تم في الأردن الاسبوع الماضي افتتاح العيادات الافتراضية برعاية سمو ولي العهد، هذه خطوة كبيرة لإدماج الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية وكنت اتمنى أن تأخذ التغطية الاعلامية التي تستحقها كخطوة مهمة في توفير الموارد والجهد وتوفير وقت الاطباء و الكوادر للحالات التي تحتاج فحص سريري.

بالتأكيد ان مثل هذه الخطوة هي جزء من خطوات اخرى لرفع سوية الرعاية الصحية بإدماج الذكاء الاصطناعي و لكنها لم تأخذ حقها تحت الضوء الاعلامي في توقيت الكثير يبحث فيه عن السلبيات بدل ان يعظم الايجابيات و ينشرها ليطلع المجتمع عليها في مواجهة سيل من الدعاية السلبية ضد البلد والمؤسسات تهدف لافساد المزاج العام وهز الثقة بين المواطنين ومؤسساتهم، سأحاول هنا ان ألقي الضوء قليلا على اهمية مثل هذه الخطوة من منظور طبي.

ما نقدمه اليوم في الصحة و التعليم هو نموذج موحد للجميع بمعنى مبسط قميص بحجم واحد على الجميع ان يلبسه دون مراعاة الظروف و القدرات الفردية.

من خبرتي الطبية فإن الطبيب الانجح هو من استطاع ان يقدم خيارات تناسب كل مريض وفق حالته اي تخصيص العلاج و الجراحة حتى لو كان التشخيص موحد و هنالك تقارب في الاعراض و الصور.

قد يتيح لنا الذكاء الاصطناعي التخصيص (personalization) بمعنى بسيط ان نقدم قمصان بأحجام مختلفة كل فرد يلبس منها ما يناسبه.

ذلك يحتاج اعادة توجيه الموارد و الوقت و الجهد بحيث يتعامل الاخصائيون في العيادة مع الحالات الاكثر تعقيدا و صعوبة بالمقابل فإن الكثير من الصور الشعاعية و النتائج المخبرية و النصائح العادية يمكن اجراؤها للمريض دون الحاجة ان يغادر منزله بالتالي يساهم الذكاء الاصطناعي و العيادات الافتراضية في خدمات صحية اكثر دقة و فاعلية و اقل تداخلا.

ما ينطبق على العمل الصحي يمكن الاستفادة منه في التعليم سواءا الصحي او غيره. اي اننا قد نستفيد من الذكاء الاصطناعي بتقديم برامج تعليمية فعاله فرديه لكل طالب حسب قدراته و ميوله و تقدمه.

اما على المستوى الصحي فإن ذلك سيرفع سوية الخدمة الصحية و تميز الطبيب المعالج بتخصيص الخدمة الطبية و آلية العلاج لتراعي الفروقات في الحالات بين المرضى بنفس التشخيص.

ألخص أن دمج الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية هو توجه عالمي و دخول هذا المجال اليوم هو ضرورة و حاجة و ليس ترف. كما انني اؤكد ضرورة التغطية الاعلامية لمثل هذه الخطوات التي تنعكس على المواطنين و تطوير الطب في توقيت تتعرض له دول الاعتدال العربي خصوصا الاردن الى هجمات موجهة لتزييف الوعي العام و هز الثقة بين الجماهير و مؤسساتها الوطنية.