حين وطأت أقدامنا أرض دولة الإمارات العربية المتحدة، كنا نحمل في قلوبنا طموحات وآمالاً كبيرة، لكننا وجدنا في هذه الدولة أكثر مما حلمنا به. وجدنا بيئة حاضنة للأحلام، داعمة للإبداع والابتكار، ومهيئة لكل مجتهد ليصنع مستقبله. لم تكن الإمارات فقط وطناً ثانياً لنا، بل أصبحت مدرسة تعلمنا فيها أن رد الجميل للوطن يكون بالعطاء المستمر والعمل الجاد.

لطالما كنت مؤمناً بأن "المعرفة" هي أعظم هدية يمكن تقديمها لأي مجتمع. ومنذ عدة سنوات، كرّست جهودي لإنتاج المعرفة ونشرها من خلال تقديم الدورات التدريبية وورش العمل، والمشاركة في المؤتمرات والملتقيات وكتابة المقالات، وإعداد الملخصات والنشرات الإدارية التي تهدف إلى تحسين أداء المؤسسات وتنمية الكوادر البشرية. لم يكن هذا العمل مجرد وظيفة أو نشاط يومي، بل رسالة تحمل في طياتها حباً ووفاءً لهذا الوطن الذي منحنا الكثير.

قبل يومين، تم الإعلان عن أن عام 2025 سيكون "عام المجتمع" في دولة الإمارات، مما يعكس التأكيد على الدور الحيوي لكل فرد يعيش على هذه الأرض المباركة في خدمة المجتمع ورد الجميل له. بالنسبة لي، أؤمن أن المعرفة هي السبيل الأمثل لتحقيق هذا الهدف؛ فهي الأساس الذي تبنى عليه المجتمعات القوية، والمفتاح الذي يفتح آفاق المستقبل، ويقود إلى التقدم والازدهار.

المعرفة ليست مجرد معلومات تُنقل، بل هي أداة للتغيير، وسلاح لمواجهة التحديات، وجسر يعبر بالمجتمعات نحو مستقبل أفضل. في كل دورة أقدمها، وفي كل مقال أكتبه، وفي كل مشروع أساهم فيه، أشعر أنني أضع لبنة في بناء مجتمع معرفي قوي ومستدام.

دولة الإمارات قدمت نموذجاً استثنائياً في الاستثمار في الإنسان، ووفرت بيئة حاضنة للإبداع والابتكار. ونحن، بدورنا، نسعى لنكون جزءاً من هذا النموذج من خلال نشر الوعي، وتعزيز الفهم، وتمكين الأفراد والمؤسسات من تحقيق إمكاناتهم الكاملة.

"بالمعرفة نرد الجميل" ليس مجرد شعار نرفعه، بل هو منهج حياة يعبّر عن التزامنا تجاه مجتمع أعطانا الكثير. إنه دعوة لكل من يعيش على هذه الأرض الطيبة ليجد طريقه الخاص في رد الجميل، سواء كان ذلك بالعلم أو العمل أو العطاء الإنساني. فالجميع مسؤول عن ترك أثر إيجابي، وعن المساهمة في بناء مستقبل أكثر إشراقاً وتقدماً لهذا الوطن الذي يستحق منا كل الولاء والإخلاص.

* صالح سليم الحموري
خبير التدريب والتطوير
كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية