الأردن يقف اليوم أمام مفترق طرق اقتصادي واجتماعي، يتطلب الانتقال من الاعتماد على المساعدات والدعم الخارجي إلى بناء اقتصاد إنتاجي متنوع قادر على تحسين مستوى الفرد وتعزيز مكانة الوطن في محيطه.

تحسين الوضع المعيشي يبدأ بتنويع مصادر الدخل الوطني عبر تطوير قطاعات الصناعة، التكنولوجيا، والسياحة، إضافة إلى الاستثمار في الطاقة المتجددة. كما أن دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة وربط التعليم بسوق العمل يمثلان خطوة أساسية لتأهيل الشباب لفرص عمل حقيقية تضمن الاستقرار والكرامة.

الدبلوماسية الاقتصادية… دور السفارات
السفارات الأردنية في الخارج تعطي التسويق الوطني والترويج للأردن كوجهة سياحية واستثمارية أولوية في عملها، وتعمل على بناء جسور تواصل فعّالة مع الجاليات الأردنية لتسهم في رفد الاقتصاد الوطني. التفعيل الحقيقي لنشاطها سينعكس مردوده إيجابًا على الاقتصاد بشكل مباشر وغير مباشر.

الأهداف والميزانيات
من الضروري أن تعتمد الدولة على أهداف وميزانيات سنوية واضحة قابلة للقياس، يتم مراجعتها بشكل دوري للتأكد من سلامة التنفيذ واستمرارية المسار. هذه المراجعة الدورية تمنح المرونة وتعزز كفاءة التخطيط والمتابعة.

تشجيع الصناعة والتصنيع المحلي
النهوض بالاقتصاد يتطلب تقديم تسهيلات جادة وحقيقية للمستثمرين في قطاع الصناعة، بما يشمل الإعفاءات الجمركية والضريبية المدروسة، وتبسيط الإجراءات البيروقراطية، وتوفير البنية التحتية اللازمة. التركيز على دعم وتشجيع التصنيع المحلي لا يعني فقط تقليل الاستيراد، بل يعني أيضًا خلق فرص عمل، وزيادة القيمة المضافة، وتعزيز قدرة الأردن التنافسية في الأسواق الإقليمية والدولية.

التركيز على صناعة المركبات الكهربائية
الأردن يمتلك موقعًا جغرافيًا مميزًا وكفاءات بشرية مؤهلة تؤهله ليكون مركزًا إقليميًا لصناعة المركبات الكهربائية وتجميعها، خاصة مع تزايد الطلب العالمي على النقل الأخضر. الاستثمار في هذا القطاع يعني خلق آلاف فرص العمل، وتشجيع الصناعات المغذية (البطاريات، قطع الغيار، البرمجيات)، إضافة إلى تقليل الاعتماد على الوقود المستورد ودعم التوجه نحو بيئة نظيفة ومستدامة.

الحوكمة… من النظرية إلى التطبيق
الشفافية والمساءلة والعدالة ليست شعارات، بل أداة عملية إذا ما طُبقت بشكل جاد من خلال التحول الرقمي، الفوترة الإلكترونية، وربط المؤسسات الحكومية بأنظمة موحدة تضمن الشفافية والمساءلة وتحد من الفساد.

الأردن قادر على التقدم بخطوات واثقة إلى الأمام إذا جمع بين إصلاح اقتصادي واقعي، وحوكمة عملية، ودبلوماسية اقتصادية نشطة. ومن السابق لأوانه الحديث عن بناء مدن جديدة بطراز عصري قبل إصلاح وتطوير مدننا الحالية، فالحاجة ماسة إلى تحديث البنية التحتية، لتصبح بيئة جاذبة للسياحة والاستثمار، ومكانًا يليق بالمواطن والزائر على حد سواء .

وللحديث بقية ..

farramazen@hotmail.com