facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




سوسيولوجيا العلاقات الأسرية والتغيرات المعاصرة


د. أحلام ناصر
17-02-2024 04:56 PM

في السنوات الأخيرة، شهدت مجتمعات العالم العربي تغيرات هائلة، أثرت بشكل كبير على هياكلها الاجتماعية والثقافية. يَظهر تأثيرُ هذه التحولاتِ بشكلٍ خاص على العلاقات الأسرية، حيث نشهد تغيراتٍ سوسيولوجية مستمرة نتيجة للتحولات في المجتمع والتقلبات الاقتصادية والتطورات التكنولوجية. إن فهم هذه التغيرات، يعد أمرًا أساسيًا للمساهمة في بناء علاقاتٍ أسرية صحية ومستدامة قائمة على التفاهم المتبادل والمشترك.

تعتبر الأسرة المكونة من الأفراد المترابطين بالدم والروابط الروحية من أساسيات المجتمع، ولكن مع تقدم الزمن، تشهد الأسرة تحولاتٍ سوسيولوجية ملحوظة، تؤثرعلى منهج تكوين الاسرة واستمراريتها واولوياتها في الحياة، ونوعية العلاقات التي تربط بين افرادها ومنهجيات تربية الاولاد، وتسهم في زيادة المشاكل الاسرية وارتفاع نسب الطلاق، وفي هذا السياق، تشير الارقام إلى أن الأردن يتصدر قائمة الدول العربية وفقا لتقريٍر صادر عن صحيفة التليغراف البريطانية لعام 2022، والتي تم نشره في وكالة رم الاخبارية ،حيث اشار التقرير الى ان الأردن يقع ضمن اعلي 20 دولة في العالم بنسب الطلاق ، وفي المرتبة الأولى عربيا، اوضحت الصحيفة ان نسبة الطلاق في الأردن 2.6 لكل 1000 نسمة ، مما يضع الأردن في المرتبة 16 عالميا بنسب الطلاق. دعونا نلقي نظرة على مفاتيح تحولات العلاقات الأسرية في وقتنا الحالي، وكيف تؤثر على هذا التحدي الاجتماعي:

تغير الأدوار والمسؤوليات: تعيش الأسرة تحولات كبيرة فيما يتعلق بالأدوار التقليدية المتوارثة عبر العصور، حيث يسهم الرجل والمرأة بشكل مختلف في تحمل المسؤوليات المنزلية وتربية الأطفال، بالإضافة إلى الاعباء المالية المتزايدة. يترتب على هذا التحول تأثيرات عميقة على التفاهم النفسي داخل الأسرة، حيث يفتح الباب أمام تجارب جديدة في التواصل بين الافراد، وتعزيز دورهم في الحفاظ على استمرارية الاسرة، مما يؤدي إلى تغير في التوازن الديناميكي للعلاقات الأسرية، والتي يضع تحديا اخر امام افرادها والمجتمع لتقبل الهيكلية الجديدة للعائلة الصغيرة.

الضغوط الاقتصادية: يعد تأثير التحولات الاقتصادية على الأسرة أمرًا هاما لا يُغفل. تَتسبب الضغوط المالية الناتجة عن صعوبة ايجاد فرص عمل مناسبة وتحقق الاستقرارالمالي، اضافة الى زيادة متطلبات الحياة ذات الاثر المالي الى ارتفاع ملحوظ في التوتر النفسي والعاطفي داخل الأسرة، مما يعزز احتمالية حدوث النزاعات وتدهور التواصل الفعّال بين افرادها. يشكل التحكم في هذه الضغوط تحدٍ يتطلب فهمًا عميقًا للحالات النفسية لأفراد العائلة الصغيرة، حيث يصبح من الضروري تبني استراتيجيات فعّالة للتعامل مع التحديات المالية للحفاظ على صحة العلاقات الأسرية واستمرارية وجودها.

تأثير التكنولوجيا: تشهدت التكنولوجيا تطوراتٍ كبيرةٍ ومستمرة، والتي أثرت من خلال الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي والاتصال الرقمي على ديناميات العلاقات الاسرة، وعلى نسق التفاعلات بين افرادها، مما يطرح تحديات جديدة في بنية الأسرة الواحدة. تظهر التأثيرات المتنوعة لتكنولوجيا المعلومات في مجالات متعددة، بدءًا من تغيير نمط التفاعل بين الأفراد وصولاً إلى تأثيراتها على التواصل العاطفي، وتكوين الهوية الرقمية، والتحولات الاجتماعية والثقافية. يتطلب تفهم هذه التغيرات ضرورة تنمية استراتيجيات متقدمة للتفاعل الأسري، وتكامل فعّال مع تكنولوجيا الاتصالات الحديثة.

التحولات الثقافية والقيم: يشهد المجتمع تغيرات في القيم والتوجهات الثقافية نتيجة للتواصل السريع عبر الانترنت، وكذلك الهجرة التقليدية بحثا عن فرص اخرى للحياة من جهة وعودة المهاجرين الى بلادهم من جهة اخرى، وما يحملوه معهم من قيم ومعتقدات قد تكون جديدة واحيانا دخيلة، تساهم في تغييرالثقافة المجتمعية في كافة مناحي الحياة، ومنها العلاقات بين الافراد. يتطلب ذلك فهمأ عميقأ لهذه التحولات لتعزيز التواصل الفعّال والمبني على الاحترام داخل بيئة الأسرة والمجتمع. يُظهر التأثير البارز للتحولات الثقافية في تحديد قيم وتوجهات الأفراد في كافة مناحي الحياة، مما يجعلها جزءًا لا يتجزأ من فهمنا لتطور العلاقات الأسرية في ظل التغيرات الثقافية المستمرة.

التحديات الصحية النفسية: عندما تكون الأسرة نفسياً في حالة جيدة، ينعكس ذلك إيجابًا على المجتمع بأسره، وعلى العكس من ذلك، إذا تأثرت الصحة النفسية للأسرة، يمكن أن ينجم عنها اضطرابات في النمط السلوكي وتشويش في توازن النظام الاجتماعي الشامل. في العصر الحالي، يُلاحظ زيادة التحديات الصحية والنفسية التي يواجهها افراد الاسرة، مثل القلق والاكتئاب في ظل محدودية الاليات الداعمة المناسبة للتقيليل من اثرها، الى اهمية فهم هذه الاضطرابات التي يمر بها الافراد لاسباب مختلفة وتأثيراتها على ديناميات الأسرة، وتقديم الدعم اللازم لهم، أمرًا أساسيًا للحفاظ على صحة العلاقات الأسرية.

وفي الختام: تظهر التغيرات السوسيولوجية للأسرة الناتجة عن العوامل التي تم التطرق اليها في هذا المقال الى أن تأثيرات هذه التحولات تتعدى حدود العوامل التقليدية. حيث يتطلب بناء علاقات صحية، توجيه الانتباه نحو مجموعة متنوعة من العوامل التي تلعب حاليا دورًا في حياة الأفراد داخل الأسرة. يعد تطوير برامج توعوية تثقيفية، وتقديم الدعم النفسي لافراد الاسرة يساعدهم على التفاهم المتبادل، والتكيف البنّاء التي يعد مفتاحًا أساسيًا لمواجهة هذه التحولات بشكل فعّال، مما يسهم في تعزيز استقرار الأسرة وسعادتها. بالعمل المشترك للتغلب على التحديات والتكيف مع التغيرات، يمكن للأسر أن تبني هياكلا قوية، وتحقق التوازن الديناميكي للعلاقات الأسرية، مما يؤدي في النهاية إلى تعزيز قوة الروابط الأسرية وتحسين جودة الحياة العائلية واستدامتها.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :