facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




فلسفة شتوية1: غريزة البقاء و البحث عن السعادة


أ.د. هيثم العقيلي المقابلة
26-02-2025 11:26 PM

منذ الاف السنين و الانسان يبحث عن السعادة أو هكذا يبدو و في الحقيقة أن اننا نبحث عن معنى للحياة و اسباب تجعلنا نصحو صباحا و ننطلق في يومنا.

العقل الباطن مصمم غريزيا للبقاء و ليس للسعادة و نتج عن ذلك ان كل ما يساعد في البقاء سيعطي متعة متكررة و رضى أو سعادة طويلة الأمد في حين أن ما لا يخدم برمجة البقاء سيعطي متعة عابرة و سعادة قصيرة الأمد يتبعها الشعور بالفراغ و احياناً التوتر أو الملل. ما يخدم البقاء هي الاهداف التي تحمل قيمة و معنى فمثلا عند الجوع يحفز العقل الباطن البحث عن الطعام و يحفز متعة تناول الطعام و سعادة الشبع و هذه تتتكرر لانها تخدم هدف البقاء و ينطبق ذلك على أمثلة أخرى مثل شرب الماء الذي يمثل متعة و رضى للعطشان و كذا العلاقات الزوجية و كذا الحصول على الامن و الاستقرار و الانتماء لمنطقة أو مجموعة.

اذا العقل الباطن مبرمج للاهداف التي لها معنى و قيمة و ليست المجردة لذلك فإن المال و الشهرة و السلطة و المنصب و العلاقات كلها ان تجردت من المعنى اعطت متعة و سعادة عابرة يتبعها خواء مزعج. اذا لا نستغرب ان يشعر المشاهير و رابحوا اليانصيب بالتعاسة ان خلت حياتهم من معنى.

السر يكمن في ايجاد او صياغة معنى لاهدافنا فكل هدف قد يكون مجرد و قد نصنع له معنى فالعقل الباطن لا يميز بين الحقيقة و الكذب و بين الواقع و الخيال و هذا مدخلنا لإعادة برمجته او الاستفادة من برمجته الموجود. مثلا الحصول على المال ان كانت مجردة نعطيها معنى بأن تكون للاعتماد على الذات و مساعدة محيطنا و الشهرة نعطيها معنى بأنها لنشر رسالة ثقافية و محتوى مفيد و العلاقات نعطيها معنى بأنها لتكوين أسرة و التناسل و الذي هو أهم وسائل استمرارية البقاء بالنسبة للعقل الباطن و السلطة نعطيها معنى بأنها لنشر العدالة الاجتماعية و نصرة الطبقات المهمشة و هكذا. طبعا الاجدر أن تكون هذه المعاني هي أهدافنا الحقيقية لكن حتى ان لم تكن خصوصا في جيل الشباب لنعطيها ذلك المعنى لنحصل على المتعة المتكررة و السعادة المصحوبة بالرضى.

السير عكس برمجة العقل الباطن هو معركة خاسرة مسبقا فنحن نتحدث عن برمجة ورثناها عبر الاف السنين و تأصلت بتشابكات و سيلات عصبية و توازن كيميائي.
قد يختار البعض أن يقفز عن كل ذلك بالزهد او التدين او حمل فكر انساني نبيل و ذلك خيار اذا لم يصاحبه تطرف او تعصب.

لفهم ما سبق أذكر أن العقل الباطن مسؤول عن خمسة و تسعون بالمئة من حياتنا اليومية و يتحكم بالسلوك و العواطف و الانفعالات و الاحاسيس و المواهب و الاعتقاد و الذكريات و غيرها الكثير.

العقل الباطن تتشكل برمجته في السنات السبع الاولى للطفل حيث يكون بمثابة لوح ابيض يكتب عليه الاهل و المحيط البرمجة التي سيعيش بها الفرد باقي حياته ما لم يبذل جهد لاعادة البرمجة لاحقاً.

بعد سن السابعة يبدأ العقل الواعي بالتشكيل و يصبح حاجزا بين المحيط و العقل الباطن و لذا نجد في سن المراهقة أن الفرد في صراع بين ارادته و ارادة المحيط سواء الاسرة او المجتمع او حتى القوانين و ذلك الى ان يكتمل العقل الواعي و يحسن السيطرة و التحكم ضمن الحدود التي يسمح له بها العقل الباطن بالبرمجة التي اكتسبها من البيئة الاجتماعية و الثقافية و بما تناقلته جيناتنا عبر آلاف السنين.

الخص و اقول ان فهم الية عمل العقل الباطن و برمجته بطريقة سليمة و قبول ما ورثناه من غرائز قد تجعل حياتنا اليومية اقل معاناة و اكثر متعة و رضى.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :