من الغريب أن يتعرّض تيار سياسي طور التشكيل إلى كلّ هذا الهجوم ، وفي اليوم الأوّل للإعلان عن النيّة لتأسيسه ، وأن تؤخذ الأمور بالشبهات ، ويصبح إقليمياً ، أو جهوياً ، أو نخبوياً ، أو واجهة ، أو "محاولة يائسة للتصدي للإسلاميين" ، وغير ذلك أيضاً ، مع أنّ الأدبيات المعلنة عكس ذلك كلّه ، والتيار لم يبدأ ممارسة عمله حتى هذه اللحظة. ولا يمكن الحكم المسبق على تيار سياسي عريض بهذه الطريقة ، وخصوصاً إذا تشكّل من شخصيات بالمستوى المعلن ، فعبدالهادي المجالي لم يكن يوماً من الأرقام السهلة في المعادلة السياسية المحلية ، وكذلك وضع الآخرين وإن كان بحجم أقلّ ، وإذا كان هناك ثلاثة آلاف شخص اقتنعوا بالفكرة ، ووقعوا على التأسيس فينبغي التعامل معه بدرجة أكبر من الجدية.
وصحيح جداً أنّ هناك غياباً شبه كامل لتنظيم قطاع كبير من الشعب الأردني في حزب أو تيار سياسي ، وقد لا يكون تعبير الوسط المستخدم لوصف هذه الشريحة دقيقاً ، ولكنّها شريحة غير ممثّلة سياسياً ، وتتقاذفها عوامل مختلفة ، تجعلها في غياب التنظيم في مسربين لا ثالث لهما: المشاركة السلبية باختيارات عشائرية ، أو مقاطعة العمل السياسي بكل أشكاله.
وهذه الاتّهامية الغالبة على خطابنا السياسي لا توصلنا إلاّ إلى إفشال أية خطوة باتجاه التقدّم ، وفي قناعتنا أنّ دور الإعلام هذه الأيام ينبغي أن يكون في تشجيع إعادة تنظيم الحياة السياسية المحلية ، لا وضع العصي في دواليبها.
(الدستور).