الأحزاب وأمراضها .. حدود الظاهرة ومآلاتها (7-9)
د. اسامة تليلان
27-04-2025 09:55 AM
الايرادات المالية..
عقبة الايرادات المالية ليست قدراً محتوماً على الأحزاب إذ يمكن التعامل معها شريطة أن لا تعاني من مرضين: الأول تشوهات القاعدة العضوية، والثاني ضعف الحوكمة المالية.
الأول: لإن مصادر التمويل المالي الأولية تأتي من اشتركات الأعضاء المالية وما يقرر من التزامات مالية على أعضاء الهيئات القيادية ضمن نظام واضح يراعي فروقات القدرة المالية للأعضاء، بحيث يمكنها أن تمول النفقات الجارية الأساسية.
على أرض الواقع في الأحزاب التي تنتشر فيها بعض أنواع العضوية المشوهة يصبح تحقيق هذا الشرط أمر في غاية الصعوبة لإن هؤلاء الأعضاء ليسوا أعضاء حقيقيين انتموا للحزب وفكره، وإنما لغايات محددة يتمركز جلها في مؤزارة عضو محدد لدعمه في اوقات الانتخابات الداخلية أو دعم خياراته وتوجهاته ويكون الملزم بدفع الاشتراكات عنهم الاعضاء المنتفعين الذين استقطبوهم.
وهذه الحالة تشكل مع الوقت قضية مصلحية مشتركة للاعضاء الملزمين بدفع الاشتراك ، ويصبح حراكهم في كل مرة يتجه نحو محاولة تعطيل العمل بنظام الاشتراكات والالتزامات المالية، وبالتالي حرمان الحزب من هذا المورد وما يترتب عليه من قضايا سلبية أشد تأثيراً .
كذلك الأحزاب التي يمولها شخص أو عدد محدود من الاشخاص يكون في الأغلب من الصعب أن تسعى إلى بناء مؤسسة ديمقراطية محوكمة، وبالتالي ستسود فيها النظم الفردية والشللية والتبعية لضمان سيطرة مباشرة على الحزب ومواقعه القيادية.
والثاني: غياب أو ضعف الحوكمة المالية والنتيجة الطبيعية لذلك ضعف الإدارة المالية وآليات ضبط الانفاق المالي، فالحوكمة تساعد الأحزاب على إدارة مواردها الشحيحة بأعلى مردود ممكن، وتضمن الكشف عن مصادر التمويل وأوجه الانفاق وتقليل فرص الفساد، وتكسب الحزب ثقة الأعضاء والمتبرعين، و تحسن من إدارة وتوزيع الموارد المالية بفعالية تساعد على وضع خطط مالية مستدامة، وتطوير آليات رقابة فعّالة تمكن الحزب من تنفيذ برامجة.
وبالتالي فإن غياب الحوكمة المالية سيقود حتماً الى انعدام الشفافية والثقة، فضلا عن الشبهات حول مصادر التمويل والانفاق والاعتماد على مصادر تمويل غير مستقرة، وربما مخالفة قوانين التمويل السياسي.
أما في الأحزاب التي تعمل كمؤسسات ديمقراطية محوكمة وتقوم على قاعدة عضوية ملتزمة ونوعية ولها امتدادها واشتباكها الفعّال مع القاعدة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، فإنها ستكتسب ثقة عامة وبالتالي تصبح فرصها متاحة على الأغلب في الحصول على دعم مالي في إطار من الشراكات المختلفة، ويصبح تسديد الاشتراك والالتزام المالي من قبل الأعضاء سلوك أساسي وعنوان من عناوين الإيمان بفكر الحزب ومنطلقاته.