في إطار الاحتفاء بالرموز العربية التي تركت بصمة خالدة في مسيرة التنمية والعمل الإنساني، يبرز معرض “طلال: تاريخ تقرأه الأجيال” والتي جسدت مسيره إنسانية تتجاوز الزمن كواحد من أبرز الفعاليات الثقافية التي تروي مسيرة الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود، رائد التنمية الإنسانية العالمية، وصاحب المبادرات الرائدة التي مست حياة الملايين في العالم العربي وخارجه.

انطلقت النسخة الأولى من المعرض عام 2020، متنقلاً بين الرياض والكويت والقاهرة، وصولاً إلى نسخته السادسة في الإسكندرية (عاصمة الثقافة العربيه 2025) يومي 8 و9 سبتمبر 2025، حيث فتح أبوابه للجمهور العربي بمكتبة الإسكندرية ليكون منبراً للإلهام ونقل التجارب الإنسانية للأجيال الجديدة.

يُشكّل المعرض تكريماً لمسيرة سمو الأمير طلال، الذي كرَّس حياته منذ ثمانينيات القرن الماضي لقضايا التنمية البشرية. في العام 1980 أسّس برنامج الخليج العربي للتنمية (أجفند) كأول منصة إقليمية متخصصة في مكافحة الفقر ودعم التعليم والرعاية الصحية، مع تركيز خاص على الأطفال والنساء في الدول النامية. ولم تقتصر مبادراته على النطاق الإقليمي، بل امتدت لتشمل تعاوناً دولياً مع هيئات أممية مثل اليونيسف واليونسكو، وشغل في هذا الإطار مناصب رفيعة كأول مبعوث أممي سامٍ لليونيسف ومن بعدها اليونسكو، ليكون بذلك نموذجاً للقيادة الإنسانية التي تجمع بين الرؤية والإنجاز.

وإيماناً منه بأن التنمية لا تكتمل إلا بالاعتراف بالإنجازات الميدانية، أطلق الأمير طلال جائزة أجفند الدولية للتنمية التي أصبحت مرجعاً عالمياً في تكريم المبادرات المبتكرة والمستدامة. وبذلك تحوّل فكره إلى مدرسة في “الخيرية الاستراتيجية” التي تتجاوز المساعدات التقليدية نحو بناء إنسان قادر على الاعتماد على ذاته.

يضم المعرض أحد عشر قسماً تستعرض صوراً ووثائق نادرة تروي مراحل حياة الأمير طلال منذ نشأته وحتى إنجازاته التنموية والإنسانية على المستوى العالمي، ليؤكد أن التاريخ ليس مجرد ذكريات بل دروس متجددة للأجيال.

إمتداد مسيرته ..
يواصل سمو الأمير عبدالعزيز بن طلال حمل هذا الإرث الإنساني بروح قيادية راسخة؛ فهو اليوم رئيس برنامج الخليج العربي للتنمية (أجفند) ورئيس المجلس العربي للطفولة والتنمية، واضعاً الشباب والطفولة والتنمية المستدامة والاستجابة الإنسانية في صلب أولوياته. تجسّد مبادراته وبرامجه التزاماً عميقاً بتمكين الإنسان وتوسيع أثر العمل التنموي، لتظل رسالة النهوض بالإنسان مستمرة ومتجسدة على أرض الواقع عبر أجيال من العطاء.

هذا، وجاءت النسخة السادسة من معرض الأمير طلال في مكتبة الإسكندرية متزامنة مع اليوم الدولي للعمل الخيري، واستضفت جلسات حوارية ومعروضات وثائقية، إلى جانب تكريم شخصيات بارزة أسهمت في دعم قضايا المرأة والطفولة والعمل الاجتماعي. وقد عززت هذه الفعاليات روح التقدير والوفاء لرمز من رموز العطاء الإنساني الدولي، وأكدت أن مسيرة الأمير طلال لا تزال تشكّل مصدر إلهام مستمر للمنطقة والعالم.

إن معرض "طلال: تاريخ تقرأه الأجيال" ليس مجرد حدث ثقافي، بل رسالة إنسانية تتجاوز الحدود؛ يروي قصة رجل آمن بأن التنمية طريق إلى العدالة الاجتماعية، وأن الاستثمار في الإنسان هو الأساس لبناء غد أفضل وأكثر إشراقاً. يعكس المعرض رؤية عمل مؤسسي راسخة وإنجازات ملموسة خدمت الأطفال والنساء والمجتمعات الفقيرة، فصار شاهداً على إرثٍ يواصل إلهام الأجيال.

ويواصل صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن طلال تعزيز هذا الإرث بروح قيادية متجددة، مترجماً القيم التنموية إلى مبادرات وبرامج عملية تواكب تحولات العصر. في ظل التحديات العالمية الراهنة، يعمل على ابتكار حلول مستدامة وتوسيع نطاق العمل الإنساني والتنموية، لضمان مستقبل واعد يمكّن الإنسان ويحفظ كرامته عبر الأجيال.