لطالما أكدت المعايير العصرية في تصنيف تميز الجامعات الدولية على مدى مقدرة الجامعة على النهوض بمجتمعاتها المحلية ورفعتها بمختلف النواحي التنموية فضلاً عن تحسس حاجاتها المختلفة بعيداً عن الاقتصار على الدور الأكاديمي البحت ، ومن هنا يبرز مقدرة الجامعة على خلق توليفة ناجحة بين مهمة تخريج الطلبة المزودين بالشهادات العلمية من خلال كفاءاتها التدريسية وبين الإفادة من هذه المهمة بشكل يشعر المجتمع المحلي فيه مباشرة من خلال نشاط هذه الجامعات كمؤسسات وطنية لها الدور المنتظر الذي يلاءم مكانتها ويشار له بالبنان بالنظر من خلال ثمار جهودها .

يوم مفعم بالأمل وجميل من ايام ربيع نيسان عاشته بلدتي العزيزة الخالدية مؤخراً من خلال الورشة التعريفية والتوعوية التي اقامتها الجامعة الهاشمية حول اكتشاف وتطوير مقام القائد خالد بن الوليد رضي الله عنه ومحيطه التراثي فيها والتي عقدت بالشراكة بين جمعية الخالدية للتنمية الاجتماعية وبين الجامعة الهاشمية ، فالتفاعل الذي حصل بين محاضري الجامعة ممثلين بالدكتور محمد وهيب المختص بالأثار التاريخية والباحثة نيفين رشاد في كلية الملكة رانيا للسياحة والتراث في الجامعة وبين الحضور أبرز مدى نجاح الورشة في طرح موضوع يستحوذ على اهتمام كبير من ابناء الخالدية ويلبي طموحاتهم وآمالهم في هذا المضمار الحيوي بالنظر لما تحويه بلدتهم من مواقع تاريخية فضلاً عن تراث غني يمثل باديتنا الاردنية ومجتمعها الذي يحتضن في تنوعه الكثير من خصائص مجتمعنا الاردني بشكل عام .

لاشك ان اهالي الخالدية في اهتمامهم وتفاعلهم مع الورشة يعكسون مدى الرغبة بالإفادة من موضوعها من خلال ابراز السياحة التاريخية والتراثية في بلدتهم لها الأمر الذي سينتج عنه بلا شك تنمية اقتصادية واجتماعية يقطف ثمارها الجميع من خلال جلب الاستثمارات اللازمة وما يتضمنه ذلك من حركة تجارية نشطة و عمل البازارات التي تقدم المصنوعات والتراثية بما يعود بالمردود المادي للأسر المحلية فضلاً عن توفير فرص العمل سيما ان البلدة تعاني من تفشي البطالة بين ابنائها وبناتها ، فالخالدية بموقعها المتوسط بين مدينتي الزرقاء والمفرق وبشبابها وشاباتها لهم طموحاتهم وأمالهم شأنهم شأن ابناء الاردن ككل ويتطلعون أن تكون الانطلاقة مما تكتنزه بيئتهم المحلية من تراث شعبي خصب فضلاً عن مواقع تاريخية وحضارية بحاجة لمن يعيد اكتشافها سيما أن هنالك تجارب ناجحة في هذا المضمار على لمدن وبلدات أخرى امتداد الوطن.

لقد احسنت الجامعة الهاشمية الرؤية بالتقاط حاجات المجتمع المحلي في الخالدية من خلال هذه الورشة وهو نجاح لا شك يضاف الى رصيدها الكبير في هذا المضمار الوطني والمجتمعي والتطوعي، فالجامعة بما تملكه من إمكانات علمية استطاعت أن يكون لها دورها المميز من خلال خلق ثقافة العطاء والعمل المجتمعي الميداني لدى طلابها وكوادرها الأكاديمية والإدارية بعيداً عن الاقتصار على القاعات الصفية والمكاتب ، فلا ريب أن أحساس المواطن بالقيمة المباشرة لعمل مختلف الهيئات والمؤسسات التي تعود بالخير عليه وعلى عائلته ومجتمعه ككل هو المقياس الناجح التي تأبى كل التجارب العملية والمواصفات الحديثة الا ان تؤكد صحته وبقوة .