ما المهم لأوزبكستان في مجال التعاون الدولي والإقليمي لمكافحة الإرهاب؟
01-12-2024 07:20 AM
عمون - في الأوقات الصعبة التي نعيشها اليوم، تظل مكافحة الإرهاب واحدة من أهم المهام التي تقع على عاتق المجتمع الدولي. وفي هذا السياق، أصبح البحث المشترك عن حلول فعّالة لمكافحة هذه الظاهرة الخطيرة التي لا تعرف حدوداً أو جنسية أو ديناً أمراً ذا أهمية خاصة.
ومن الجدير بالذكر أن إنشاء آليات فعالة للتعاون في مجال مكافحة الإرهاب كان جزءاً لا يتجزأ من السياسة الخارجية لجمهورية أوزبكستان في الآونة الأخيرة. ويهدف هذا التعاون إلى تعزيز الأمن وحماية المواطنين ومكافحة التطرف.
أوزبكستان والأمم المتحدة
تشارك أوزبكستان في العديد من الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية المتعلقة بمكافحة الإرهاب. وتدعم البلاد قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وتشارك بنشاط في عمل اللجان ذات الصلة.
وفي الآونة الأخيرة، شهد التعاون مع الهيئات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة، وخاصة مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، تطوراً مكثفاً للغاية.
وقد جاء تعزيز كبير لهذا التعاون من مؤتمر طشقند رفيع المستوى الذي عقد في مارس 2022، بمبادرة من رئيس جمهورية أوزبكستان. وحضر الحدث وزراء خارجية من آسيا الوسطى، وممثلون كبار من الأمم المتحدة، ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، ومنظمة شنغهاي للتعاون، ورابطة الدول المستقلة، والاتحاد الأوروبي، ومؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا، فضلاً عن مسؤولين وخبراء من المنظمات الدولية في المنطقة، بما في ذلك ممثلون من الصين وروسيا والولايات المتحدة وفرنسا ودول أخرى. وحضر المؤتمر أكثر من 400 مشارك من 46 دولة و29 منظمة دولية وإقليمية.
خلال الفعالية، تم اعتماد خطة عمل مشتركة محدثة لتنفيذ استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب وإعلان طشقند. وتم توزيع الإعلان كوثيقة رسمية للدورة السادسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة. وقد عززت الخطة المشتركة، التي وافقت عليها جميع بلدان آسيا الوسطى وبدعم من المجتمع الدولي، الجهود الإقليمية لمكافحة الإرهاب بشكل كبير.
تجدر الإشارة إلى أن شراكة أوزبكستان مع مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب ليست مجرد شراكة إعلانية، بل إنها تركز على النتائج العملية. على سبيل المثال، في أكتوبر/تشرين الأول 2022، وقعت أوزبكستان على أول "خارطة طريق" على الإطلاق مع مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب.
وفي إطار تنفيذ "خارطة الطريق" هذه، تم إطلاق برامج في مجال الأمن السيبراني والتقنيات الجديدة في آسيا الوسطى، وتم إنشاء شبكة افتراضية لمكافحة الإرهاب السيبراني. وكان من بين الإنجازات المهمة الأخرى إطلاق شبكة الإنذار المبكر في مجال مكافحة الإرهاب في آسيا الوسطى.
تم عقد أكثر من 10 فعاليات وطنية وإقليمية، تمكن خلالها حوالي 200 خبير من المنطقة من تعزيز مؤهلاتهم.
وقد ساهمت كل هذه التدابير في تعزيز التعاون الإقليمي وأرست الأساس لآليات جديدة للتفاعل في مجال الأمن.
UNOCT وISRS
ولتطوير القدرة على مكافحة الإرهاب، يتم إيلاء اهتمام خاص لتشكيل اتصالات مستدامة مع المنظمات ذات السلطة الرئيسية.
في 5 ديسمبر 2023، في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، تم توقيع مذكرة تفاهم بين مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب ومعهد الدراسات الاستراتيجية والإقليمية التابع لرئيس جمهورية أوزبكستان (ISRS).
وأكد الطرفان أن معهد البحوث الاستراتيجية والأمنية أصبح أول "مؤسسة بحثية" في آسيا الوسطى، وانضم إلى جانب الحكومات إلى ما يسمى "مجموعة الشركاء المميزين" التي وقعت الأمم المتحدة معها اتفاقيات تعاون.
وخلال الحدث، أقر الطرفان أيضًا بأن مذكرة التفاهم تشكل استمرارًا منطقيًا للشراكة الفعالة بين معهد البحوث الاستراتيجية والأمنية ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، وستخلق إطارًا قانونيًا قويًا للتعاون الثنائي.
وتحدد المذكرة المبادئ الأساسية ومجالات التعاون، بما في ذلك تبادل المنشورات ومعلومات البحث، وتنفيذ المشاريع المشتركة في إطار استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب، وحل القضايا الأخرى ذات المنفعة المتبادلة.
واليوم، اكتسب المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، خبرة كبيرة في تنفيذ أجندة الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب في المنطقة بشكل مشترك. ومن الأمثلة على ذلك المؤتمر الدولي الرفيع المستوى الناجح الذي عقد في طشقند في مارس/آذار 2022 بشأن تنفيذ استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب في آسيا الوسطى.
وبشكل عام، أشار الطرفان إلى أن توقيع المذكرة يفتح فصلاً جديداً في التعاون طويل الأمد والبناء بين مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب والمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في معالجة القضية الحرجة والحالية المتمثلة في مكافحة الإرهاب في آسيا الوسطى.
مرحلة جديدة من التعاون
وفي هذا العام، أحرزت أوزبكستان تقدماً كبيراً في هذا الاتجاه. وبناءً على الخبرة السابقة، تم خلال الزيارة التي قام بها وكيل الأمين العام للأمم المتحدة فلاديمير فورونكوف في شهر مايو/أيار الماضي، اعتماد "خارطة طريق" جديدة للتعاون بين جمهورية أوزبكستان ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب للفترة 2024-2025.
وبموجب هذه الوثيقة، تخطط الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب لدعم التنفيذ النشط لأربعة برامج عالمية لمكافحة الإرهاب من جانب بلدان آسيا الوسطى. وسيتم التركيز بشكل خاص على إعادة تأهيل وإعادة إدماج الأفراد العائدين من مناطق الصراع.
وعلى وجه الخصوص، في 14 مايو/أيار 2024، انعقد مؤتمر رفيع المستوى بالاشتراك مع مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب ومركز الأمم المتحدة الإقليمي للدبلوماسية الوقائية لآسيا الوسطى لإطلاق أنشطة مجلس الخبراء الإقليمي لآسيا الوسطى، الذي يتألف من خبراء بارزين في مجال إعادة تأهيل وإعادة إدماج العائدين.
وأظهر المنتدى، الذي شارك فيه ممثلون رفيعو المستوى من آسيا الوسطى والمنظمات الدولية، مرة أخرى المستوى المهم من التوحيد بين بلدان المنطقة واستعدادها لتحمل المسؤولية المشتركة لضمان الأمن.
وفي المقام الأول، يعد إنشاء مجلس الخبراء الإقليمي مثالاً فريداً للتعاون الإقليمي المؤسسي، الذي يهدف إلى تعزيز فعالية الجهود المشتركة في مجالات الإعادة إلى الوطن وإعادة التأهيل.
إن النتائج الإيجابية للجهود المشتركة في هذا المجال واضحة بالفعل. على سبيل المثال، في 26 يوليو 2024، عقد الاجتماع الأول لمجموعات العمل التابعة لمجلس الخبراء الإقليمي بتنسيق عبر الإنترنت. وتمت مناقشة الخطط الأولية لمجموعات العمل لعامي 2024 و2025 والقضايا المتعلقة بتطوير شبكة إقليمية غير رسمية للممارسين في مجال إعادة التأهيل وإعادة الإدماج.
يتمتع مجلس الخبراء بالقدرة على أن يصبح مصدرًا فريدًا للمعرفة والأساليب المهنية. ويمكنه تقديم أفضل الممارسات في مجال إعادة الإدماج والتأهيل للأفراد في المواقف الصعبة.
وتؤكد "خارطة الطريق" الموقعة أيضًا على المشاريع التي تهدف إلى حماية الأهداف المعرضة للخطر من التهديدات الإرهابية، وكشف تمويل الإرهاب ومنعه ومكافحته، واستخدام التقنيات الجديدة لأغراض إرهابية.
ومن دواعي السرور أن تجربة دول آسيا الوسطى في بناء التعاون في مكافحة الإرهاب تعتبر اليوم نموذجية وتحظى باهتمام كبير من المجتمع الدولي، وتتلقى دعماً شاملاً من الأمم المتحدة.
ويتم تسهيل ذلك من خلال التنفيذ المشترك لخطة العمل المشتركة لتنفيذ استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب.
الخاتمة
تشارك أوزبكستان بشكل فعال في التعاون الدولي والإقليمي لمكافحة الإرهاب، وتستخدم مختلف الأساليب والمبادرات لمكافحة التهديدات الإرهابية.
وتدرك البلاد أن النجاح في هذا المجال يعتمد على التعاون الوثيق على المستويين الدولي والإقليمي، وتواصل تطوير مبادراتها الرامية إلى ضمان الأمن والاستقرار في آسيا الوسطى وخارجها.
وهناك عدة مقاربات رئيسية يمكن أن نستعين بها في هذا الصدد. فأولا، تتطلب مكافحة الإرهاب اتباع نهج شامل لا يشمل الأساليب القسرية فحسب، بل يشمل أيضا التدابير الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
ثانياً، تؤكد أوزبكستان على أهمية التفاعل على المستويات المتعددة، بما في ذلك أشكال التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف. وهذا يسمح بالاستجابة الفعالة للتهديدات على مستويات مختلفة.
ثالثًا، هناك جانب مهم يتمثل في مشاركة المجتمع المدني والمنظمات الدولية في مكافحة التطرف. وتعمل أوزبكستان بنشاط على مبادرات تهدف إلى تدريب وتثقيف السكان.
* تيمور أحمدوف- رئيس قسم في معهد الدراسات الاستراتيجية والإقليمية التابع لرئيس جمهورية أوزبكستان.