الأحزاب وأمراضها .. حدود الظاهرة ومآلاتها (4-9)
د. اسامة تليلان
14-04-2025 11:26 AM
*الأنظمة التنافسية.. وهجرة الكفاءات
تشكل الأنظمة التنافسية أساس الديمقراطية وآلية تحقيق العدالة وتكافؤ الفرص بين الأعضاء، وآلية استثمار طاقاتهم في طريق وصولهم الى المواقع القيادية والترشيحات العامة، كبديل عن النظم الفردية والشللية غير الديمقراطية (نفوذ بعض الأفراد أو مجموعة صغيرة تدير شؤون الحزب وقراراته)، التي تشكل بيئة طاردة للشباب ولأصحاب الكفاءات ورأس المال البشري، وتعميق الديمقراطية الداخلية وتكريس القيم الايجابية، وتشكل بيئة مريضة غير صالحة لبناء هياكل حزبية تحظى بالقبول الاجتماعي والفعالية السياسية لإنها النقيض للديمقراطية والمؤسسية.
كما يسهم غيابها في تغليب المصالح الشخصية أو الفئوية، وضعف القيم الايجابية، وتراجع قيم العمل العام والصالح العام، والترهل العام بسبب تراكم القناعة بأن التفضيلات والخيارات تحسم بطرق شخصية وشللية وليس بناء على الكفاءة والتنافس بالطرق الديمقراطية.
بالمقابل، تحفز الأنظمة التنافسية الأعضاء على خدمة مصالح الحزب والقيام بواجباتهم وتنافسهم في تقديم الأفكار والبرامج، كما تقلل من بقاء قلة في دائرة القيادة لفترات طويلة مما يعيق ظهور قيادات جديدة بأفكار مختلفة من مختلف الخلفيات والفئات، وتعمل على تعزيز الدفاع عن الصالح العام، والالتزام باخلاقيات العمل العام، كما تعطي انطباعاً ايجابياً عن الالتزام بالممارسات الديمقراطية، وتسهم في خفض النزاعات حول شرعية القيادة والقرارات.
كما تعمل الأنظمة التنافسية التي تفاضل بين الأعضاء حسب انجازهم وكفاءتهم في تطوير الحزب، وفي جعل التراتبية الحزبية أكثر انضباطا في اعتمادها على مقدار ما ينجز العضو من واجبات، وما يطرحه من مبادرات وأفكار خلاقة تنهض بأداء الحزب وتعمق اشتباكه الخارجي.
وكل هذه العوامل والاجراءات تزيد من تماسك الحزب واستقراره وكسب ثقة الأعضاء والمجتمع وكسر هجرة رأس المال البشري للعمل الحزبي والسياسي.
ويجدر التأكيد، أن الأنظمة التنافسية وغيرها من الأنظمة لن تعمل بفعالية ولن تحقق النتائج المرجوة منها، طالما أن اللوائح التنظيمية ليست قوية بشكل كاف لضبط العملية الديمقراطية، وطالما أن قاعدة العضوية في الحزب مليئة بالتشوهات، وهذا ما سيتم تفصيله في مقال العضوية.