جردة حساب2: مراجعة وطنية
أ.د. هيثم العقيلي المقابلة
17-02-2025 08:18 PM
الاردن اليوم في وضع مختلف عنها قبل شهور و التحديات القادمة متعددة الأوجه و إن كنا حقا نريد أن نكون عونا لجلالة الملك لا بد من مراجعة لبعض المحطات و تكييفها مع الحاجة السياسية لحماية الاردن و دعم و تأييد مواقف سيد البلاد. أطرح بعض النقاط و رأيي في آلية التعامل معها:
1. الجبهة الداخلية: تحصين الداخل يبدأ باشراك النخب الشعبية الكفؤة و المؤهلة و التي تمثل قدوات اجتماعية و ثقافية و علمية فما لاحظته غياب الغالبية من المسؤولين السابقين و هؤلاء خارج السلطة التنفيذية عن طروحات واقعية باللغتين العربية و الانجليزية و بسقف اعلى من السقف الملكي. ملخص السياسة الملكية برأيي هو رفض اي مخططات لا تتفق و مصلحة الاردن و فلسطين دون صدام مباشر مع الولايات المتحدة أو رئيسها و هذا طبعا منطقي و ضروري للحفاظ على المصالح الاردنية و الامن و الاستقرار و حتى الحاجات المعيشية التي تلبي المساعدات جزء منها. بالمقابل فإن من خارج السلطة التنفيذية ليس ملزما بهذا السقف و الاصل ان يكون سقفه اعلى و اكثر صراحة و وضوحا الا اذا كان منهم من يعتقد ان هنالك نوع من التغيير او التأثير قادم و يريد امساك العصا من المنتصف حتى لا يظهر معادي لسياسة الامريكان. اعتقد ان رسالة الشعب الاردني واضحة و هي أننا خلف سيد البلاد و سمو ولي عهده حتى يفنى منا الكبير و الصغير.
2. الهوية الاردنية و الوحدة الوطنية: الصراع على ارض فلسطين هو صراع هويات ثقافية و جزء من الصراع تعزيز الهوية الثقافية الاردنية دون المساس بالوحدة الوطنية بمعنى آخر أنّ الاردنيين من شتى الاصول و الأديان و المناطق و العشائري هم اهل و في خندق واحد و هويتهم اردنية مع حقها بالاعتزاز باصولهم طالما لا يترتب على ذلك تغيير في الهوية السياسية. لقد رأينا كيف عبر الاردنيون من شتى الاصول عن تأييدهم و دعمهم للمواقف الشجاعة لجلالة الملك و بالتالي فيجب ان نفرق بين التهجير او الوطن البديل بتصدير الهوية الى الاردن و الاردنيون باختلاف اعراقهم و اصولهم و اديانهم. نحن في مرحلة تعزيز الوحدة الوطنية على اساس الهوية الاردنية و مرفوض اي استغلال للعواطف الدينية او الوطنية او القومية لإحداث فرقة داخلية.
3. نحن ما زلنا ضمن التحدي الثقافي الذي هو جذر الصراعات في منطقتنا فالايراني ضعف لكن مشروعه ما زال قائما و له مناصرون داخل وطننا و النموذج السوري في الحكم لم يختبر بعد و لا نعرف تأثيره على استقرارنا فقد يصبح نموذج شبيه بالتركي مطلوب تعميمه و قد يصبح عمق لتيارات موجودة في منطقتنا. كذلك فإن النموذج الذي سيقبل في غزه قد يفتح الشهية لتطبيقه في الضفة و هذا هو الخطر الحقيقي علينا سواءا كان التهجير القسري او ان نكون جزء من ادارة الوضع هناك. نعم جلالة الملك مواقفه واضحة في ذلك و لكن يحتاج دعم شعبي واضح و عقلاني و يعبّر باللغتين و نخب تشتبك بالمقالات و على الاعلام و وسائل التواصل.
4. نقطة احاول تجنب الحديث فيها و لكن لا بد من طرحها و هي ان عمقنا العربي الرسمي له خلافات مع بعض التيارات و بالتالي لا بد ان نحافظ على عمقنا باخذ توجساته بعين الاعتبار.
5. الصراع الحالي هو ثقافي سياسي و بالتالي هنالك عبء على وزارة الثقافة لا بد ان تضطلع به مثل طرح نموذج ثقافي للوحدة الوطنية بهوية اردنية يجمع ولا يقصي و بنفس الوقت يحصن الاردن من اي صراع هوياتي على ارضه و كذلك طرح ثقافي باللغة الانجليزية يخاطب الآخر بحقائق التاريخ و خطر زعزعة التوازن الثقافي على ارض الاردن فالدول الحديثة منذ معاهدة وستفاليا اصبحت وريثة للثقافات و الحضارات التي قامت على ارضها منذ فجر التاريخ و تشكلت هويتها الوطنية ضمن حدود اتفاق وستفاليا وهي و ان كانت قادرة على استيعاب نسبة سكانية معينه فان الزيادة عن ذلك تعني انهاء ذلك التوازن و خلخلة اساس الدولة و التأسيس لفوضى تطال محيطها.
6. العالم تغير كثيرا في آخر اربعة أشهر ولا بد من التكيف مع ذلك التغيير خصوصا في دولة محدودة الامكانيات فنحن نرى اليوم دول كبرى تحاول التكيف مثل الصين و روسيا و كندا و اوكرانيا و الدول الاوروبية لتتعامل مع الواقع الجديد.
الملخص أننا اذا اردنا ان نكون عونا حقيقيا لجلالة الملك فلا يجب أن نرمي العبء عليه فجلالته عنده اعتبارات مهمة مثل الوضع المعيشي للمواطن الاردني و وضع الاقتصاد الوطني و امن و استقرار الاردنيين و هذه جميعها تفرض ان لا يكون اي مواقف حادة او صدامية و هنا نحتاج ان نثق بحنكة سيد البلاد السياسية و أن لا ينساق احد خلف التجييش على وسائل اتصال و اعلام خارجيه تجتزء جزءا من تصريح او تحرف ترجمة بعض الجمل كما حدث قبل ايام و بالتالي قد يحدث لاحقا لهز ثقة المواطن بقيادته و مؤسساته الوطنية