facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




خصائص المجتمع لتحديث الادارة والسياسات


أ.د. هيثم العقيلي المقابلة
01-10-2025 11:25 AM

هنالك توجه عام في الدول المتقدمة لدراسة خصائص كل مجتمع للتأثير في سلوكه و قراراته بما يخدم الادارة من خلال علم البصائر السلوكية و الذي يهدف لغرس عادات جديدة تساعد في ترشيد الاستهلاك و الالتزام بالقانون و رفع الرضا المجتمعي من خلال عملية تحفيز و حوافز. للمساهمة في هذا الجهد من خلال تخصصي فإنني اكتب سلسلة مقالات توضح اليات برمجة و اعادة برمجة العقل الباطن المسؤول عن العادات و السلوكيات و اتخاذ القرار الفردي المرتبط تلقائيا بالتجارب و الذكريات و العواطف و الاستدلالات المستمدة من العرف الاجتماعي.

كل فرد فينا هو ما يكرر فعله سواء في السلوك او العواطف او السمات اي اننا مجموعة او سلسلة من العادات و الروتين التي نكررها يومياً. لذلك فان النجاح و التسامح و قبول الاخر و الشجاعة و الكرم و الحفاظ على الممتلكات العامة و اتقان العمل و الابداع كلها عادات يمكن غرسها و تنميتها. سلسلة العادات اليومية التي نمارسها و التي تحدد من نحن هي برمجة العقل الباطن (اللاشعور) و التي حدثت من خلال سيالات و تشابكات عصبية و توازن في الناقلات العصبية في الدماغ.

بما أنّ الابحاث العلمية اتفقت على مرونة الدماغ و فعاليته في استحداث تشابكات عصبية تحل مكان التشابكات القديمة فإن العادات التي نحن هي ليست قدرية و نهائية بل نستطيع تغييرها و استحداث عادات جديدة و بالتالي ان ينتج نسخة افضل منا تجعل حياتنا اكثر ايجابية و متعة و اكثر عطاءا و احساساً بالمسؤولية و الالتزام.

ان الاستسلام للواقع و افتراض ان ما لا نرغبة في ذاتنا هو نهائي ليس الا تهرب من مسؤولية و جهد تغيير عادتنا الفردية و القاءا للمسؤولية على الظروف او المحيط او الاخرين و هو ما لا يليق بالإنسان الحر المؤمن بالنجاح و التطور و غرس الروح القتالية في ذاته وابنائه و محيطه للحصول على حياة افضل و اكثر عطاءاً و ابداعاً نقبل فيها الاخر و نؤمن بالحوار و ننبذ العنف و نؤمن بالانضباط و اتقان العمل بديلا للتواكل و التذمر و التشكي فالحياة اليومية هي سلسلة من الصراعات و التحديات التي ننتصر فيها دون ان نشعر و نصنع من انفسنا نسخ افضل او أسوء حسب اختيارنا الواعي.

اتفق علميا اننا جميعا نعيش بالبرمجة الدماغية التي تشكلت فينا في الطفولة في مرحلة ما قبل تشكل العقل الواعي (عمر 7 سنوات) و هذه شكلت عاداتنا اليومية و عواطفنا و ردود افعالنا و نظرتنا للحياة. لكن العلم الحديث اثبت انه يمكن اعادة برمجة العقل الباطن من خلال عقلنا الواعي و بالتالي تشكيل عادات جديدة تمثل نسخة جديدة منا.

نعم اعادة تشكيل عادات و عواطف و ردود افعال و سمات جديدة هي عملية صعبة في البداية و لكن من خلال التفكير الواعي و السلوك و التخيل و حديث الذات الايجابي هو ممكن ان توفرت الارادة و الرغبة و الطريقة المناسبة التي تتبنى منهجاً متوافقاً مع الفهم العلمي لاليات عمل الدماغ و تشكل التشابكات العصبية و التوازن الكيميائي داخله.

لنتذكر ان الارادة و الرغبة لا تشيخ كما يشيخ الجسد لذلك فإن اعادة تشكيل عادات جديدة تعيننا على حياتنا و تحولها الى نموذج اكثر تسامحا و اتقانا و عطاءا و ايجابية مقترن بالرغبة الحقيقية مصحوبا بالعزيمة و الثبات و المرونة بما تحمله من رفع التقدير الذاتي و مقاومة التردد و النهوض بعد الفشل في محطة بتغيير الاساليب و الادوات محافظين على الاهداف و القيم و اهمها احترام الذات.

ان برمجة العقل الباطن لانتاج عادات و روتين جديدة ليست محصورة فقط بالأفراد بل ايضا بالمجاميع و الشعوب و لكن تختلف الآلية فالاولى اختيار طوعي فردي لحياة افضل للفرد و اما الثانية فهي اختيار مؤسسات او حكومات لإنتاج نسخة افضل من الشعوب تكون اكثر ايجابية و تعتمد النقد البناء و ليس الانسياق وراء العواطف و الرغبات و المصالح قصيرة الامد. فالعقل الباطن يعمل من خلال مسارين رئيسيين الاول قائم على التهديد و الخوف فينتج الكورتيزول و الأدرنالين و ما يصاحبها من توتر و غضب و تشنج و قلق و اما المسار الثاني فقائم على المتعة و السعادة محركه الجائزة سواءا كانت مادية مثل المال او المعنويه مثل التقدير و الترقية و الشهرة و الانجاز و النجاح و التميز.

لذلك تتم برمجة العقل الباطن من خلال اختيار طوعي يقرره الفرد و يسير به لانتاج نسخة اكثر فعالية و ايجابية و انتاجية منه و اختيار قسري يحتاج لقوة المؤسسة او القانون او الدين او العرف الاجتماعي لتجنب افعال تضر بالمجتمع و اما الخيار الافضل برأيي لبرمجة المجاميع فهو قسري طوعي اي ان يتبع استحداث القوانين جوائز للملتزمين.

ليس ادل على الخيار الثاني و الثالث من قانون السير و المخالفات فما يمنع الافراد او جزء كبير منهم من القيادة غير المنضبطة هو عقوبات المخالفات المترتبة على ذلك لكن اذا اضيف بعد فترة مكافأة للملتزمين مثل تخفيض او حذف المخالفات او مكافآت اخرى فان تأثيرها في تعديل سلوك المجاميع يصبح اكثر فعالية مصاحبا له شعور بالرضا لا بل رغبة اعلى للالتزام و احترام اعلى للقانون.

اعادة البرمجة هذه تنطبق ايضا في ادارة المؤسسات لرفع انتاجية و التزام المرؤوسين و كذلك للزبائن و المراجعين لا بل يمكن اعادة انتاج الالية السابقة بطرق اخرى لبث روح ترشيد الاستهلاك في الطاقة و المياه و اعادة الامل للشباب و في تخفيض الجرائم و زيادة الرضا الشعبي فقط نحتاج وضع الالية المناسبة بناء على الأسس العلمية.

في المقالة القادمة سأركز على الخطوات التي تساعد الفرد في الاختيار الطوعي لتغيير عاداته و بالتالي ذاته لنسخة افضل و اكثر ايجابية خصوصا ان هذه تساعدنا في وضع خطط علاجية مخصصة في عملنا كأطباء كما انها فعالة في تغيير الافراد لحياة افضل قائمة على الرضا والاستمتاع بما هو متوفر و تعميق الانتماء لمجتمعهم و وطنهم و تعزيز الشعور بالثقة و الاطمئنان النفسي.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :