في زمنٍ تعلو فيه الأصوات على الدولة ويخفت فيه صوت المُصلحين من داخلها تطل ياسرة غوشة كاستثناء هادئ لا ترفع الشعارات بل تزرع الأسئلة .

استمعتُ لها في لقائها على إذاعة “نون” مع البصحفي سمير الحياري لا كوزيرة سابقة بل كإنسانة تحمل هم الإصلاح الحقيقي الإصلاح الذي لا يبدأ من المكاتب بل من الضمير الإداري ومن الإيمان بأن الدولة ليست جداراً نحتمي به بل جسداً يحتاج إلى تجديد خلاياه
أعدتُ اللقاء أكثر من مرة لا لأني أبحث عن جملة صادمة أو عنوانٍ لافت بل لأن حديثها كان يستحق أن يُسمع بتمعن كانت تجيب على الأسئلة بشفافية وبتوازن نادر بين الصراحة والحذر لا تقول “نعم” ولا “لا”، بل تقول الحقيقة بطريقة تصل دون أن تجرح توضح دون أن تُدين وهذه مهارة لا يملكها إلا من عاش التجربة بصدق وثقافة .

ما قالته… وما فهمته أنا كشاب

الإصلاح الإداري لا يبدأ بالنظام بل بالوعي

وحين تسمع مسؤولة سابقة تقول هذا تفهم أنها لم تكن تلهث وراء المناصب بل وراء المعنى الحقيقي

وأنت تدقق في كلامها تدرك أنها تمضي في فهمها وفلسفتها ضمن رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني الذي لطالما دعا إلى تحديث الدولة وتطوير الإدارة العامة وجعل الكفاءة معياراً لا المجاملة

حديثها لم يكن بعيداً عن خارطة الإصلاح التي يؤمن بها الملك… خارطة تبدأ من الإنسان وتنتهي إلى الدولة لا العكس .

وأنا كشاب أفهم أن إصلاحيتي تبدأ من سلوكي من طريقتي في احترام دوري حتى لو كنت موظفاً أو صاحب موقف فقط .

الدولة لا تتغير بالصوت العالي بل بالفعل الصادق

يجب أن نتعلم أن الاحتجاج وحده لا يكفي بل يجب أن نحمل البديل في الفكرة و المشروع لا مجرد الغضب

وأن تكون “تكنوقراطياً” لا يعني أن تكون بارداً بل أن تفكر بعمق وتختار المعارك التي تُكسب لا تلك التي تُستهلك .

هذه فلسفة لا يعلمها كثيرون

وأنا اليوم أسعى لفهم الدولة لا كخصم بل كميدان إصلاح أدرك أن الصراع الحقيقي هو داخل المنظومة لا خارجها فقط.

ما الذي ألهمني من تجربتها ؟

أن تكون امرأة وسط مؤسسة تقليدية وتظل صامدة بكرامة هذا درس في الشجاعة

وكما انها تحدثت بصوتها الهادئ و بكل ثقة

لا تيأس من الدولة كن أنت جزءاً من شفائها

أمنتُ أن الإصلاح ليس شيئاً نطالب به فقط بل شيئاً نمارسه في كل موقع وكل فكرة و سلوك .

ليست كل القامات تُقاس بعدد متابعيها ولا كل الأثر يُصنع بصوت مرتفع

بعض الشخصيات مثل ياسرة غوشة تترك أثراً داخل الدولة

في دهاليز القرار في لغة المذكرات الرسمية في هندسة الإصلاح الصامت

ومن يعيد الاستماع أكثر من مرة لا يبحث عن إجابة بل عن بصيرة يرى فيها

وإذا كنا نطمح لدولة تحترم كفاءتها فلا بد أن نصغي لمن حمل هذا الهم

لا من أجل منصب بل من أجل معنى

وأنا اليوم مجحم شاب أردني يؤمن بوطنه وقيادته

أرى أن الإصلاح ليس حُلماً بعيداً

بل ميثاق يبدأ من الذات

وينتهي بنا… نحن