facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




في حضرة الحسن القول الحسن


زيد الفضيل
14-08-2025 02:46 PM

تشير قصة العبد الصالح (سيدنا الخضر) في سورة الكهف والذي التحق به نبي الله ورسوله سيدنا موسى عليه السلام بهدف أن يتعلم منه الحكمة ويزداد بصيرة ورُشدا، إلى قيمة مهمة باتت غائبة عن وعينا الجمعي في الوقت الراهن، وأعني بها قيمة الاستفادة من أهل المعرفة الذين اكتسبوا بصيرة ورشدا جراء إيمانهم العميق بعمق ودلالة المعرفة التي تعلوا فوق كل أحد، ويصغر أمامها كل شيء، فاكتنزت نفوسهم بآدابها وسَمْتها وحقيقة صيرورتها، لتتبلور في مختلف أفكارهم العميقة التي يصعب إدراك كُنْهها، وتحتاج من الواقف عليها إلى وقفة تأمل وتدبر، وهو أمرٌ كبيرٌ في مشقته، ويحتاج إلى مجاهدة نَفس وتربية سلوك واسعة، والإيمان بقواعد علم الجهل مصداقا لقول الإمام الشافعي: كلما ازددت علما أيقنت بجهلي.

إنها الحكمة التي تصبح مصدر إلهام لكل من أراد اتخاذ قرار حكيم في حياته، وهم الحكماء الذين امتلكوا تجربة وخبرة حياتية واسعة ليصبحوا مصدرا رئيسا لذلك الإلهام بأقوالهم ونصائحهم ووعيهم التراكمي بطبيعة التحديات القائمة وكيفية التعامل معها بهدوء واتزان، وصدق الله القائل في محكم التنزيل: (يؤتي الحكمة من يشاء، ومن يؤتَ الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرًا).

في هذا السياق يأتي مقالي الواصف لأحد أهم الشخصيات الحكيمة في وطننا العربي جملة، وأعني به الأمير الحكيم، والمفكر المدرك، صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال، الذي اكتنز وعيه، وتشكلت بصيرته من تجربة وضيئة، جلّلها عمق معرفي تلقفها بتواضع العارفين المدركين لجوهر العلوم ودلالتها، فكان ولا يزال نورا يشع بضوئه في عتمة عربية كبيرة، وصوتا واعيا يصدح في محيط يعج بالضوضاء، ويموج بالصخب العشوائي، وهو ما كرس حالة التيه التي نعيشها، فحجب أبصارنا عن إدراك طبيعة وواقع وحيثيات محيطنا القائم، وتلك مصيبة المصيبات الحادثة.

في مجلس الحسن كان لقائي بالأمير الحسن على مدار يومين متتالين؛ يومان تلقيت فيهما معرفة تختزل كل السنين الماضية، وتستشرف كل السنين القادمة، وأحسب أني سأحتاج إلى وقت طويل للوعي بها، وكيف، وكل ما سمعته كان يهبط على مسامعي صَبَبا، فتختزن البصيرة بعضا منه في دهاليزها، ويتفلت في أروقة العقل البعض الآخر، وكم هو حزني شديد ألا يتم تعميم هذه الحكمة والاستفادة من تجربها، وبخاصة بين جيل الشباب، الذين ننادي بتمكينهم مع فقرهم الشديد بالوعي بقيمة التاريخ، ودلالة الجغرافيا، وطبيعة النفس البشرية، ويقيني أن مجلسا دوريا في حضرة الحسن تفي بفهم ووعي وإدراك كل ذلك وأكثر.

تذكرت وأنا أصغي إليه الحكمة الصينية التي تقول: "إذا أردت عامًا من الرخاء فازرع حبوبًا؛ وإذا أردت عشر سنوات من الرخاء فازرع أشجارًا؛ وإذا أردت مئة عام من الرخاء فازرع بشرًا"، وذلك حين وجدته مهموما بالإنسان وقيمة وجوده بكرامة وعدل، وحاجة الدول إلى تمكين الطبقة الوسطى وما دون ذلك، والحد من ظاهرة التهميش وما ينتج عنها من طبقة مهمشة؛ مشددا على العيش بمفهوم التكافل وليس التكافؤ، والذي ينساق أيضا على العلاقات بين الدول بعضها ببعض، وهو ما قدم فيه رؤية مهمة لبناء مجتمع عربي متماسك بمحيطه القومي الجامع للقومية الكردية والتركية والفارسية، الذين يشكلون مع العرب أعمدة رئيسة يمكن أن تقف في وجه العاصفة.

أخيرا، ما أحوجنا في ظل ما نعيشه من تيه على صعيد مجتمعنا العربي جملة، إلى أن نسمع لذوي التجربة، وقد قيل بأنها تُشترى، والمهم أن نُصغي لحكمائنا، وكم أرجو أن نشهد مجالس دورية لأهل التجربة والحكمة في كل بلد عربي، يحج إليها الراغبون في تجويد معرفتهم، والعازمون على تمتين مدركاتهم؛ كما كم أتوق إلى تأسيس مجلس للحكماء العرب، يكون برئاسة الأمير الحكيم، والمفكر الحصيف الأمير الحسن بن طلال، الذي جمع بين حذق السياسة وعمق المعرفة، فهل إلى ذلك سبيل؟





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :