facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الثقافة والشباب 4: الشغف والمسؤولية


أ.د. هيثم العقيلي المقابلة
26-11-2024 12:42 PM

اميل لتعريف الشغف بانه الرغبة الشديدة والحماس لحدث او شخص او شئ ما و من منظور علمي فإنه الشعور الناشئ عن افراز كميات من الدوبامين عند توقع مكافأة او متعة او سعادة. أهمية الدوبامين و بالتالي الشغف الناتج عنه انه يعطي التركيز و الانتباه و الدافعية القوية و القوة لكنه بالمقابل يؤثر على قدرة المعالجة المنطقية. أقرب مثال الوقوع في الحب او الحماس لوظيفة جديدة أو الرغبة في مغامرة ما فكلها يدفع افراز الدوبامين الى الحماس و الاستعجال و التحمل و لكنه بالمقابل يحجب التفكير المنطقي و الذي ينقشع بعد ان تبدأ موجة الشغف بالتلاشي. فتجد الخاطب و العاشق متحمس و لكنه يغفل التفاصيل في الاختلافات و التي ما ان يتزوج او تمر فترة الا و تظهر تباعا و بما ان الدوبامين يبدأ بالتلاشي يبدأ الملل و فقدان الشغف.

الموازي للشغف هو المسؤولية و هي القائمة على الثبات و الانضباط و الاستمرار و معالجة كل ظرف بحكمة. فمثلا الزواج لا يقوم فقط على حالة الشغف و لكن على مسؤولية انشاء مؤسسة أسرة و مواجهة المصاعب معا و حل الخلافات من أجل أهداف أكبر هي الاستقرار و الابناء.

للتوضيح فإن البعض قد يترك وظيفة آمنه توفر له دخل مناسب و يجري وراء شغفه بوظيفة أخرى ليجد أنها لا تناسبه بعد أن يتلاشى الشغف.

المقصود هنا أنه اذا تلاقى الشغف مع المهنة و الحياة فهذا افضل خيار و هو أن يعمل الشخص في المجال الذي يحقق شغفه و ينتظم مع الاشخاص الذين يتوافقون معه عقليا و اجتماعيا و لكن ان لم يتوفر ذلك فلا بد من التعامل مع متطلبات الحياة كواقع يحتاج الانضباط و الاستمرار و مع الشغف كهواية و هنا يأتي دور الارادة التي تحدثنا عنها في المقال السابق بأن نكون قادرين على مقاومة شهواتنا و عواطفنا لتحقيق ما هو أفضل.

فقدان الشغف من أصعب الاشياء و هو منتشر في مجتمعاتنا للاسف نتيجة عوامل عدة اولها عدم التمييز بين متطلبات الواقع و ابقاء وقت خاص للشغف كهواية و آلية استعادة للطاقة و المتعة اي اعادة شحن بطارية الحياة. العامل الاخر في فقدان الشغف هو الروتين يمسي فيه الفرد حبيس حلقة مفرغة بنفس الاماكن و الاشخاص و الاحداث و حتى الاحاديث التي يعاد اجترارها دون تغيير. العامل الثالث هو التشكي و التذمر المتكرر بدل محاولة خلق متع من الواقع مهما صعب و قد يكون ذلك اسهل قولا منه فعلا و لكن نرى الكثيرين بظروف صعبة يجدون اوقات للفرح و التغيير. العامل الرابع برأيي هو المحيط ان كان ممتلئ بالطاقة السلبية من الافراد الذين يحاولون استغلال الاخرين او التصيد لجملة او كلمة او التباهي على الاخرين و رايي دائما انه ان لم تكن في محيط معزز ان تبتعد قليلا و تصنع لك محيط محدود معزز و ايجابي ترتاح معه فالتعامل مع افراد تتوافق برمجتك العقلية معهم يحفز افراز هرمون الاوكسيتوسين و الذين يعزز الهدوء و الراحة و الرضا.

بما اننا نخاطب جيل الشباب الباحث عن طريقه في الحياة فإنني أعيد التاكيد انه ان اجتمع الشغف مع التخصص او العمل المناسب فإن ذلك هو الطريق للابداع و المتعة و الانجاز و يبدأ ذلك باختيار التخصص الذي يجد نفسه و يستمتع به و يهواه و بناء مهنته على اساسه و ليس على المظاهر الاجتماعية او الضغوط الاسرية فكم شاعر او كاتب مبدع ذهب لتخصص علمي لارضاء المحيط و كم عقل تحليلي رياضي مبدع ذهب للطب فقط للمظهر الاجتماعي و كم هاوي للتجارة و ريادة الاعمال ذهب لتخصص لا يحبه بسبب الضغوط الاسرية لذلك فإن اول خطوة للحياة السعيدة و المليئة تبدأ من اختيار التخصص الجامعي. كما اؤكد لجيل الشباب و الحائر في هذه الايام بين اتباع شغفة او تحقيق مهنة ناجحة انه ان كان لا بد ان يختار فإن الحياة الواقعية تفرض المهنة الآمنة بدخل جيد لبناء حياة و هذه تحتاج ثبات و انضباط و استمرار مع اقتطاع جزء من اليوم للشغف كهواية تعيد الشحن و الطاقة الايجابية.

جميعا نعرف ان الشباب في مرحلة ما سيدخل في صراع مع الواقع فهو سيتخرج ليواجه الحياة بدون سند قوي (مع بعض الاستثناءات) و لكن هنالك مثل وجدته مفيدا و اكتبه كما هو (طولة البال تهد الجبال) اي ان الصبر و المثابرة و العمل الجاد و الامل لا بد ان يعطي ثماره حتى لو تأخرت. و اختم بأن أؤكد على الصحة الجسدية بالتمارين الرياضية و التي تساعد على افراز السيروتونين الذي يعزز الثقة بالنفس و الارادة و الاندورفين الذي يعزز الهدوء و تحمل الالام و المصاعب.


دمتم بود





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :