شعرت بوجعهم وإنحنيت لصمودهم ...وٱقسم اني سمعت أنينهم وآهاتهم، بالرغم من ضجيج الطائرة العالي، وإرتفاعها الشاهق وهي تحلق بسمائهم... وسقطت دمعة حَرَّى من مقلتي ولم تجف بعد.

لقد رأيت جوعا ومرارة، كانا أعظم من الدمار الذي حل بهم. لم تنقله الكاميرات التي مرت من فوقهم او من بينهم، عندما رأيت الصبية والنساء يهرعون ملهوفين لكنهم غير مكسورين، بمجرد رؤيتهم للطائرة وسماع صوتها...لكن العزيمة لم تُقهَر، والثبات لم يَفتُر، وسمعت ايضا لهيج دعائهم وشكرهم للٱردن وما يقوم به من واجب انساني مُتَوَقَع ومؤكد تخفيفا لمعاناتهم المستفحلة، التي غض البصر والبصيرة عنها الكثير، حتى من ابناء جلدتهم.

تشرفت، وبالتعاون مع مديرية الاعلام العسكري وموقع عمون الاخباري، بمرافقة رحلة إنزال جوي للمساعدات الانسانية التي يقوم بها الاردن، بتوجيهات ملكية وترتيبات الهيئة الخيرية الهاشمية بالتعاون والتنسيق مع القوات المسلحة الجيش العربي على متن طائرات سلاح الجو الملكي، هذا السلاح الذي تشرفت ان كنت احد ضباطه ذات شباب مضى، وكان قد رافقنا ايضا بهذا الانزال طائرة اماراتية.

لا سامح الله من تسبب بوجعهم وبجوعهم ومرضهم وصراخ افئدتهم ، فمنذ مائة عام وأكثر شَكَّل الشعب الفلسطيني وغزة بالذات نهرا من الدماء، وما زال التدفق مستمرا، وبغزارة اكثر من ذي قبل، عندما تكالب عليهم المحتل وأعوانه، هذا الدم الذي روى به ترابا عز عليه أن يُقهَر ، ولن يُقهر بإذن الله وإن طال الزمان، وسيعود حرا عزيزا ، هذا النهر الذي كان رافده الاول والاساس هو الدم الاردني، الدم الذي لم يتوان يوما ببذله رخيصا نحو الاشقاء ونحو العروبة ونحو المباديء والثبات عليها، ولم يتخلى عنها يوما واحدا، والتاريخ والحاضر يشهد، وسيبقى مادام القلب ينبض والسماء تُمطِر.

وعلى سبيل المعلومات، فقد بلغ اجمالي عمليات الانزال التي نفذها الجيش العربي منذ بدء الحرب ولغاية تاريخه ١٣١ عملية ، اضافة الى ٢٧١ عملية تم تنفيذها بمشاركة الدول الشقيقة والصديقة، بمجموع وصل الى ( ٤٠٢ ) عملية أي بمعدل ثلاث عمليات كل خمس أيام، تم تنفيذها في اطار الجهود المشتركة والمتواصلة لدعم، القطاع بهذا الجسر الجوي، جسر الحياة ، جسر المروءة والشرف الذي قل نظيره.

ياغزة الصمود الذي لا يُقهَر... نحن معكم، ووجعكم وجعنا.