بإعلان موافقة مجلس التعليم العالي يوم ٢٩-٦-٢٠٢٥ على استحداث تخصصات مهنية نوعية وحديثة في الجامعات الأردنية اعتباراً من بداية العام الجامعي ٢٠٢٥-٢٠٢٦، بشرط أن يتم اعتمادها اعتماداً خاصاً من هيئة الاعتماد وضمان الجودة، فإن مجلس التعليم العالي والجامعات الوطنية العامة والخاصة تنفذ توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني المعظم.

حيث أكد جلالته في اجتماع عُقد في قصر الحسينية في ٢٠-٣-٢٠٢٤ لبحث ملف التعليم، بحضور سمو الأمير الحسين، ولي العهد الأمين، ودولة رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان، ووزير التعليم العالي والبحث العلمي، وزير التربية والتعليم الأستاذ الدكتور عزمي محافظة، على ضرورة توسيع فرص التعليم المهني في الجامعات، لأهمية التعليم المهني في التنمية الاقتصادية.

ووجّه جلالة الملك إلى ضرورة أن تقوم الحكومة بتجهيز خططها لاستحداث تخصصات جامعية جديدة لاستيعاب خريجي التعليم المهني، بناءً على الآلية الجديدة لامتحان الثانوية العامة "التوجيهي".

وفي متابعة مهنية للتخصصات المهنية الجديدة التي تم استحداثها والتي تقدمت بها جامعات عامة وخاصة، فنجد أنها:

(في درجة الدبلوم المتوسط: ٤٦ تخصصاً مهنياً)
(١٠ تخصصات مهنية في درجة الدبلوم المتوسط بالتعاون مع مؤسسة بيرسون العالمية BTEC)
(٥٤ تخصصاً مهنياً في مرحلة البكالوريوس)
(٨ تخصصات مهنية في الدبلوم العالي بعد البكالوريوس)
(٢٨ تخصصاً مهنياً في الماجستير)
(٤ تخصصات مهنية في مرحلة الدكتوراه)

ويمكن للمهتم العودة إلى هذه التخصصات المهنية التي قرر مجلس التعليم العالي استحداثها.

ومن خلال متابعتي اليومية وعملي الأكاديمي والإعلامي ولقاءاتي الميدانية مع مختلف القطاعات، فإني أعرف بأن القطاع الخاص القائم في الوطن والقادم بإذن الله للوطن (تفاءلوا بالخير تجدوه)، فإنه يحتاج إلى تخصصات مهنية تطبيقية، والعالم يحتاج إلى تخصصات مهنية، ويُقدّر بأن من أكثر التخصصات المطلوبة في المستقبل حتى عام ٢٠٣٠ هي: علوم الحاسوب، الأمن السيبراني، الذكاء الصناعي، إدارة الأعمال، التسويق الرقمي، التمريض، تحليل البيانات، الطاقة المتجددة، الهندسة البيئية، طب الطوارئ، الأشعة، التوليد وأمراض النساء، وغيرها كالتخصصات التي تم استحداثها في جامعات الأردن العامة والخاصة والكليات الجامعية.

وكما قلت في لقاء معي حول ذلك عبر إذاعتنا - القوات المسلحة - الجيش العربي المصطفوي، فإن التخصصات التي تم استحداثها تواكب السوق الوطني والعالمي، وألمانيا مثلاً بحاجة حتى عام ٢٠٣٠ إلى حوالي ٤٧٠ ألف في تخصصات مهنية تطبيقية، وهذا مُعلن في الإعلام الألماني. وعندما كنت عميداً لكلية الزرقاء الجامعية في جامعة البلقاء التطبيقية زودتُ بها المعنيين في التعليم العالي، والتي زودني بها مدرس في الكلية من خريجي ألمانيا.

وكما قلت رداً على التخوف من هذه التخصصات التي تحتاج إلى أعضاء هيئة تدريس ومناهج ومختبرات، فإن هيئة الاعتماد وضمان الجودة، كما أعرف، لا يمكن أن توافق على بدء التدريس بها مع بداية العام الجامعي ٢٠٢٥-٢٠٢٦ دون توفر أعضاء هيئة تدريس ومناهج ومختبرات.

ولذلك، فالجامعة الأردنية التي أصبحت عالمياً برقم ٣٢٨، والتي تلقت اليوم التهنئة بها من جلالة الملك وسمو ولي العهد، ونقلها لرئيس الجامعة المبدع معالي الأستاذ الدكتور نذير عبيدات، معالي رئيس الديوان الملكي الهاشمي العامر السيد يوسف العيسوي، كإنجاز وطني للجامعة الأردنية نعتز به جميعاً، سيكون فيها ٢٥ تخصصاً جديداً مهنياً. وقد استعدت الجامعة الأردنية لذلك بتعيين ٢٠٠ عضو هيئة تدريس من خريجي أول ٥٠٠ جامعة على مستوى العالم، وابتعثت ٥٠٠ مبتعث ليعودوا أعضاء هيئة تدريس فيها، وغيّرت الخطط الدراسية، فالطالب سيدرس ٩ ساعات إجبارية في اللغة الإنجليزية، و٦ ساعات إجبارية في اللغة العربية، و٦ ساعات إجبارية في مهارات العمل، أي تأهيل الخريج للعمل فوراً في سوق العمل. ولهذا، فالجامعة الأردنية متقدمة في تصنيف "كيو إس" العالمي وفي سمعتها الوظيفية والعلاقة مع أرباب العمل، أي زيادة نسب التشغيل للخريجين. وتم تحديث ٥٠٠ قاعة ومدرّج، وتحديث المختبرات والبُنى التحتية والخدمات.

وكذلك في جامعة البلقاء التطبيقية - كجامعة وطن -، والتي سيكون فيها ١٩ تخصصاً مهنياً من التخصصات التي استُحدثت، وفيها ستكون كليات مهنية جديدة ككلية جرش التقنية، وكلية مأدبا التقنية، إضافة إلى الكليات الموجودة في مركز الجامعة في السلط (١٠ كليات) و١٣ كلية في محافظات المملكة. وجامعات عامة وخاصة سيكون فيها تخصصات مهنية تطبيقية، ومنها جامعة آل البيت في المفرق، التي تم إنشاء كلية فيها للتخصصات المهنية المطلوبة.

والمعروف بأن جلالة الملك عبدالله الثاني المعظم يتابع تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية ٢٠١٦-٢٠٢٥ عبر حكومات متعاقبة، ووجّه جلالة الملك إلى أن الركائز الأساسية للنهوض بالعملية التعليمية تتمثل بوجود تعليم تقني متقدم، ومناهج متطورة، ومعلم يتمتع بالقدرة المهنية العالية، وفرص التعليم المبكر، وأن تنمية الموارد البشرية خيار استراتيجي وأولوية للأردن الذي طالما كانت موارده البشرية وما تزال مصدر فخر واعتزاز ومنعة للوطن.

ووزارة التربية والتعليم تتبنى عدة إجراءات لتنفيذ التوجه نحو التعليم المهني، بما في ذلك تطوير المناهج الدراسية لتلبية حاجات سوق العمل، وتقديم برامج تدريبية خاصة، وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، وتوفير بيئة تعليمية داعمة للتعليم المهني، وتوعية المجتمع. وتبنت وزارة التربية والتعليم نظام BTEC (Business and Technology Education Council) كجزء من جهودها لتطوير التعليم المهني، حيث يركّز هذا النظام على تطوير المهارات العلمية والعملية للطلاب من خلال التعليم القائم على الكفايات، وذلك مع شركة بيرسون العالمية في عالم التعليم. ومن المتوقع أن يستفيد حوالي ٥٤ ألف طالب وطالبة من المناهج الجديدة التي تغطي مجالات مثل الهندسة، والأعمال، وتكنولوجيا المعلومات، ويتم تطبيقه في الصفوف العاشر والحادي عشر والثاني عشر.

ولهذا، في رأيي، فإن التعليم العام والعالي، أي في الجامعات، بحاجة إلى ثورة إدارية قائمة على الكفاءة والإنجاز، والقدرة على التفاعل مع المجتمعات. والجامعات تنجح من خلال اختيار الرؤساء ومجالس الأمناء ونواب الرؤساء، وعمداء، ورؤساء أقسام منجزين بكفاءة، وقادرين على الإقناع والتفاعل المؤثر مع المجتمعات، والقدرة الإعلامية في عصر التنافس الحاد والقرية الصغيرة، والقدرة على استقطاب الطلبة، وإقامة شراكة حقيقية مع القطاع الخاص والمجتمعات المحلية.

للحديث بقية...

حمى الله الوطن والشعب والجيش العربي المصطفوي والأجهزة الأمنية، بقيادة جلالة سيدنا الملك عبدالله الثاني المعظم، وسمو الأمير الحسين ولي العهد الأمين.