سرديات و دروس و عبر
أ.د. هيثم العقيلي المقابلة
02-06-2025 12:33 AM
قد اكون مغرقا في التحليل و التحوط و الاستشراف المستقبلي لكن حاستي السادسة كبرج العقرب تدفعني لذلك مضافا اليها اننا نعيش في منطقة تمر بمرحلة تغيير و حدوث ما لم يكن يوما متوقعا.
لذلك فإنني احاول استنباط الدروس من اكثر من حدث تعرضت له بلدنا الغالية و اضعه في سياق الاحداث ضمن سيناريوهات تحت بند (ماذا لو).
سيناريو1: ماذا لو تمكنت الخليه الارهابية او اي جماعة شبيهه باطلاق عملية ضد اسرائيل من الاراض الاردنية. كلنا يعرف ان هذه العملية لن تكون مؤثرة و لن تساعد لا غزة و لا غيرها و لكنها قد تعطي اسرائيل في ظرف ما بوجود حكومة متشددة مبررا لضربات داخل الاردن. طبعا ذلك مستبعد كون الاردن بلد مستقر و يملك قيادة حكيمة و جيش قوي لكن ماذا لو حدث ذلك عندها سنجد انفسنا في حرب لا لزوم لها و لا تخدم سوى أهداف دعاة الفوضى و التدخل الخارجي. أطرح ذلك حتى ناخذ العبرة كأفراد بأن يكون لنا حس امني عالي بما يخدم استقرار وطننا و كمجتمع بحيث لا ننجر الى سرديات تيارات تعتمد الشعبوية لتجر البلد للفوضى و كمؤسسات حتى نضع سردية واضحة المعالم للجمهور بالمخاطر التي يشكلها دعاة رد الفعل و الانفعال و شحن العواطف لتحقيق اهداف موجهة ضد وطننا.
سيناريو2: ماذا لو قام احد التيارات الشعبوية بالنجاح في انتخابات ديموقراطية فأصبح جزءا من الجسم الرسمي و بدل ان يمارس العمل السياسي بالطرق الدستورية توجه للتواصل مع الامريكان او الاوروبيين. اليس ذلك طعنا للثقة الشعبية التي يكتسبها بشحن العواطف و العزف على أوتار الصعوبات المعيشية. اليس ذلك خنجرا في خاصرة الدولة التي سعت لتحديث سياسي ليوصل كل مواطن صوته من خلال قناة دستورية. اضع هذا السيناريو الافتراضي لنتنبه مواطنيين و مجتمع اين نضع ثقتنا و كمؤسسات ان لا نتساهل في سن قوانين يستغلها في لحظة ما تيار ما للوصول بالشعبوية ثم لطعن الوطن بالقوانين التي تم سنها. سيادة الوطن و استقراره و الحفاظ عليه في ظروف معينة قد تكون أهم من الرضى الشعبي و رضى اي تيار.
سيناريو3: ماذا لو تم دفع الضعفاء ثقافيا و علميا و انجازا الى الاعلى في مقابل تهميش الاكفاء المبدعين. في هذا السيناريو الافتراضي سينتهي الامر بأن يقود الكثير من المؤسسات الضعفاء اداريا و بالتالي ستبدأ سلسلة تصعيد للضعفاء علميا و اداريا و ثقافيا فتنتهي بضعف مؤسسات و توقفها عن التطوير في الوقت الذي لا يتوقف العالم. الاخطر اننا نفتح مجالا للتيارات الشعبوية لان المجتمع يحترم القدوات المقنعة و في غيابها يتوجه للعواطف الدينية و الظواهر الصوتية. الفيزياء لا تقبل الفراغ و تغييب الابداع و الكفاءة و العلم و الثقافة ستملأه العواطف و هذه طبيعة العقل البشري الباطن فهو يحتاج للدوبامين ليعطيه معنى و هدف.
ملخص الحديث أن استقرار الاردن و أمنه يتقدم على كل الأولويات و هذا الاستقرار قائم على الحفاظ على رمزية و صلاحيات سيد البلاد و القيادة الهاشمية و كذلك من قوة المؤسسات الوطنية و تعزيز جسور الثقة بين الشعب و المؤسسات و عدم التهاون مع السرديات الموجهة التي تهدف للنيل من الوطن تحت ستار العواطف و العزف على اي صعوبات معيشية. كرامة المواطن هي من كرامة و استقرار و أمن وطنه و مؤسساته و قيادته.