برأيي أن السياسة الامريكية الحالية لم يبذل جهد كافي لدراستها و فهمها خصوصا من قبل الشعوب رغم أنها ستحدد توجه العالم لعقود قادمة.

لقد أخترت لها اسم سياسة ذيل البرص ليس انتقاصاً و لكن توصيفا دقيقا. عندما يشعر البرص بالخطر او ينتوي على انجاز مهمة في مكان آخر فانه يفصل جزء من ذيله و الذي يبقى يهتز لفترة بالتالي ينشغل المراقب و المهاجم بالذيل و حركته في الوقت الذي يبتعد البرص عن الخطر و المواجهة و يتابع مهامه و أهدافه و يعود ذيله لينمو من جديد بل ان بعض الصفحات غير العلمية تدعي انه يعود ليأكل ذيله عند زوال المراقبة و الخطر ليستفيد من المواد الغذائية الموجودة فيه بالمقابل اذا ابتلع حيوان آخر مثل القطط مثلا الذيل فإنه قد يعاني من اعراض قوية.

برأيي أن السياسة الامريكية الحالية ليست اجتهاد فرد او مجموعة افراد بل هي تيار متكامل يخوض معركة على مستوى العالم مع تيار العولمة و الليبرالية و تحالف الشركات القديمة في مقابل تيار جديد يمثله الرئيس ترامب و دي فانس و ايلون ماسك و يمثل الدولة في حدودها و هويتها الثقافية و الشركات الجديدة التي تمثل عصر المعرفة و التكنولوجيا.

لذلك فإن كثير من المبادرات تمثل ذيل البرص ينشغل به الاعلام و الشعوب في الوقت الذي يخوض فيه هذا التيار معركته في الداخل الامريكي بشكل خاص و لدرجة اقل في الخارج. لذلك فالتركيز على ذيل البرص سيغيب الصورة الاوسع و التي قد يكون فيها منافع و مضار لنا كدول و مجتمعات و افراد.

أمثلة على ذلك مبادرة ريفيرا غزة اشغلت العرب و اسرائيل و جزء من العالم بالرغم انها قد لا تكون هدفا قريبا بحد ذاتها. اتفاق المعادن النادرة مع اوكرانيا اشغلت اوروبا و جزء من الامريكان بالرغم ان الصورة الاوسع قد تكون اضعاف اوروبا نفسها و فصل روسيا عن الصين. قريبا سنرى مبادرة شبيهة في اسيا تشغل الجميع و قد يكون هنالك مبادرة في وسط اسيا او في ايران تشغل المنطقة.

الصورة الاشمل برأيي أن هنالك نظام عالمي قام على اختلاق الصراعات و ادارتها لتحقيق سيطرة معينة للوبيات داخل الولايات المتحدة و اوروبا و احتاجت هذه الصراعات حراس و مدافعين و خلفية ثقافية هي العولمة و الليبرالية بلا حدود و هذه حيدت قطاع او مكونات داخل امريكا و الان هنالك سعي لقلب الطاولة تماما و العودة لسيطرة تلك المكونات و التيارات مع هويتها الثقافية وقد تكون الدينية ايضا.

بالتالي فإن التعامل مع الصورة الاشمل قد يكون في صالح الدول و المجتمعات التي تقرأ الخارطة مبكرا.

أضيف هنا أن الآلية المتبعة من وجهة نظري و بتحليل علمي بسيط قريبة من تلفزيون الواقع بحيث يكون أحد الاهداف هو الاستعراض الواضح لتمتين القاعدة الصلبة و جلب الانتباه فإن تحققت الاهداف القصيرة فهي انجاز و ارضاء غرور فردي و إن لم تتحقق فهي اظهار لفشل الفريق الآخر بتقدير الامور سابقا و تقرير ما هو في مصلحة الشعب الامريكي.

برأيي أن هذه سياسة تمتلك اهداف محددة و ستغير شكل العالم و تحالفاته و ان طول النفس مع تحديد طريق واضح سيكون له نتائج افضل من ردات الفعل التي ستقابل بهجوم كاسح. ما سبق يؤكد برايي حنكة جلالة الملك في رفض المطالب مع العمل على طرح بدائل دون مواجهة مباشرة مع الادارة الامريكية.