facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




تداول الأيام بين الناس لا يحدث تلقائيا!


اللواء محمد البدارين
08-02-2024 10:50 PM

في بداية عصر الصعود الى الهاوية ، شهدنا كيف باع الحاكم الجديد نفسه ، وكيف باع الرسالة نفسها ، وهو يبحث عن ذاته في فراغ سلفه ، مع ان سلفه لم يكن نبيا ابدا ، اما خليفة النبي ، فسيستبعد بغضب رأي نائبه القوي ، وسيقرر فورا شن الحرب ضد المتمردين ، مستعيدا في وقت قصيرجدا وحدة الدولة الناشئة وشعبها ، وما ان ينتهي من حربه في الداخل حتى يقرر من دون تردد خوض حربه في الخارج على جبهتين في وقت واحد ، لتحرير الشام والعراق من الاحتلالين البيزنطي والفارسي ، فليس للروم أي حق في هذه البلاد ، والعرب كانوا سلفا قد باشروا حربهم لتحرير العراق وحققوا نصرهم المفاجىء في ذي قار.

ولم يمت الخليفة الأول ، إلا وقد تأكد بأن استراتيجيته للتحرير والفتح ، قد أصبحت قيد التنفيذ ، فقبل وفاته بقليل ، أمر خالد بن الوليد أن يتحرك سريعا من جبهة العراق الى جبهة الشام لإنقاذ الموقف المتدهور هناك ، وحسم الأمر نهائيا مع الروم ، وسيقال بعد قليل ، لقد أتعبت الحكام بعدك يا أبا بكر ، ففي تلك اللحظة الحاسمة من القرن السابع الميلادي ، سيتغير وجه التاريخ للابد.

ولم تكن هناك أية اعتبارات ، وراء نقل العاصمة من المدينة الى دمشق ثم الى بغداد ، الا اعتبارات ترسيخ أركان الدولة العظيمة وتقليل تكاليف بسط السيطرة ، وحماية وحدة الأمة ، ولا توجد أية حقيقة على الاطلاق في تلفيقات يوسف زيدان والقمني وابراهيم عيسى ، ومن لف لفهم ، فلا شيء في الشام قبل معاوية ولا بعده ، ولا شيء في بغداد قبل الرشيد ولا بعده ، فكلا الرجلين وجهان لعملة واحدة ، فهاشم نفسه جد الرشيد ، هو عم اميّة جد معاوية شقيق أبيه ، ولم يكن ممكنا أن تدول تلك الدولة الكبيرة ، إلا بموجب قوانين التداول بين الأمم ، التي لا تحدث تلقائيا ، بل تجتمع لحدوثها عوامل وأسباب قابلة للملاحظة والفهم.

وحين يتم الاعتداء امس على ضريح معاوية في دمشق ، سنفهم بعض الاسباب ، وسنتعرف على أصل بعض الطقوس الدينية المصاحبة للاعتداء ، وسنتأكد ان الله لا يداول الأيام بين الناس تلقائيا ، فقوانين الصراع وموازينه ليست طلاسم إلا عند مفسري الاحلام ، وسنفهم الان اكثر لماذا أفتى من افتى بعدم جواز مقاومة الاحتلال الامريكي لبغداد والبصرة حديثا ، البصرة التي انتشر الاسلام منها بحرا وبرا إلى كل آسيا ، فهل صحيح أن كل ذلك كان يحدث من تلقاء نفسه ، ثم أليست أدبيات الاستسهال إلا نتاجا للثقافة السائلة واسهالات الفكر اليومي السائدة ، وفق زيجموند باومان ، وهل كان ممكنا ظهور هيفاء وهبي وكيم كارديشيان بدون حاضنة ثقافية تافهة، يشرحها بدقة الن دونو ومشاعل الهاجري ، ثم ألم يشرح المهدي المنجرة مخاطر عصر الإهانة بكل وضوح! حتى نفذ كتابه من السوق في اليوم الأول لصدوره.

وكما كان يتوقع المنجرة ، فقد ثبت ان قانون الاهانة نفسه يحمل في داخله استحالاته ، فلا قدرة للإنسان أن يتحمل قدرا فائضا من الاهانة دون رد ، وفي هذه المنطقة بالتحديد تعرض العرب والمسلمون لما لا يحتمل ولا يطاق من صنوف الاهانة ، وهي اهانة مركبّة وفق المنجرة ، ومن المستحيل توفير مزيد من القدرة على التحمل حسب الشروط البشرية ، ولذلك كان كتاب الاهانة نبوءة علمية دقيقة ، فسّرت مسبقا كل ما حدث في هذه المنطقة منذ بداية هذا القرن ، وصولا الى ما يحدث الآن في غزة.

وبشكل أعمق وأخطر فانه ما لم تنجح ابحاث تعديلات الشرط البشري ، وهي لن تنجح ، يجب أن تفهم كل اجهزة الاهانة في هذا العالم الحكمة البسيطة القائلة بأنك إن حبست القط سيتحول عليك أسدا.

لقد فشل برنامج دايتون الباهظ التكاليف ، فالفلسطيني المطلوب تعديله ، لم يتعدل ابدا ، والأسوأ أن المعتدلين مسبقا باتوا الآن بدون أي غطاء ، بفعل سياسات الاهانة المفرطة التي دأبت على اتباعها سلطات الاحتلال وقوى الهيمنة ، وليس بوسع كل أدوات القوة والسيطرة المعمول بها حتى الآن أن تسحب من المخلوق البشري كرامته لكي يتحمل كل ذلك القدر من الاهانة ، واذا ما نجحت قوة ما في تعديل خلق الله سيكون ذلك انهيارا يهدد المصير البشري ، بعد كل ما أصاب الأرض من اختلالات باتت تهدد مصير كل شيء حي.

انتهى عصر الصعود الى الهاوية بكل أعراضه وتوابعه ونتائجه ، ولم يعد أحد قادرا أن يدافع عن اي شيء يسمى السلام مع إسرائيل ، فاسرائيل حتى الان لا تبحث عن سلام الشركاء والأنداد بل عن سلام المتعاونين ، وهي لا تزال حبيسة أوهام صورة العربي المتخلف العاجز ، كما قال ايهود اولمرت مؤخرا ، وما لم تظهر قيادات جديدة في هذه المنطقة متحررة من كل الاوهام والاساطير ، فإن الدماء ستظل تسفك.

وسيكون ضروريا عاجلا او اجلا ، لكل عدو للعرب والمسلمين ان يبحث عن شركاء عرب ومسلمين ، إذا كان يرغب بتحقيق سلام فعلي في هذه المنطقة ، ووقف سفك الدماء ، فكل من يراهن على أدبيات العصر المنتهي عليه ان يعيد حساباته ، او ان يستمر في دفع تكاليف أوهامه ، فمصير هذه البلاد حسم نهائيا والى الابد منذ القرن السابع ، ولا جدوى من تكرار نفس المحاولات التي ثبت فشلها مرة بعد مرة بعد مرة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :