facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




دوروثي لانج .. رائدة تطوير التصوير الفوتوغرافي الوثائقي


معتز بالله عليان
26-05-2024 01:45 AM

لم تكن دوروثي تعلم أن ذلك اليوم الشديد البرودة من أيام شهر آذار عام 1963 سيسجله التاريخ لها، رائدة في التصوير الوثائقي في العالم. ودوروثي لانج (المولودة في 26 مايو عام 1895م) هي موظفة عملت في أمن المزارع في كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأمريكية، أثناء فترة الكساد الكبير التي عاشتها البلاد في ثلاثينات القرن الماضي. قادها عملها إلى حمل كاميرا والتجول فيها بين تجمعات العمال المزارعين المهاجرين، حيث أوكلت إليها الحكومة تلك المهمة، فكانت تخرج في جولات كثيرة وتقطع مسافات ومسافات متنقلة بين تلك التجمعات ومخيماتها، تلتقط الصور ويرهقها ما تشاهد من أحوال مأساوية لأولئك العمال وحياتهم البائسة. كان ذلك اليوم طويلاً... شاقاً، حين مرت بسيارتها على أحد مخيمات العمال المهاجرين... لافتة كتب عليها "مخيم قاطفي البازلاء"، وعلى الرغم من أنها قطعت ما يزيد على 20 ميلاً مبتعدة عن ذلك المخيم، إلا أن شيئاً ما في داخلها دفعها للعودة إلى ذلك المكان، ربما كان فضول الإنسانية، الذي كان أحد عوامل تعلقها بكاميرتها الصغيرة وبما تنتجه من صور للحياة الواقعية كما هي دون رتوش أو تجميل.

وما إن وصلت إلى مدخل المخيم، حتى علمت بأن المحصول الذي أرهق جمعه وحصاده المزارعين أملاً في بيعه وتلبية بعض احتياجاتهم البسيطة لتعينهم على الاستمرار في الحياة، قد بقي لمدة أسبوعين يرزح تحت وطأة الأمطار الشديدة حتى تلف كله، تلك الموجة الشديدة من الأمطار التي ضاعت معها آمالهم، فأصبحوا دون عمل، ولا مال لشراء الطعام وإغاثة لهفة أطفالهم الجياع. قاومت دوروثي برك الطين والوحل العصية على التقدم بخطواتها نحو إحدى الخيام المهترئة في المخيم، فثمّة خيال امرأة يلوح من وراء قماش الخيمة أيقظ بداخل دوروثي فضول المصور، وأثار في نفسها شعوراً بالأسى لحال هؤلاء، وإذا بها تجد أُمّاً مهاجرة في العقد الثالث من عمرها، ومعها أطفالها السبعة يحتمون داخل الخيمة بملابس رثة متسخة، كانت تلك الأم تقتات هي وأطفالها على خضار الحقل التي جمدها الصقيع، وعلى بعض العصافير التي تمكن الصغار من صيدها.

التقطت دوروثي صوراً لهذه العائلة البائسة، ثم انطلقت عائدة إلى منزلها، لتقوم بتظهير الصور، وتحملها مسرعة إلى مكتب صحيفة "سان فرانسيسكو نيوز"، التي بدورها نشرت صورتين من مجموعة دوروثي لعائلة الأم المهاجرة. ولقد كان لتلكما الصورتين تأثير كبير ليس فقط في تغيير واقع الحال للأم وأطفالها، بل لكافة العمال المهاجرين؛ حيث كان لها الفضل في إقرار الحكومة الفيدرالية توفير الطعام والمأوى لهم في ذلك المخيم بقيمة 20 ألف باوند. وقد تم اختيار إحدى الصورتين المنشورتين في الصحيفة (الأم المهاجرة) كأفضل صورة تم التقاطها في النصف الثاني من القرن العشرين الميلادي، ولأهميتها في تاريخ التصوير الوثائقي وضعت هذه الصورة في مكتبة الكونجرس الأمريكي.

وهنا لنا أن نتخيل لو أن دوروثي تعيش معنا في هذه الفترة العصيبة التي عصفت بغزة وأهلها، وأحالتهم إلى نازحين لا يسكنهم سوى الخوف والجوع ولا يعرفون من معاني الحياة سوى البؤس والتشتت والفقد، لا يسمعون سوى أصوات انفجارات وطائرات تغير على خيامهم المهترئة فتحيلها قطعاً من نار. ترى كيف كانت عدستها ستلتقط ما يجري؟ وهل كانت ستسابق الوقت والمكان لتنشر صورهم في صحف أميركا كما فعلت مع الأم المهاجرة وأطفالها البائسين؟؟؟






  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :