فلسفة شتوية 2: أسئلة تحتاج إجابات
أ.د. هيثم العقيلي المقابلة
02-03-2025 01:13 AM
الفلسفة هي البحث عن الحقيقة للوصول لحياة أفضل للفرد و المجتمع. هنالك أسئلة منذ أشهر أبحث لهم عن إجابة.
الأول كيف لجيل الشباب أن يحيا حياة سليمة و مستقرة في خضم كل التحديات و التفاصيل و الإحباطات و التغيرات المتسارعة في محيطه القريب و الأكبر، و أما السؤال الثاني فهو كيف لمن اقتربوا لسن التقاعد أو وصلوا لعمر معين حققوا فيه أو إكتفوا بتحقيق أهدافهم الرئيسية أن يبقى لهم حافز و دافع ليعيشوا حياة لهم طعم و لون و شغف بدل ما نراه احيانا من استكانة بعضهم و ذبولهم.
السؤال الثالث كيف ارتضي الفرد أن يضحي بحريته المطلقة ليكون جزءا من مجتمع او جماعة و هل حدث ذلك تاريخيا طوعا أم قسراً.
السؤال الرابع: ما الذي يمنع أن تعيش البشرية متعاونة متكاتفة بدل النزاعات و الحروب اذا كان الهدف الذي يبحث عنه الجميع الامن و الاستقرار و الكفاية و السعادة.
و غيرها من الاسئلة التي لا بد لها جذور في تطور الفرد و المجتمعات و ما ورثته من برمجة عقلية من اسلافنا الاوائل. سأحاول أن أجيب عن بعض هذه الاسئلة من منظور التاريخ و التركيبة الدماغية للفرد و عمل التشابكات العصبية و التوازن الكيميائي داخل ادمغتنا.
بحثت كثيرا في تطور الفرد و المجتمع منذ العصر الاول للانسان (صائد-لاقط) إلى تدجين الحيوانات و الرعي إلى عصر الزراعة و من ثم عصر الصناعة و العصر الذي ننطلق فيه الآن عصر المعرفة و التكنولوجيا.
في كل عصر كانت أدوات الانتاج (الاقتصاد) تقود الفرد و المجتمع و تحقق له أمناً و استقرارا إلى حين ثم تبدأ المعاناة من التمييز الطبقي و احتكار الموارد و الفرص لفئة قليلا او لأمة واحدة على حساب الامم الاخرى. ليليها الصراع بين تلك الفئة و غيرها حتى يظهر فكر يقود الى تغيير عاصف يحدث من شرارة و ينتشر كالنار في الهشيم محدثا إما فوضى و جحيم أو حالة جديد يتلقفها الافراد و الجماعات كما تتلقى الارض العطشى ماء المطر. التأريخ ملئ بتلك الاحداث و نقرأ اليوم ما كتبه المنتصرون فيها لكن طبيعة الانسان تأبى الا أن تبدأ دوما من الصفر ليعيد التاريخ عجلته بنفس الصورة لكن بشكل جديد.
لكن حركة التاريخ و احداثه احدثت تغير في تفكير الانسان و يبدو ان التكرار او الحاجة للبقاء و الرغبة بالخلود قد احدث تغيرات جينية شكلت مسودة أو بلو برنت تأصلت في العمق الخفي في العقل الباطن بحيث أصبح الانسان أسير تلك الغرائز و الرغبات و الخوف و الغضب الذي تشكل على شكل تشابكات عصبية و سيالات عصبية هي من تحركه اليوم.
الافكار و الاحداث الفارقة في التاريخ كانت تهدف دوما لانتقال الافراد من عامل القوة الى عامل العقل و الاخلاق بمعنى آخر أن تكون مقومات التعايش المجتمعي قائمة على مرجعية المصلحة و القيم الانسانية و العلم و الثقافة و القوانين كبديل عن قوة الفرد أو المجموعة أو العشيرة أو الطائفة التي حكمت أسلافنا الاوائل.
لذلك نجد أن اربع حركات تاريخية هي من أثرت في التاريخ الانساني و نعيش اليوم بقوانينا كمرجعيّة و ان كانت القوة تعكر صفوها لتفرض نظاما جديدا لا بد ان ينسجم مع هذه الحركات التاريخية الاربع و هي السومرية و الاغريقية و العربية و الفرنسية. فالعالم الغربي باكمله تحكمه اليوم مرجعية فلسفية الثورة الفرنسية و الحضارة الاغريقية في حين ان العالم الاسلامي و جزء من محيطه تحكمه مرجعية الرسالة المحمدية العربية الاسلامية و تبقى اهمية السومرية و الفرعونية كأول حضارات مكتوبة بالرموز عرفها الانسان.