الحاجة إلى تغيير جذري إداري في البلديات
أ.د. مصطفى محمد عيروط
12-05-2025 10:21 AM
معالي وزير الإدارة المحلية - المهندس وليد محي الدين المصري، أعتبره كمتابع للشؤون المحلية خبيرًا فيها وفي العمل البلدي، وقد أمضى حياته فيها منذ أن تخرج من جامعة القاهرة عام 1983، وعمل مدة طويلة في أمانة عمان الكبرى.
ولكوني أتابع العمل البلدي وأستمع إلى الميدان، وعملت عضوًا في مجلس بلدية الزرقاء من 2003 - 2007، وأتواجد يوميًا فيها وحولها، في المناطق الجميلة التي أتوقع في يوم من الأيام أن تنضم إلى الزرقاء وعمان ضمن الامتداد السكاني الواضح عددًا ونوعًا.
ولعل تجربة مدينة خادم الحرمين الشريفين – الشرق – تجربة ناجحة جدًا، وهي الآن مدينة كاملة متطورة.
الوزير الحالي للشؤون المحلية يتميز في المتابعة الميدانية للبلديات، ويعرف أدق التفاصيل عن البلديات وعملها ومشاريعها، ومصادر القوة والضعف في كل بلدية.
وأعتقد بأن العمل البلدي يحتاج إلى ثورة إدارية بيضاء تعتمد الكفاءة والإنجاز وتحقيق الأهداف، والخبرة والتأهيل، والبعد كليًا عن المصالح الشخصية، والعمل للجميع، وأي شعار يُرفع يجب أن يكون قابلًا للتطبيق، والاعتماد على الذات. فالمستهلكون – أي الناس – في كل بلدية، وهم دافعو الضرائب، يحتاجون لتشجيعهم على التعاون ودفع ضرائب المسقفات والمعارف وما يلزم من رخص وما يُطلب منهم في القانون أو النظام، إلى رؤية إنجازات في كل بلدية على أرض الواقع، من شوارع معبّدة ونظيفة، رئيسية أو فرعية، وخالية من فوضى البسطات التي تؤثر على مرور الناس والسيارات، وتنظيمها.
أي أن المواطن يريد خدمات متطورة وتعاملًا متساويًا مع الجميع، ويريد عمال وطن منتشرون في كافة أنحاء أي بلدية، ويريدون رؤية بلديات تعتمد على الذات في الرواتب والإنجازات التنموية، وجذب الاستثمارات بتسهيلات ومتابعة وعمل واضح، وتراخيص أبنية مطبقة على الجميع، واتخاذ إجراءات بحق المخالفين سواء أفرادًا أو مستثمرين، وعمل واضح للجميع.
فالعمل البلدي في العالم هو أساس العمل العام، والذين ينجحون في البلديات يتقدمون في الدول، والبلديات في مناطق في العالم تتبعها مدارس ابتدائية، وكل ما يهم المواطن.
فمهمة العمل البلدي هي التسهيل على المواطنين، وما يوجد في البلديات من عطاءات لمواقف السيارات يحتاج إلى متابعة والاستماع إلى الناس، فالقضية ليست محاولات من البعض الأخذ من المواطن، بل بمقدار ما يدفع المواطن وهو راضٍ مقابل الخدمات والمعاملة الممتازة أو الجيدة.
وهناك بلديات نجحت في تقديم الخدمات والاعتماد على الذات، وهناك بلديات – ومن يستمع إلى الناس في الميدان – يستمع إلى تذمر من تراجع الخدمات بشكل يزيد من التذمر، وبلديات كان من المفروض أن تكون فيها استثمارات كبيرة ولديها فائض مادي.
ولهذا، في رأيي، فالعمل البلدي يحتاج إلى "هندرة" إدارية جذرية، فالعمل البلدي في رأيي ليس للسياسة، وإنما للخدمة العامة وشؤون الناس، والمتابعة، والقدرة الإدارية على الضبط والعمل ليل نهار، والضبط الإداري في دوام العاملين وعملهم، والموضوعية والمهنية، أي إنهاء أي ترهل إداري في أي مكان.
ولهذا، فرأيي أن تطبيق قانون 2003 في تعيين رؤساء البلديات ونصف الأعضاء للمجالس البلدية، برأيي كانت تجربة ناجحة، ولهذا أقترح تعديل قانون البلديات، وأن يُنص على تعيين رؤساء البلديات الحاليين ونصف الأعضاء للمجالس البلدية من مؤهلين خبراء ولهم تاريخ في العمل العام والخدمة، وليس لهم مصالح مطلقًا.
فالتعيين يتم فيه تقييم دوري، والبعض قد يسميه تراجعًا عن الديمقراطية والانتخاب للرؤساء، فالديمقراطية في رأيي، والحرية المسؤولة، هي في العمل والإنجاز، وليس ترك الناس في بلديات تتذمر من تراجع واضح للخدمات في بعضها.
وألتقي في معظم مناطق المملكة، وأعتقد بأن تعيين رؤساء بلديات ونصف الأعضاء خطوة مطلوبة، ومن ينزل للميدان يسمع. فوجود 13 ألف عضو هيئة تدريس في الجامعات، فلماذا لا يُستفاد من خبرات الكثيرين في البلديات، ويتم تعيين أعضاء منهم في مختلف المجالات، بتعيين كفاءات وخبرات، وليس إرضاءات وشعبويات وتدخلات متنفذين لمصالح أو مناطق أو أقارب؟
فالبلديات بحاجة إلى "هندرة" إدارية في تعيينات قادرين على التفاعل مع المجتمعات المحلية والقطاع الخاص وجذب الاستثمار، وأن يكون شعار كل بلدية الاعتماد على الذات.
فإلى متى – برأيي – ستبقى الدولة وموازنتها من دافعي الضرائب أو قروض أو منح، تدعم جامعات وبلديات ومؤسسات، ومشكلة بعضها إدارية؟.
وأقترح دراسة تحويل المملكة إلى 24 محافظة و24 بلدية، أي في كل محافظة بلدية واحدة فقط، ويصبح هناك محافظ واحد ورئيس بلدية واحد في كل محافظة. فكانت البلديات حوالي 300، واليوم 99 بلدية وأمانة عمان، والبلديات الكبرى في كل محافظة. ويصبح كل محافظ ورئيس بلدية مسؤولًا عن منطقته وتطويرها.
فعمل المحافظ والبلديات يجب أن يكون تنمويًا بالدرجة الأولى، أي 90% من وقتهم إداري وخدمي، أي تنموي، ومن يريد السياسة فليذهب لها ويترك العمل البلدي، فالناس، مرة أخرى، تريد خدمات واستثمارات لتشغيل أبنائها أولًا، لأن البطالة خطر أمني واجتماعي واقتصادي.
وأقترح البلديات الناجحة وغير المديونة التركيز عليها وعلى تجربتها الناجحة.
نأمل أن يكون عام 2025 تغييرًا جذريًا في العمل البلدي، في تعديل القانون وتعيين رؤساء بلديات ونصف أعضاء المجالس البلدية، أو جميعهم لفترة، وبعدها انتخابات لنصف الأعضاء وتعيين رؤساء بلديات مع تقييم سنوي في حده الأعلى، ومن يعمل وينجز يبقى، ومن لا يعمل ولا ينجز لا يبقى.
فالعمل البلدي، وأي عمل في بلديات أو جامعات أو أي عمل عام، يجب أن لا يكون فيه إرضاءات أو شعبويات أو واسطات أو محسوبيات أو مناطقية.
فمن يقوم بذلك ينكشف آجلاً أم عاجلاً، فاليوم نسبة الذين يستخدمون قنوات التواصل الاجتماعي عالية، وكل مواطن ومواطنة يمكن اعتباره إعلاميًّا وإعلامية، فالنقد البنّاء ضروري، وجلد الذات لا يجوز.
فالنقد البنّاء في البلديات أيضًا ضروري، ولو كنت رئيسًا لبلدية، أو أترشح رئيسًا لبلدية، أو يتم تعييني رئيسًا لبلدية أو للجنة بلدية، لأعلنت من أول يوم الخطة والإنجاز خلال ستة أشهر وعام، وإذا لم أنجز سأقدّم استقالتي أو تُقبل، لأنه من المفروض أن تكون الاستقالة مسبقًا في مكتب معالي وزير الإدارة المحلية، وواثق الخطى والعمل يقدم استقالته مسبقًا، وأقترح أن تكون في كل عمل عام أو خاص.
حمى الله الأردن قيادة ووطنًا وشعبًا وجيشًا وأجهزة أمنية، وسيبقى الأردن قويًا شامخًا بقيادتنا الهاشمية، بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني المعظم – حفظه الله – وسمو الأمير الحسين، ولي العهد الأمين.