقيقي للمنطقة واسقاطات الروابط الدولية التي تربطها بشكل عضوي بسير الاحداث.

فالذي يرفض وقف الحرب على غزة هى الولايات المتحدة، والذي يرفض توسيع رقعة الحرب لتشمل مناطق اخرى هي ايضا الولايات المتحدة، والذي يريد وصول الجميع لبناء تصور مراد ترسيمة هي الولايات المتحدة، والذي يقف مع حكومة نتنياهو "المتطرفة" ويدفع (ع الراس) الثمن هي الولايات المتحدة، هذه هي حقيقة ما يجري والتي لا يرغب الجميع بالإفصاح عنها ! نتنياهو وكل أسماء حكومته ما هم إلا أدوات يتم استخدامها لبناء الحالة الجديدة التي من المهم الإفصاح ونعرف ماهيتها.

وددت عبر هذه المداخلة ان اقدم الخبر عن المبتدأ بالجملة السياسية؛ حتى اتمكن من اعرابها بشكل واضح، الجملة وبيان ما اريد ايصاله في المحصلة فمنذ أن تسلم ضابط المخابرات الأمريكية جو بايدن سدة الرئاسة عمل على تغير كلي في زوايا الاتجاه متحالفا مع الجيش والقيادة العسكرية لحوصلة الروس عسكريا، جالسا بالمقعد القطبي مع الصين بعدما كانت الزاوية مغايرة في عهد ترامب الذي تحالف مع رجال الاعمال ودخل من باب الاقتصاد، وجعل من روسيا بالاتجاه القطبي، وذهب باتجاه الصدام مع الصين وهو المتغير الجوهري الذي تتم بموجبه طبيعة الأحداث وسيرها.

وهو ما جعل من أمريكا تحكم بواسطة الجيش وتشكل وكالة الاستخبارات DIA)) مرجعية لكل القيادات الأمنية ليمتلك الجيش زمام الامور وبيان تقدير الموقف العام، وهو ما جعل من الجيش الأمريكي يقود امريكا ويقودها حتى في الانتخابات وما بعدها كونه اصبح يشكل المرجعية الضابطة لخطوط نظام الضوابط والموازين المرجعية الحكم ولكل مؤسساته الأمنية والعسكرية، والذي اصبح الجيش يشكل لها علامة فارقة كما لبيت القرار الأمريكي الذي ينطق بحال لسانه الرئيس جو بايدن، لكن الذي يشكل منطوق حكمه في واقع الأمر هو الوزير اوستن حاكم الظل في امريكا وحاكم متغيرات المنطقة والعالم، الذي كان قد أدخل المستشفى للعلاج والبيت الأبيض ليس على دراية بذلك لا من باب مستشار الأمن القومي جيك سوليفان ولا من مدخل الرئيس بايدن والتي استطاع الموساد الاسرائيلي خلالها استغلال هذه الفترة لتنفيذ حرب الاغتيالات بعد تسريبها بواسطة هيكس نائبه وزير الدفاع، والتي عارضها وليم بيرنز مدير المخابرات كما تشير بطون القراءات !.

وهو متغير يجب ان يقرأ بالسياق العميق حتى يتم توظيفة بالمحتوى المحيط، فان ارتفاع كعب مؤسسة الجيش في بيت القرار عن "البيت الأبيض والكابيتول والمحكمة الدستورية" يؤذن بمتغير قادم يحمل صفة ردعية، وأن الانتخابات القادمة سيكون بيان القرار فيها للمؤسسة "العسكرية والامنية" حيث بيت النخبة، وأن أصحاب الرأي في القطاع الخاص سيكون لهم تأثير محدود وان صوت الشعب سيحمل عنوان ادوات اقتراع وليس أدوات تغيير، وان الاستمرار بالنهج هو الأقرب للبيان وهو ما يعني بالمحصلة إن العالم يقف على أبواب متغير رادع، الذي يربط ما يحدث في حرب غزة بما يحدث في كييف أوكرانيا وهو ما يجعل المنطقة تعيش اجواء جزء من كل.