لا بد أن نعرف بأن أوزبكستان (مساحتها ٤٤٨٩٧٨ كم²، عدد سكانها حوالي ٣٦ مليون نسمة، وهي دولة في قلب آسيا الوسطى لا تطل على البحار. موقعها استراتيجي حيث تعتبر مفترق طرق تاريخي بين الصين وأوروبا عبر طريق الحرير القديم، وموقعها يجعلها حلقة وصل مهمة لمشاريع الطاقة والنقل واللوجستيات في آسيا الوسطى).

و"كازاخستان" مساحتها 2724900 كم²، عدد سكانها حوالي ٢٠ مليون نسمة، وموقعها الاستراتيجي بين أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى يجعلها دولة عابرة للقارات وذات أهمية كبرى في التجارة والطاقة العالمية، وغنية بالنفط والغاز والمعادن النادرة.

وكل من أوزبكستان وكازاخستان تقعان في قلب طريق الحرير التاريخي الذي ربط الصين بالشرق الأوسط وأوروبا، وكانت مدن مثل سمرقند وبخارى في أوزبكستان، وألماتي وأستانة في كازاخستان مراكز للتجارة والثقافة والعلم.

واليوم، مع مشروع الحزام والطريق الصيني (Belt and Road Initiative)، تستعيد هذه الدول مكانتها كمحاور رئيسية للنقل البري والسكك الحديدية وخطوط الطاقة بين آسيا وأوروبا.

فالدولتان قوة اقتصادية في قلب آسيا، وكازاخستان تعد العمود الفقري للاقتصاد في آسيا، إذ تمثل نحو ٦٠٪ من الناتج المحلي الإقليمي بفضل مواردها الضخمة من النفط والغاز والمعادن النادرة، وأوزبكستان تمتلك ثروات طبيعية متنوعة كالغاز، والقطن، والذهب، واليورانيوم. وزيارة جلالة الملك ستفتتح أسواقًا جديدة للصادرات الأردنية، والتعاون في مختلف المجالات الاقتصادية والتعليمية والسياحة والطاقة. وزيارة جلالة الملك عبد الله الثاني المعظم من الناحية السياسية -في رأيي- تؤكد على دور الأردن، بقيادة جلالة الملك، الفاعل والمتوازن ضمن المنظومات الإقليمية، ونجاحًا دبلوماسيًا نحو آسيا الوسطى.

ومن الناحية الاستراتيجية، فإن المنطقة تمثل جسرًا حيويًا للأردن الذي يعمل على قيام شراكات استراتيجية. وتمثل هذه الدول قوة لأسواق جديدة بعدد سكان كل دولة، وفرصًا للتعاون في مجالات الدواء، حيث إن الأردن متقدم وقوة إقليمية مهمة في هذا المجال، ويمكنه تصدير خبراته، ويمكن فتح فرص كبيرة لاستقطاب طلبة ومرضى من آسيا الوسطى. وكازاخستان سلة غذاء، والأردن يمتلك خبرة في الإدارة المستدامة للموارد المحدودة، وفي رأيي بأن النظر إليها من زاوية الأمن الغذائي، والتعاون مع دول غنية بالموارد الطبيعية ككازاخستان، يمكن أن يساهم في مواجهة تحديات المياه والغذاء في الأردن، والتعاون في التعليم والابتكار. والجامعات الأردنية الوطنية تستطيع، في أي إدارة ناجحة، أن تكون جسرًا ثقافيًا نحو آسيا الوسطى، خاصة كما أسمع، مع رغبة شعوب المنطقة في التواصل الدائم مع العالم العربي والإسلامي.

ويمكن للجامعات أن تفتح أبوابها من كازاخستان وأوزبكستان، وتشجيع الطلبة على الدراسة هناك، أن تقدم منحًا للطلبة من آسيا الوسطى والعكس، وتوقيع اتفاقيات تبادل ثقافي وبحثي وعلمي، وتبادل زيارات أعضاء هيئة التدريس وإجازات التفرغ العلمي، وفتح أسواق جديدة للعمل في هذه الدول. وهذا التعزيز التعليمي والثقافي يمهد لشبكات علاقات مستقبلية تخدم المصالح المشتركة.

وخلال زيارة جلالة الملك لجمهورية أوزبكستان، زار مواقع ثقافية وسياحية ودينية في مدينة سمرقند، شملت ضريح الصحابي القثم بن عباس، وموقع "المدينة الخالدة" السياحي، وساحة ريجستان، المدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي. وفي الدولتين معالم إسلامية تاريخية من المهم زيارتها.

وأهم المعالم الإسلامية في سمرقند وأستانة (نور سلطان):
أولاً: المعالم الإسلامية في سمرقند (أوزبكستان)

سمرقند تُعد من أغنى مدن العالم بالآثار الإسلامية، وهي درة الحضارة الإسلامية في آسيا الوسطى:

مجمع ريغستان (Registan Square)
يضم ثلاث مدارس عظيمة: مدرسة ألوغ بيك، مدرسة شيردار، مدرسة تيلا قاري.
كانت مركزًا للعلوم الشرعية واللغة العربية والفلك والرياضيات.

مسجد بيبي خانم (Bibi-Khanym Mosque)
بناه تيمورلنك في القرن 14، وكان من أكبر مساجد العالم الإسلامي في عصره.

قبر الإمام البخاري
صاحب "الجامع الصحيح" أهم كتب الحديث النبوي.
مقامه يقع قرب سمرقند، وهو مزار عالمي للمسلمين.

مقام قُثم بن العباس (ابن عم الرسول ﷺ)
يُعرف بـ "شاه زنده" (أي الملك الحي).
يعد من أبرز المزارات الإسلامية ويقع ضمن مجمع "شاه زنده" الذي يضم أضرحة فخمة.

المرصد الفلكي لألوغ بيك
مركز علمي إسلامي رائد في الفلك والرياضيات.

ثانيًا: المعالم الإسلامية في أستانة (نور سلطان – كازاخستان)

أستانة حديثة نسبيًا، لكنها أصبحت مركزًا للإسلام في كازاخستان وآسيا الوسطى:

مسجد حضرة السلطان (Hazrat Sultan Mosque)
أكبر مسجد في كازاخستان وثاني أكبر مسجد في آسيا الوسطى.
يتسع لـ 10 آلاف مصلٍ، ويتميز بالعمارة الإسلامية المعاصرة.

المسجد المركزي نور سلطان (Nur-Astana Mosque)
أحد أكبر المساجد في المنطقة، يتميز بقبة ذهبية ومئذنتين عاليتين.

مركز المؤتمرات للحوار بين الأديان
تستضيف أستانة مؤتمرات "زعماء الأديان السماوية" لتعزيز الحوار الإسلامي-العالمي.

المؤسسات التعليمية الإسلامية
تحتضن معاهد إسلامية وجامعات شرعية تُعنى بتدريس الفقه واللغة العربية.

سمرقند تمثل التراث الإسلامي التاريخي العريق.
أستانة تمثل النهضة الإسلامية الحديثة في آسيا الوسطى.
الجمع بينهما يرمز إلى امتداد الحضارة الإسلامية من الماضي إلى الحاضر، وهو ما يعطي -في رأيي- زيارة جلالة الملك لأوزبكستان وكازاخستان قيمة روحية وسياسية مضاعفة.

وفي رأيي، بأن الاستقبال الأسطوري الذي جرى لجلالة سيدنا الملك عبد الله الثاني المعظم في سمرقند وأستانة، لم يكن مجرد بروتوكول، بل يعكس -في رأيي- معرفة وإدراكًا لأهمية الأردن، وبأنه شريك موثوق في العالم الإسلامي، ودولة تمتلك موقعًا جغرافيًا وسياسيًا قادرًا على الربط بين الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني الهاشمي كدولة مركزية في الشرق الأوسط، بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني المعظم، الحفيد الهاشمي الواحد والأربعين لرسولنا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

وتمثل الزيارة التاريخية لجلالة الملك عبد الله الثاني إلى كل من أوزبكستان وكازاخستان عمق الاحترام والتقدير لمكانة الأردن ودوره الإقليمي والدولي، بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني، سليل الدوحة الهاشمية.

وأقترح من الإدارات الجامعية أن تقوم بزيارات وتعاون مع الجامعات في هاتين الدولتين، وتشجيع الطلبة على الدراسة في جامعات هذه الدول وفي الأردن، وتقديم المنح لأعداد كبيرة من الطلبة من الجانبين، ومن المكاتب السياحية تنظيم رحلات سياحية بأسعار معقولة وموجهة للجميع في هذه الدول الإسلامية، وتشجيع السياحة الدينية بين الأردن وأوزبكستان وكازاخستان.

حمى الله الأردن قيادةً ووطنًا وشعبًا وجيشًا وأجهزة أمنية، بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني المعظم، وسمو الأمير الحسين ولي العهد الأمين.