يغيب عن ذهن قصيري النظر والناعقين ومن يهرف ويتطاول عبر قنوات التواصل الاجتماعي أن التسامح قيمة إنسانية عظيمة ورثها الهاشميون عن جدهم سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وجعلوها أساسًا في نهج الحكم والسياسة منذ 1500 عام. فكان الرسول صلى الله عليه وسلم مثالًا وقدوة في العفو والرحمة، حتى مع من أساؤوا إليه. فعندما دخل مكة منتصرًا، قال لأهلها الذين آذوه وأخرجوه: "اذهبوا فأنتم الطلقاء" في موقف خالد خلّد التاريخ معاني العفو عند المقدرة، كما منح أهل الكتاب من اليهود والنصارى عهودًا تكفل لهم الحرية والأمان، وأقرّ التعايش السلمي بينهم وبين المسلمين.
هذا الإرث النبوي الخالد تجسد بوضوح في عمل قيادتنا الهاشمية التاريخية، فجعلت من التسامح ركيزة أساسية راسخة لاستقرار الوطن وازدهاره ونمائه، فحافظت على الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وأطلقت مبادرات عالمية مثل رسالة عمان وأسبوع الوئام بين الأديان لتؤكد المبدأ الراسخ على قيم الحوار والاحترام المتبادل بين الشعوب والأديان. كما فتح الأردن أبوابه لملايين اللاجئين من مختلف الدول، مقدمًا لهم الأمن والتعليم والرعاية دون تمييز في الدين أو العرق. وتحرص قيادتنا الهاشمية على معالجة الخلافات بالحوار والإصلاح، وتعزيز النقد البنّاء بعيدًا كليًا عن العنف أو الإقصاء.
فلم تُسفك نقطة دم واحدة، ولم يُعدم إنسان، ولم تتحول السجون إلى مقاصل ومن فيها إلى أرقام، بل معارضون أصبحوا مسؤولين في الحكومات والمخابرات والجيش ورجال أعمال.
فكان الأمن العام يوزع الماء والورد في مسيرات ما يسمى بالربيع العربي، والجيش والأمن العام يوزع الطرود والغذاء في أزمة الكورونا. وترى الجيش والأمن العام ينقل الناس، ولا توجد دولة بقيادتها تقدم كما قدمت وتقدم لفلسطين في القدس والضفة الغربية وغزة، فالأردني ضحى ويضحي من أجل فلسطين والقدس.
ولا توجد مخابرات في العالم، كما أعتقد، بمثل مهنية وحكمة التعامل كما هي المخابرات الأردنية، فالتسامح قاعدة أساسية في أجهزة الدولة الأردنية: في الجيش والأمن العام والمخابرات.
فالتسامح عنوان راسخ وثابت لحكمة القيادة الهاشمية التاريخية التي من واجبنا أن لا ننساها ونذكر ونعلم الأجيال بها دائمًا، فقد غدا الأردن نموذجًا وقدوة في العالم.
فلم تعد الجامعات والكليات والمدارس فقط للحفظ والتلقين، بل يجب أن تعود كما كانت قاعدة لتعزيز الانتماء والولاء المطلق للأردن والقيادة الهاشمية.
فتسامح الهاشميين هو امتداد لمدرسة سيدنا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم في الرحمة والعفو، وإيمان راسخ بأن القوة الحقيقية تكمن في المحبة والوحدة لا في الصراع والانقسام.
ومن متابعتي اليومية، فلا أجد دولة في العالم أبواب ديوانها مفتوحة للجميع إلا في الأردن، والديوان الملكي الهاشمي العامر هو بيت الأردنيين والعرب. ولم أجد في العالم مسؤولًا يمثل القيادة على مدار الساعة إلا في الأردن، فرئيس الديوان الملكي الهاشمي العامر، معالي السيد يوسف حسن العيسوي، يشارك الناس يوميًا ودائمًا في العزاء، وقد يكون في محافظات مختلفة في اليوم نفسه، ويشارك في احتفالات الوطن وفي لقاءات يومية مع الأردنيين من شتى أصولهم ومنابتهم، فأبواب الديوان الملكي الهاشمي العامر مفتوحة للجميع.
فالتسامح قيمة أخلاقية عليا عند الهاشميين، تعطينا جميعًا درسًا ونموذجًا، فلا حقد ولا تصفية حسابات، بل طيبة وأخلاق عالية واستيعاب للآخرين، وتعزيز للنقد البنّاء بصورة لا مثيل لها في العالم كله، وتعطي العالم درسًا ونموذجًا. فالأردن قوي وأقوى مما يتصور أي ناعق فتّان لا يجيد قراءة الماضي والحاضر والمستقبل.
حمى الله الأردن والشعب والجيش العربي المصطفوي والأجهزة الأمنية بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني المعظم وسمو الأمير الحسين ولي العهد الأمين.