facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الدولة والشرعية


أ.د. هيثم العقيلي المقابلة
16-12-2024 07:22 PM

ذكرت في المقال السابق ان فكرة الدولة هو نموذج حديث نسبيا نتاج للفكر الغربي و قائم على مجال جغرافي محدد يعيش عليه مجتمع متعدد الهويات الفرعية و تجمعه الهوية الجامعة للدولة التي يحكمها سلطة سياسية تدير شؤون المجتمع و تحتكر العنف و تدافع عن الحدود المادية و حدود الهوية الوطنية و كل ذلك وفق عقد اجتماعي يحدده الدستور و ما ينبثق منه من قوانين و انظمة و تعليمات و اسس ضمن رؤية قائمة على تنازل الفرد عن جزء من حقوقه لصالح المجتمع و سعي الادارة السياسية لحماية الحقوق الفردية و المدنية و السعي لمحاربة الفقر و تحقيق العدالة الاجتماعية.

شرعية الدولة تختلف عن شرعية الحكم فالاولى تتم من خلال القبول و الاعتراف الدولي بناء على النظام الدولي الذي تم بعد الحرب العالمية الاولى و من ثم تم تعديله بعد الحرب العالمية الثانية و بما ان الولايات المتحدة هي العمود الفقري و الضامن لهذا النظام فاعتراف و قبول الولايات المتحدة سيقود حكما للاعتراف الدولي. ابسط الامثلة هو استبدال الصين بدولة تايوان في الخمسينات و الستينات و كذلك تعديل جغرافيا بولندا بحيث خسرت ارض لأوكرانيا و تمددت في الارض الألمانية كنتيجة للحرب العالمية الثانية.

لكن هنالك شرعية وجود لأي دولة و هي شرعية غير مكتوبة و لكنها تمثل سبب و روح وجودها و هذه تكتسب اهمية توازي الاعتراف الدولي. فمثلا سوريا و مصر شرعية الوجود قائمة على العمق التاريخي و لو كانت اي بقعة جغرافية اخرى او جزء منهما ورثت الاسم لكان لها الشرعية و ابسط مثال اعتراض اليونان على اسم مقدونيا باعتبارها ارث للثقافة الاغريقية اليونانية.

الجزائر و ليبيا شرعية وجودهما العروبة فالاولى حاولت فرنسا دستوريا اعتبارها فرنسية و لكن عمقها العروبي كان الدافع للثورات و التي انتهت بعودتها لهويتها. اما ليبيا فقد بقيت في الدستور الايطالي جزء من الاراضي الإيطالية حتى عقد التسعينيات إلى ان اعلن القذافي نيته الترشح لانتخابات الرئاسة الإيطالية فتم تعديل الدستور. المغرب تستمد شرعيتها من عمقها التاريخي من مملكة المرابطين و العراق ما زال يعاني مع الشرعية التاريخية لتشكله من ثلاث هويات لم تصل لاتفاق نهائي حقيقي بعد.

روسيا تستمد شرعيتها من الامبرطورية القيصرية في حين اوكرانيا ما زالت تدفع ثمن رمادية الهوية التاريخية و نذكر عندما اعلن المستشار الالماني الاسبق ان وجود أمة أوكرانية محل شك. حتى الولايات المتحدة تستمد شرعيتها من حرب التحرير و الاستقلال و القائمة على قيمها الحالية النظرية على الاقل من الحرية و الديمقراطية و المساواة بين الاعراق و الالوان و المواطنة.

الاردن و دول الخليج شرعيتها من انظمة الحكم فالاردن تشكل بالهاشميين و معهم لذلك فإن اي ضعف لرمزية الهاشميين تعني سحب الجزء الاكبر من شرعية الاردن. و كذلك دول الخليج نشأتها و وجودها ارتبط بالعائلات الحاكمة و بالتالي ضعف اي من هذه العائلات يعني تراجع شرعية الوجود. النقطة الاخيرة مهمه حتى لا تنخدع شعوب الاردن و الخليج بالدعوات و المبررات التي تحاول المرور عبر دعوات التحديث و الانسانية و غيرها لضرب شرعية هذه الدول بتشويه او اضعاف رمزية انظمة الحكم العائلية و لكن ذلك ايضا يلقي مسؤولية اكبر على العائلات الحاكمة بالحفاظ على قوة الجبهة الداخلية من خلال الفهم العميق لطبيعة مجتمعاتها و تطورها و انفتاحها على ثقافات جديدة و هذه تحتاج مقالة منفصلة.

هذا يقودنا الى شرعية انظمة الحكم باعتبارها الادارة السياسية لمجتمع بهويات متعددة (قبلية، دينية، عرقية، مناطقية..الخ). الهدف من الادارة السياسية السعي الى حماية الحقوق الفردية و المدنية و السعي لمحاربة الفقر و تحقيق العدالة الاجتماعية ما امكن. إن تحقق ذلك بالديمقراطية كما في النظام الغربي فهذا جيد و لكن هنالك دول ستؤدي فيها الديموقراطية حكما الى التناحر الداخلي و الفوضى و هي الدول المرتبط شرعية وجودها بالعائلات الحاكمة و هذه برأيي يجب فيها الحفاظ على صلاحية و رمزية الحاكم مع مؤسسية المؤسسات و ابقاء اطار اسري في الادارة العامة للدولة.

حتى لا يتفاجأ القارئ برأيي في الديمقراطية في بلدان مثل الاردن و الخليج اذكر ان الديمقراطية في الغرب انتهت بحكم الأوليغارشية و التي تعني عائلات و افراد يسيطرون على المال و وسائل الاعلام و بالتالي يؤثرون في اختيار القادة و القرارات بما يخدم مصالحهم في الغرب بالتالي حتى لا نقع في اوهام الديموقراطية لا بد ان يكون الهدف الحفاظ على سيادة الدولة على حدودها الجغرافية و هويتها الوطنية (الجسد و الروح). هذا لا يمنع حد معين من الانتخاب و الديموقراطية و لكن ان لا يصل الى التفكير في نظام الحكم لانه سيكون نهاية الدول القائمة شرعيتها على العائلات الحاكمة مثل الاردن و دول الخليج.

دمتم بود





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :